أثارت دعوة حملة "تمرد" التي طالبت جموع الشعب المصري، الأسبوع الماضي، إلي نزول المواطنين إلي الشوارع وتشكيل لجان شعبية لحماية الممتلكات الخاصة، ردود فعل متباينة، بين مؤيد للفكرة ومعارض لها، وإن تسببت الدعوة في تخوف قطاع عريض من المواطنين من استهداف عناصر مخربة للمنازل والممتلكات الخاصة، وعزز قلق المواطنين مناشدة وزارة الداخلية المواطنين سرعة الإبلاغ عن أي جسم غريب يشتبه فيه. وكانت حملة "تمرد" دعت الشعب المصري إلي النزول الجمعة الماضية أمام المنازل وتشكيل لجان شعبية، وذلك عبر دعوة أطلقها منسقها محمود بدر في رسالة أذيعت عبر التليفزيون المصري. المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية ل"آخرساعة": مجموعات من المباحث الجنائية تُؤمن الشوارع الوزارة تناشد المواطنين الإبلاغ عن أي جسم غريب وقالت الحملة، في بيان لها، "إن هذه اللحظات العصيبة التي تمر بالوطن الغالي، تحتم علي الجميع أن يبقوا صفاً واحداً، مسلمين ومسيحين، شباباً وبنات، رجالاً ونساءً، من أجل حماية مصر، وحماية الثورة، ودفاعاً عن مستقبل أبنائنا ضد الإرهاب وقوي الظلام التي تريد جرنا للخلف قروناً سحيقة". وأضاف البيان: "ومن باب ثقتنا في أن الشعب المصري، قادر دائماً علي فرض إرادته الحرة، وأنه لا يوجد أبداً من هو قادر علي لي ذراع المصري، ندعو المواطنين إلي تشكيل لجان شعبية، والتواجد المكثف في كل شارع وكل حي، وذلك لحماية بيوتنا ومساجدنا وكنائسنا ووطننا الغالي مصر، حاملين أعلام الوطن تحت بيوتنا، مؤكدين رفضنا التام للإرهاب الداخلي، والتدخل الأجنبي السافر في شؤوننا، مع كامل الالتزام بمواعيد حظر التجول. وفي حين أعلنت جبهة "الإنقاذ الوطني" دعمها دعوة "تمرد"، وقالت في بيان لها، "سنخرج مع ملايين المصريين في لجان شعبية بكل المدن والقري والنجوع لحماية أنفسنا، ووطننا، وممتلكاتنا العامة والخاصة"، طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر رئيس جامعة الأزهر الأسبق الدكتور أحمد عمر هاشم، المصريين جميعاً بوحدة الصف والتعاون جميعاً علي قلب رجل واحد وتوحيد صفوفهم لحقن أي دماء للمصريين وللعمل من أجل أمن واستقرار بلدهم، مؤكداً أن الله سبحانه وتعالي حافظ لمصر وشعبها، كما ناشد خلال خطبة الجمعة الماضية التي ألقاها من مسجد التلفزيون، أبناء مصر وبخاصة الشباب تكوين لجان شعبية لحماية مصر والحفاظ علي أمنها. وعلي النقيض، رفضت حركة شباب 6" إبريل" التي أسسها أحمد ماهر، الدعوة ووصفتها ب"العبثية والحمقاء"، وتابعت عبر صفحتها الرسمية علي موقع "فيسبوك": إن هذه الدعوة تجر البلاد لمواجهات بين أبناء الوطن الواحد وتغض الطرف عن ضرورة مواجهتها عن طريق القوات النظامية في إطار الدستور والقانون. في السياق ذاته، أكدت حركة "أحرار" أن "دعوة المتحدث باسم حركة "تمرد" للنزول إلي الشوارع وتحريضه المبطن علي الاقتتال الشعبي يبين أنه يتحرك بعقلية عسكرية وبتوجيه أمني مباشر، ولا ننسي تصريحات "طنطاوي" بعد أحداث بورسعيد في دعوته للشعب للمشاركة في مواجهة بعضه بعضاً. وعلي الوتيرة ذاتها، رفض حزب "مصر القوية" ما وصفه بالدعوات التي صدرت من بعض الأطراف للشعب لعمل لجان شعبية وطالب الدولة