قبل أيام من هذا المشهد والخبر، كان هناك بعض من السودانيين الممثلين لجبهة تحرير الجنوب السوداني يذكرون لمراسلي الصحف في القاهرة أن الاستفتاء المرتقب في شمال السودان وجنوبه يوم التاسع من يناير القادم سوف يشهد نهاية محسومة لصالح انفصال جنوب السودان عن شماله في دولة جديدة! وأن الانفصال في 90% من نتائج الاستفتاء سيكون في صالح الانفصال! وكان هذا يعني عندي بالطبع أن الذين أعلنوا ذلك هم الأكثر دراية من الجميع «بشعاب مكة» أو التوقعات الذاهبة إلي اقرار الانفصال، وبعد ذلك أعلن عن وصول الرئيس مبارك ووزير خارجيته أحمد أبوالغيط إلي الخرطوم لمحادثات ضمت الرئيس مع الرئيس السوداني عمر البشير والرئيس الليبي معمر القذافي والرئيس الموريتاني ولد عبدالعزيز اضافة إلي مشاركة السيد «سيلفاكير» رئيس حكومة جنوب السودان والنائب الأول للرئيس السوداني ومع الصورة المنشورة للجميع في صدر جريدة «الأهرام» كان هناك موضوع محرر هو كل ما خرج إلي وسائل الاعلام فيما تعلق بمجريات الاجتماع وكان امتناعي قبل قراءة الموضوع أن الذاهبين إلي الخرطوم من الرؤساء قد ذهبوا يحاولون انقاذ ما يمكن انقاذه إن كان هناك ما بقي للانقاذ! فلما قرأت الموضوع المنشور وجدت ما فيه «تحصيل الحاصل» كما نقول ولا جديد أضيف! غير أن القمة التي انعقدت بحث «سبل استحقاقات السلام الشامل في جنوب السودان» وإجراء الاستفتاء في الجنوب في جو من السلام والهدوء والشفافية والمصداقية وبما يعكس ارادة شعب جنوب السودان في البقاء في اطار السودان الموحد، أو الانفصال السلمي، هي الارادة التي أكد القادة المشاركون في القمة ضرورة احترامها أيا كانت نتيجة الاستفتاء وقد أكد القادة الاربعة خلال أعمال القمة أن تكون نتيجة الاستفتاء إيجابية أيا كانت علي مستقبل السودان! ويذكر هذا الكلام بداية أن القادة الاربعة قد تراءي لهم ما هو أمامهم إلي يوم التاسع من يناير! دون أن يورد الموضوع أدني اشارة إلي أي حديث للسيد سيلفاكير الذي هو بالقطع أكثر المجتمعين معرفة بالقادم في الايام الباقية علي 9 يناير وما ستكون عليه نتيجة الاستفتاء! بما فيها ما يسبق ذلك من السلام الشامل من عدمه طالما أن هناك قوي في الجنوب مازالت تري في عدم مشاركتها في مفاوضات السلام الجارية في العاصمة القطرية خير ضمان لمستقبل دارفور والجنوب! فبدا هذا المنشور لي وكأنه تدشين مسبق لما سيكون عليه انفصال جنوب السودان عن شماله، وهو التقسيم الذي سيؤدي دون شك إلي دولة سودانية في الجنوب توالي الغرب وإسرائيل كذلك إذ ليس من السهل علي الدولة التي ستقوم في الجنوب أن تتنكر أو تتخلي عن موالاتها هذه، لتكون موالية مرتبطة بدولة السودان في الشمال وهي التي تحيط بها وبرئيسها الأزمات من كل جانب! أما الحديث فيما نشر عن الوشائح والروابط التي بين سودان الشمال وسودان الجنوب فإن الحفاظ عليها هي توصية من القادة الاربعة لا أظن أنها ستبقي! طالما أن دولة السودان الوليدة في الشمال مقتنعة بأن هناك في الشمال من استأثروا بكل خيرات السودان حتي النفط في شماله، وأن علي سودان الشمال أن تكون استحقاقات دولة الجنوب من خيرات هي الاستحقاق الأول والأهم! وقد لايكون هناك نزاع في المستقبل علي ذلك ولكن هذا ليس كل ما في الأمر! ولا يعادل كل ذلك أن يبقي السودان دولة واحدة، ولكن كما نري «ولا السودان داما»!