إذا كان الاستفتاء حول مصير جنوب السودان المرتقب إجراؤه يوم 9 يناير القادم.. لابد أن يجري لأن الرئيس السوداني عمر البشير قد أعطي وعداً بذلك. فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين قد أعطي وعداً كتابياً بالإنسحاب من هضبة الجولان السورية. وسلمه إلي الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون.. وقد عرف هذا الوعد باسم: "وديعة رابين"..! - فأين هي "وديعة رابين" الآن..؟!! *** - ولماذا يجري الاستفتاء في جنوب السودان علي حق تقرير المصير.. ولا يجريي استفتاء مثله في ولاية جامو وكشمير؟.. لاسيما أنه لا يوجد قرار واحد لمجلس الأمن الدولي يدعو إلي إجراء استفتاء في جنوب السودان.. بينما توجد 5 قرارات دولية لمجلس الأمن تشدد كلها علي ضرورة إجراء استفتاء عام ونزيه في ولاية جامو وكشمير تحت إشراف الأممالمتحدة. لتقرير مستقبل الولاية بناء علي رغبة سكانها. الذين من حقهم أن يختاروا بين الانضمام إلي الهند. أو إلي باكستان. أو تأسيس دولة مستقلة. - فإذا كان الاستفتاء في جنوب السودان لابد أن يجري. لأن اتفاق نيفاشا قد نص عليه.. فهل اتفاق نيفاشا أقوي من 5 قرارات لمجلس الأمن الدولي..؟! - وإذا كان الاستفتاء لابد أن يجري لأن الرئيس السوداني عمرالبشير قد وعد به.. فإن زعيم الهند ورئيس وزرائها جواهر لال نهرو قد أعطي عشرات الوعود بإجراء استفتاء عام ونزيه في ولاية جامو وكشمير تحت إشراف الأممالمتحدة لتقرير مستقبل الولاية بناء علي رغبة سكانها.. ثم تلاشت كل هذه الوعود. وبقي الاحتلال الهندي في كشمير جاسماً فوق 5 قرارات دولية..! *** - وللتذكرة سوف أنشر في هذه المساحة بعضا من وعود الزعيم جواهر لال نهرو.. التي نكصت بها الهند: 1- قال نهرو في البرقية رقم 402 التي بعث بها في 27 أكتوبر 1947 إلي كل من رئيس وزراء باكستان. ورئيس وزراء بريطانيا: "إن رأينا الذي أعلناه مراراً. هو ان مسألة ضم أي ولاية متنازع عليها. ينبغي أن يتم طبقا لرغبة شعبها. ونحن ملتزمون بهذا الرأي". 2- وقال نهرو في البرقية رقم 255 التي بعث بها في 31 أكتوبر 1947 إلي رئيس وزراء باكستان: "إن شعب كشمير هو الذي سيقرر مسألة الانضمام إلي سلطة أي من الدولتين".. "إن ترك القرار الخاص بمستقبل ولاية جامو وكشمير لشعب الولاية. ليس مجرد وعد لحكومتكم. وإنما أيضاً لشعب كشمير والعالم". 3- وقال نهرو في خطاب إلي الأمة. ألقاه يوم 2 نوفمبر 1947 عبر إذاعة عموم الهند: "إننا حريصون علي ألا نحسم أي شيء في لحظة أزمة. دون أن تتوفر لشعب كشمير الفرصة الكاملة كي يقول كلمته. فهو الذي سيقرر في نهاية المطاف.. وإنني لأعلنها صريحة إن السياسة التي التزمنا بها دائماً هي أنه في حال نشوب نزاع علي انضمام ولاية إلي سلطة إحدي الدولتين. فإن الانضمام ينبغي أن يقرره شعب تلك الولاية". 4- وقال نهرو في البرقية رقم 368 التي بعث بها في 21 نوفمبر 1947 إلي رئيس وزراء باكستان: "إن علي كشمير أن تفصل في مسألة الانضمام. عن طريق استفتاء عام يجري تحت إشراف دولي كإشراف الأممالمتحدة مثلاً". 5- وقال نهرو في بيان ألقاه يوم 25 نوفمبر 1947 أمام الجمعية التأسيسية الهندية: "إن القضية المثارة في كشمير هي: هل يتحدد مستقبل الولاية بالعنف والقوة الغاشمة. أم يتحدد بإرادة شعبها؟". 6- وقال نهرو في برقية بعث بها في 16 أغسطس 1950 إلي مبعوث الأممالمتحدة للهند وباكستان: "إننا لم نعارض في أي وقت إجراء استفتاء عام في الولاية بكاملها". 