بتحمل مسؤوليتها كاملة وحماية المواطنين والحفاظ علي دور العبادة والمنشآت مِمَنْ يحمل السلاح ويهدد السلم الاجتماعي بالعنف. وأكد الحزب علي أن مشاركته السلمية في أي تظاهرات ستكون ضد تدخل المؤسسة العسكرية في السياسية وقانون الطوارئ وضد أي مسؤول عن إراقة دماء الشهداء من مواطينين عزل وجنود راحوا ضحية الصراع السياسي. سلميتنا هي صيحة لوقف دماء المصريين الأبرياء التي سالت. ميدانياً، عكست الصورة التي بدت عليها مناطق عدة في القاهرة والمحافظات، وبخاصة الأحياء الشعبية فيها، استجابة مواطنيها إلي حد كبير لدعوة "تمرد"، إذ تجمع العشرات بالعصي والأسلحة البيضاء، أمام المنازل ووضعوا العوائق في مداخل الشوارع المؤدية إليها، تحسباً لأي هجوم محتمل ينفذه مخربون. وعبر مواطنون عن قلقهم من تنفيذ مسلحين أو مخربين لأعمال عنف وسرقة ونهب، في ظل ماتشهده البلاد من اشتباكات بين قوات الأمن المدعومة بقوات من الجيش وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، وبدا ميدان التحرير شبه خال من النشاط التجاري، حيث فضل عدد كبير من أصحاب المحال التجارية إغلاقها، والاكتفاء في بعض الأحيان بالجلوس أمام أبوابها الموصدة خشية مهاجمتها من قبل أي عناصر تخريبية. المشهد ذاته تكرر في حي المهندسين بمحافظة الجيزة، حيث أغلقت معظم المحال أبوابها في شارع شهاب التجاري، باستثناء عدد من الأكشاك الصغيرة، وعدد قليل من المحال المتخصصة في بيع الملابس. وقال جابر زين (صاحب محل ملابس): نضطر لفتح المحل في ساعات الصباح فقط، والالتزام بساعات حظر التجول التي تبدأ في الساعة السابعة، مؤكداً أنه مُني بخسائر كبيرة منذ توتر الأوضاع في البلاد، عقب فض اعتصامي أنصار الإخوان في ميداني "رابعة العدوية" و"النهضة"، حيث تراجعت حركة البيع والشراء، بشكل ملحوظ. أما شارع الملك فيصل بحي الهرم، فبدا هو الآخر خالياً رغم اشتهاره بالازدحام المروري، كونه مكتظاً بالسكان وكذا وجود عدد كبير من المحال متعددة الأنشطة التجارية، وقال أحد المواطنين ويدعي إسلام عبدالحميد (53 عاماً): المواصلات غير متوافرة وبخاصة الميكروباص لتخوف السائقين من التعرض لأي مضايقات من اللجان الشعبية المتواجدة علي مسافات متقاربة، أما إغلاق معظم المحالات التجارية فتسبب في نقص كبير في السلع، والمحلات التي فتحت أبوابها رفعت الأسعار بنسبة كبيرة. أزمة المواصلات عبر عنها محمد سعيد (سائق ميكروباص بالجيزة) حيث أكد أن اختفاء الميكروباص من عدد كبير من الشوارع، سببه خوف السائقين علي سياراتهم حال حدوث اشتباكات ميدانية في الشوارع لأي سبب، لذا يفضل البعض عدم العمل إلي حين استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد، إلي جانب أنهم بطبيعة الحال يتوقفون عن النزول إلي الشارع بسياراتهم مع بدء ساعات حظر التجول في السابعة مساءً. وعلي صعيد ذي صلة، سرت موجة تخوفات في الشارع المصري مع مناشدة وزارة الداخلية للمواطنين ضرورة الإبلاغ الفوري عن أي جسم غريب يتم رصده، وفسر مواطنون هذه الدعوات من "الداخلية" و"تمرد" علي وجود معلومات بتنفيذ مخربين مسلحين لعمليات تخريب أو تفجير لبنايات أو حرق لسيارات أو أية ممتلكات خاصة عموماً. من