رغم ان نتيجة الاستفتاء الذي انتهي قبل أيام في السودان لم تعلن بعد ولن تعلن رسميا قبل أول يناير إلا اننا نستطيع ودون الحاجة لقراءة الغيب أن نؤكد ان الانفصال قادم لا محالة ونظرة علي وسائل الاعلام الأمريكية والإسرائيلية التي تابعت الاستفتاء ستؤكد لنا مدي السعادة التي يشعر بها الأمريكيون والاسرائيليون لاتمام الاستفتاء واستعدادهم للانفصال رغم عدم اعلان النتيجة والذي قد لا يعرفه الكثيرون ان الكثير من حكام اسرائيل السابقين منذ عهد بن جوريون تحدثوا عن ضرورة تقسيم السودان ضمن خطة تقسيم الكثير من الدول العربية فموشيه شاريت علي سبيل المثال قال في محضر اجتماع للمخابرات الاسرائيلية في منتصف الستينيات ان الحاجة ماسة لمساعدة الأقليات داخل الدول العربية علي الانفصال واقامة دويلات طائفية وعرقية داخل تلك المجتمعات بشرط أن تكون تلك الدويلات صديقة لاسرائيل وبالطبع لا يخفي علي أحد العلاقات الاستراتيجية التي تربط جنوب السودان بالكيان الصهيوني اليوم ولا العلاقات التي تربط الأكراد في شمال العراق بإسرائيل وقبل عدة سنوات أصدر الباحث في شئون المخابرات الاسرائيلي عوديد بن نون دراسة عنوانها "استراتيجية اسرائيل في التعايش" قال فيها ان مستقبل اسرائيل يكمن في تحويل المنطقة العربية الي مجموعة من الكيانات الصغيرة والدول القزمية التي تقوم علي اسس عرقية وطائفية ودينية ومذهبية وضرورة تغذية النزعات الانفصالية للأقليات في البلدان العربية باعتبار ان ذلك سيضفي علي الوجود الصهيوني في المنطقة شرعية سياسية واقليمية ودينية علي اعتبار ان اسرائيل دولة يهودية قامت علي اساس ديني ستكون جزءا من منطقة مليئة بالكيانات الدينية والدويلات الطائفية والقزمية والمذهبية. وانصافا للحق فإن اسرائيل ليست وحدها التي تسعي لتقسيم السودان فهناك الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب كله ان جاز التعبير وهم عندما اختاروا السودان كي تكون أول دولة عربية يتم تقسيمها في التاريخ العربي لم يختاروها اعتباطا بل لأن السودان وفق تقرير الأممالمتحدة هي أكبر دولة عربية وافريقية من حيث المساحة وهي رقم 10 من حيث أكبر الدول في العالم مساحة وبها من خيرات الله الكثير ومن خلال الدراسات اكتشف بالسودان مناجم يورانيوم كثيرة وآبار بترول ومناجم للذهب واكبر احتياطي مائي في العالم وذلك بخلاف التربية الحيوانية والأرض الخصبة والمراعي الكبيرة وكل ذلك بخلاف ما بها من نهري النيل الأبيض والأزرق وقد سبق وأعلنت جامعة الدول العربية عن مشروع لتحقيق التكامل العربي في المجال الزراعي عن طريق استغلال المساحات الشاسعة في السودان لزراعتها لتحقيق الاكتفاء الذاتي العربي في مجال الغلال والمحاصيل الزراعية وهو ما يعني قدرة العرب علي مواجهة أزمة الغذاء التي يستغلها الغرب افضل استغلال ولمن لا يصدق ان أمريكا تتزعم الداعين لتقسيم السودان العودة للتصريحات التي وردت علي لسان سكوت غريتشن المبعوث الأمريكي لدي السودان عن التقسيم وامكان أن يطال دارفور وشرق السودان بعد الجنوب مطالبا الحكومة السودانية بتحسين الأوضاع المعيشية واعتقال المسئولين عن جرائم قال انها ارتكبت هناك. وقال غريتشن ان الولاياتالمتحدة تعمل بشكل مكثف مع أعضاء المجتمع الدولي للتأكد من التطبيق الكامل لاتفاقية السلام التي تمكن الجنوب من الاختيار ما بين أن يستقل تماما أو الدخول في فيدرالية. أما بشأن الحديث عن تقسيم السودان لعدة دول فإن غريتشن وجه رسالة مباشرة للحكومة في الخرطوم مشيرا الي ان عليها أن تتأكد من احتواء مطالب الناس في دارفور ومناطق ابيي وبورسودان أي شرق السودان بوجه عام واضاف غريتشن أن هذا يفسر كيف ان اجتماعات الدوحة ودارفور مهمة للغاية لأنها توضح كيفية اقتسام السلطة والثروة وكيف سيتم تقاسم الكعكة وأشار غريتشن الي انه علي حكومة الخرطوم القيام بواجباتها بشأن تحسين أحوال المعيشة وتوفير الخدمات العامة واحترام حقوق الانسان وتوفير العدالة. وكان غريتشن قد أكدانه لا يجب ولا يمكن نسيان سكان دار فور نظرا لانشغال الجميع باستفتاء الجنوب مشيرا الي استمرار معاناة أهل دارفور دون حدوث تغيير كبير في أوضاعهم ومعاناتهم وقال ان هناك المزيد من العمل. ويكفي أن نشير الي بعض ما كتبه المحللون الصهاينة حول الاستفتاء حتي نعلم مدي الرغبة المحمومة لدي اسرائيل لتحقيق الانقسام في جنوب السودان حيث كتب تسيفي بارئيل في صحيفة ها آرتس ان نجاح الجنوبيين في الانفصال عن السودان يعني ان اسرائيل ستربح صديقاً جديداً في افريقيا صديقاً سيمنح تل أبيب الكثير من الامتيازات الجديدة في القارة الافريقية.