لقدكانت الهجرة من أعظم الأحداث التي حدثت في السيرة النبوية الشريفة فقد كانت نقطة البداية لبناء الدولة الإسلامية ولذلك أرَّخ عمر بن الخطاب رضي الله عنه "التاريخ الإسلامي" منب داية حادث الهجرة ولم يؤرِّخ من أي حدث آخر وذلك لأهمية هذا الحدث عند المسلمين ونحن اليوم نريد هجرة القلوب للمعاصي وهجرة الأبدان لمجالس السوء وهجرة العقول من الأفكار الضالة والمضلة إلي الأفكار النافعة الهداية نريد بالهجرة. أن نهجر السلبية إلي الإيجابية وأن يكون العام المقبل الجديد عام التوبة والاستيقاظ وأن نهجر الغفلة ونهجر الشحناء والبغضاء والحقد والحسد وأن نتقل من الاستهلاك إلي النتاج ومن مصاحبة الشيطان إلي مصاحبة الرحمن. وللهجرة معان نذكر منها: الأول: ترك ما نهي الله عنه ولذلك فقد بحث العلماء في فقه الأولويات عن: أيهما أولي وأفضل عند الله: ترك المناهي والمحرمات أم فعل الأوامر والطاعات؟ قال بعضهم: ترك المناهي أهم وأشد خطراً من فعل الأوامر. واستدلوا بالحديث الصحيح المتفق عليه. الذي ذكره النووي في أربعينه. وشرحه بن رجب في جامعه. وهو: "إذا نهيتكم عن شيء. فاجتنبوه. وإذا أمرتكم بأمر. فأتوا منه ما استطعتم".. قالوا: هذا يؤخذ منه أن النهي أشد من الأمر لأن النهي لم يرخص في ارتكاب شيء منه والأمر قيد بحسب الاستطاعة وروي هذا عن الإمام أحمد. ويشبه هذا قول بعضهم: أعمال البر يعملها البر والفاجر. وأما المعاصي. فلا يتركها إلا صديق. وروي عن أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال له: "اتق المحارم. تكن أعبد الناس" وقال الحسن: ما عبد العابدون بشيء أفضل من ترك ما نهامهم الله عنه ولذلك أوصي نفسي وإياكم بترك ما نهي الله عنه. والثاني: أهمية السيرة النبوية في التربية أعلم علمك الله أن للسيرة النبوية أثرا بالغا في تربية الأولاد والنشء ولذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم يقولون كنا نعلم أولادنا سيرة رسول الله كما نعلمهم الآية من القرآن ولذلك علمنا النبي صلي الله عليه وسلم وأمرنا أن نبلغ رسالته الطاهرة ومن رسالته الطاهرة سيرته العطرة فقال صلي الله عليه وسلم : "بلغوا عني ولو آية وحدثوا عني بني إسرائيل" وفي ذلك يرشدنا المولي عز وجل في قوله "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" ولذلك أحب أن أؤكد علي تعليم الأولاد السيرة النبوية الشريفة. الثالث: أهمية المسجد في الإسلام. أسس النبي صلي الله عليه وسلم الدولة الإسلامية بعد الهجرة مباشرة علي ثلاثة أسس: 1 بناء المسجد 2 المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار 3 التشريع الإسلامي والمعاهدة مع اليهود والمسجد في الإسلام له مكانة عظيمة لقد كان بمثابة مؤسسة تعليمية حيث كان الصحابة رضوان الله عليهم يتعلمون في المسجد من النبي صلي الله عليه وسلم ومؤسسة اقتصادية حيث إنهم كانوا يدرسون المشاكل الاقتصادية في المسجد وتوزع الصدقات في المسجد ومؤسسة عسكرية فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يجمع كبار الصحابة وقياداتهم ويتشاورون في أمور المسلمين العسكرية ثم يأتي الأمر بالخروج إلي الغزوة أو السرية من المسجد وكان المسجد مؤسسة اجتماعية فقد كان يعقد حفلات الزواج وحفلات الأعياد في المسجد.. إلي آخره. لذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم : "المسجد بيت كل تقي" وفي رواية "المساجد بيوت الأتقياء" وسئل شاب أبي ذر الغفاري رضي الله عنه فقال أوصني يا صاحب رسول الله. فقال يا بني كن عالماً أو متعلماً أو مستمعاً ولا تكن الرابع فتهلك يا نبي يكن المسجد بيتك فقد سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "المساجد بيوت الأتقياء". يؤكد ذلك قول الله تعالي "في بيوت أذن الله أن تُرفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله". سورة النور