جانبها أكدت وزارة الداخلية علي أنه في ظل استهداف بعض المنشآت الحكومية والشرطية بالعديد من المحافظات باعتداءات إرهابية، والمحاولات لاقتحامها وإضرام النيران بها والاستيلاء علي ما بداخلها من أسلحة، والتعدي علي القوات المكلفة بتأمينها، وقطع الطرق بقصد إشاعة حالة من الفوضي في البلاد، وإنفاذاً لما خوَّله القانون لرجال الضبط من استخدام الوسائل الكافية لتأمين مقدرات الوطن ودرء الاعتداء علي الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، فقد أصدرت الوزارة توجيهاتها لكافة القوات باستخدام الذخيرة الحية في مواجهة أية اعتداءات علي المنشآت أو القوات في إطار ضوابط استخدام حق الدفاع الشرعي. وأكدت الوزارة في بيان رسمي لها، الخميس الماضي، أنه تم دعم كافة القوات المكلفة بتأمين وحماية تلك المنشآت بالأسلحة والذخائر اللازمة لردع أي اعتداء قد يستهدفها، مشيرة إلي أنها علي ثقة تامة في قدرة رجالها علي مواجهة تلك الاعتداءات وفرض الاستقرار الأمني في كافة ربوع الوطن. وشددت الوزارة علي استمرارها في ملاحقة كل من شارك في أية اعتداءات طالت القوات أو المنشآت حتي ينال عقابه، محذرة في الوقت نفسه كل من تُسوِّل له نفسه محاولة العبث بأمن الوطن ومقدراته، بأنه سيتم مواجهته بكل حزم وحسم وفقاً للقانون. في الأثناء، تم العثور علي عبوة ناسفة بكنيسة في طنطا بمحافظة الغربية، حيث شاهد أحد الأهالي بمنطقة القنطرة بحي أول طنطا أحد الأشخاص يضع "كرتونة" بجوار الكنيسة اليونانية وعلي الفور قام بإبلاغ الأجهزة الأمنية، فانتقل ضباط البحث الجنائي وقوة من قسم المفرقعات، وتبين وجود جسم غريب بجوار الكنيسة المذكورة، وتبين أنه جسم غريب يشتبه في أن يكون قنبلة، وتم علي الفور التعامل معها وإبطال مفعولها. إلي ذلك، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء هاني عبداللطيف، أن هناك تنسيقاً كاملاً بين الشرطة والقوات المسلحة لحماية المنشآت الشرطية والهامة، وقال في تصريحات ل"آخرساعة" إن هناك مجموعات عمل مُشكلة من المباحث الجنائية مهمتها المرور علي الشوارع لتأمينها، وهي مسلحة بالذخيرة الحية وجاهزة للتعامل مع أية عناصر إجرامية، معتبراً أن نزول المواطنين في لجان شعبية أسفل منازلهم وممتلكاتهم لحمايتها، يأتي في إطار "الأمن الشخصي" فقط، رافضاً تشكيل لجان مماثلة في الشوارع، وبخاصة في ساعات حظر التجول. من جانبه، توقع الخبير الأمني مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء مجدي البسيوني، محاولة أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي والجماعات المسلحة المتعاطفة مع جماعة الإخوان، استهداف ممتلكات خاصة مثل البنايات السكنية والسيارات، لنشر الفوضي في البلاد عبر الاندساس وسط جموع الناس وتنفيذ عمليات تخريب، بهدف بث الرعب في قلوب المواطنين وتفشيل الأمن وتعجيزه، وقال ل"آخرساعة" إن حماية المواطنين لممتلكاتهم الخاصة أمر طبيعي، وهو مسألة شخصية تندرج تحت حماية الممتلكات الخاصة مثل المنازل والجراجات والسيارات والمحال التجارية.. إلخ، مثلما حدث إبان ثورة يناير 1102 لكن لا يجب أن يتم تنفيذ لجان شعبية في الشوارع، بل تُترك هذه المهمة لقوات الأمن.