7- وقال نهرو في مؤتمر صحفي عقده في لندن يوم 16 يناير 1951: "لقد قبلنا منذ البدء بفكرة أن يقرر الشعب الكشميري مصيره من خلال الاستفتاء". 8- وقال نهرو في بيان ألقاه يوم 12 فبراير 1951 أمام البرلمان الهندي: "لقد قطعنا عهدا لشعب كشمير. وبالتالي للأمم المتحدة. وقفنا إلي جانبه. كما أننا نقف اليوم إلي جانبه.. دعوا شعب كشمير يقرر". 9- وقال نهرو في تقرير إلي لجنة حزب المؤتمر الهندي بتاريخ 6 يوليو 1951: "يبدو أن الناس تنسي أن كشمير ليست سلعة للبيع أو المقايضة.. إن لها هويتها القائمة بذاتها. وينبغي أن يكون لشعبها الكلمة الأخيرة في تقرير مستقبله". 10- وقال نهرو في خطاب ألقاه يوم 2 يناير 1952 بمدينة "كلكتا" الهندية: "لقد نقلنا القضية إلي الأممالمتحدة وأعطينا كلمة شرف بإيجاد حل سلمي.. ولأننا أمة عظيمة فإننا لا نستطيع التراجع عن هذه الكلمة.. لقد تركنا المسألة لشعب كشمير لإتخاذ القرار النهائي. ونحن مصممون علي الالتزام بهذا القرار". 11- وقال نهرو في بيان ألقاه أمام البرلمان الهندي يوم 26 يونيو 1952: "لو قال شعب كشمير. بعد إجراء استفتاء مناسب: إننا لا نريد أن نكون مع الهند. فإننا ملتزمون بقبول ذلك.. سوف نقبل ذلك علي الرغم من الألم الذي قد يسببه لنا هذا الأمر.. لن نرسل أي جيش ضدهم.. وسنقوم بتغيير الدستور لو تطلب الأمر ذلك". 12- وقال نهرو في بيان ألقاه أمام البرلمان الهندي يوم 7 أغسطس 1952: "أود أن أؤكد أن الشعب الكشميري وحده هو الذي يستطيع تقرير مستقبل كشمير". 13- وقال نهرو في بيان مشترك مع رئيس وزراء باكستان. عقب اجتماعهما في دلهي يوم 20 أغسطس 1953: "إن أنجح وسيلة للتأكد من رغبات الشعب. هي الاستفتاء النظيف والنزيه". 14- وقال نهرو في بيان ألقاه أمام البرلمان الهندي يوم 31 مارس 1955: "إن كشمير ليست شيئاً تتقاذفه الهند وباكستان. فكشمير لها روحها وهويتها الخاصة. ولا يمكن البت بشيء يخصها. دون موافقة شعب كشمير ورضاه". كل هذه الوعود الصريحة التي اعلنت أمام العالم كله. نكصت بها الهند.. ونسيها العالم.. وبقي الاحتلال الهندي لكشمير منذ عام 1947. يمارس كل يوم القتل والاغتصاب وانتهاك حقوق الإنسان.. ولا أحد يتكلم..!! - السؤال: لماذا..؟! - الإجابة: لأن سكان كشمير مسلمون..!!! *** اما لأن سكان جنوب السودان غير مسلمين.. وزعيمهم سيلفا كير يرحب بصداقة إسرائيل.. تصبح وعود البشير بشأنهم واجبة النفاذ..!! - فلماذا إذن تنفذ وعود البشير. ولا تنفذ وعود نهرو..؟؟!! *** إن الأجواء السياسية المحيطة بجنوب السودان الآن. تذكرنا بالأجواء السياسية التي أحاطت من قبل بكل من أفغانستان والعراق.. عندما كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية مندفعة في حالة طيش سياسي نحو غزو وتدمير الدولتين الإسلاميتين. بصرف النظر عن أية اعتبارات أخري تتعلق بالعدل والحق والسلم والأمن الدوليين. كانت الولاياتالمتحدة مصممة علي تدمير الدولتين وقتل وتشريد سكانهما.. مهما كانت النتائج التي سوف تترتب علي ذلك..!! هي الآن مصممة أيضاً علي فصل جنوب السودان عن شماله.. رغم ان ذلك سوف يؤدي حتماً إلي اشتعال حرب ضروس في المنطقة لن تنطفيء أبداً لعشرات السنين القادمة.. وسوف يكون الاستفتاء المرتقب في 9 يناير القادم بمثابة "عود الثقاب" الذي سيشعل نيران هذه الحرب..!! لقد قالت جريدة "التايمز البريطانية" الأسبوع الماضي: "عندما تعلن نتيجة الاستفتاء في جنوب السودان عن الانفصال.. فإن ذلك سيكون انتصاراً رائعاً لصندوق الاقتراع علي الرصاص"..!!! [email protected]