سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تحديات داخلية وخارجية في ولايته الثانية: أوباما وسط نيران الجمهوريين وملفات الشرق الأوسط
دعوة لتهدئة الصراع الحزبي بين الجمهوريين والديمقراطيين
وعود بنهاية الحروب والسير في طريق الديمقراطية ودعم الحريات
قرارات أكثر جرأة لعدم ترشحه للرئاسة مرة أخري
أوباما ىلقى خطاب أمام الأمرىكىىن عام 2009 بمراسم تنصيب أقل بريقاً عما كانت عليه عند توليه الرئاسة عام 2009 عندما أتي كأول رئيس أمريكي أسود إلي البيت الأبيض رافعاً شعار الأمل والتغيير، بدأ باراك أوباما ولايته الثانية بدعوة حماسية عقب حلفه اليمين الأسبوع المنصرم معلناً انتهاء عقد الحروب، رغم ما يواجه من تحديات وملفات شائكة داخلياً وخارجياً قد تقف حجر عثرة أمامه تعوقه من تحقيق وعوده مجدداً مثلما اعترضت سبيله خلال ولايته الأولي خاصة تلك المتعلقة بالبطالة ومشاكل منافسيه الجمهوريين الذين لايزالون يتحفظون بمعاقلهم في الكونجرس، والملف الإيراني والسوري فضلاً عن الانسحاب من أفغانستان وعودة روسيا للعب دورها في النظام العالمي الجديد، وصراعات الشرق الأوسط. من أمام مبني الكابيتول، وبالتحديد من داخل مبني الكونجرس الأمريكي، أدي أوباما اليمين لتولي فترة ثانية في مراسم تقليدية، أقل مما كانت عليه خلال حفل تنصيبه لأول مرة عام 2009 كرئيس للولايات المتحدة. وبالرغم من الانخفاض الملحوظ في أعداد الأمريكيين الذين أتوا من مختلف الولايات لحضور لحظة تنصيبه، إلا أنه احتفظ بأكبر نسبة حضور في التاريخ الأمريكي لمراسم تنصيب رئيس. ووصل الرئيس الديمقراطي إلي البيت الأبيض للمرة الثانية، بعد تغلبه علي منافسه الجمهوري ميت رومني في 7 نوفمبر الماضي، وحصوله علي تأييد شعبي بنسبة 51٪ بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية. وتولي أوباما مهامه خلال أسوأ أزمة اقتصادية منذ الثلاثينيات. وإذا ما تحسن الوضع تدريجياً، لا يزال علي الرئيس الديمقراطي أن يواجه عدة ملفات شائكة، خصوصا تلك المتعلقة بالموازنة، في حين حافظ خصومه الجمهوريون علي مواقع قوتهم في الكونجرس. وكان أوباما قد سجل إنجازات عدة خلال الفترة الأولي مثل قانون إصلاح الرعاية الصحية، ومقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة. وبعكس خطاب التنصيب عام 2009 والذي تضمن سياسات محددة للولاية الأولي، جاء خطابه للولاية الثانية مقتضباً مكتفياً بخطوط عريضة دون الدخول في تفاصيل قد تضعه في مواجهة مع الجمهوريين. فمعدل البطالة المرتفع والمعارك السياسية المريرة وحملة إعادة انتخابه التي تسببت في انقسام بين الأمريكيين، كلها عوامل أثرت علي روح التفاؤل والأمل التي استهل بها أوباما رئاسته عام 2009 بعد فوز انتخابي ساحق. ورد أوباما في معرض كلمته علي مطالب الناخبين بأولوية القضايا لدي إدارته، وهي الإصلاح الاقتصادي والتعليم وإنهاء الحروب الخارجية والاهتمام بقضايا البيئة والإبقاء علي تحالفات أمريكا الخارجية في الأمريكيتين وآسيا والشرق الأوسط، والتمسك أولاً بالخيار السلمي. واستخدم أوباما في كلمته الكثير من الكلمات الافتتاحية للدستور الأمريكي الذي خطه توماس جفرسون وزملاؤه بعد الاستقلال، مخاطباً الأمريكيين "بنحن الشعب" فرد عليه مئات الآلاف من الحضور بالهتاف باسمه ملوحين بأكثر من نصف مليون علم في مشهد ألهب حماسة الجميع فقاطعوه هتافاً أكثر من مرة. ودعا الرئيس الديمقراطي إلي نبذ الضغينة الحزبية ووضع حد للتعصب الحزبي بين الجمهوريين والديمقراطيين، الذي بات واضحاً من خلال معارك مريرة بشأن تمرير القوانين خاصة تلك المتعلقة بالاقتصاد. وأكد ديفيد بلوف، كبير مستشاري أوباما، أن الرئيس سيدعو كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري للتعاون من أجل مواجهة التحديات الكبري التي تواجه البلاد في الفترة الثانية مثل البطالة وخفض العجز، وإصلاح قوانين الهجرة، الذي يلبي طموحات الأقليات التي منحته صوتها في الانتخابات. كما تحدث عن مكافحة التغيير المناخي، وتقليل الاعتماد علي النفط. وتبرز التحديات الخارجية التي تواجه أوباما خلال ولايته الثانية، اختباراً جديدا له، في ظل ما يشهده العالم من تحولات. ولهذا أكد أوباما في خطابه علي أن إدارته ستحافظ علي تحالفات قوية في جميع أنحاء العالم، معتبراً أن البلد الأقوي له مصلحة في عالم يعيش بسلام، ولأن مصالح واشنطن تجبرهم علي العمل نيابة عن هؤلاء الذين يتشوقون للحرية، فإنه سيواصل دعم الديمقراطية من آسيا إلي أفريقيا ومن الأمريكيتين إلي الشرق الأوسط. كما أعلن قرب نهاية عقد الحروب الخارجية، حيث قال إن بلاده تتخطي الأزمة الاقتصادية والحربين في العراق وأفغانستان اللتين كانت القوات الأمريكية منغمسة فيهما عندما تولي منصبه قبل أربع سنوات. ويبدو أن اختيار السيناتور جون كيري لمنصب وزارة الخارجية، سيكون خطوة علي مواجهة تلك التحديات، فالرجل خبر الشرق الأوسط من خلال عدة زيارات قام بها، وهو الذي دعا إلي تسليح المعارضة السورية، وتشكيل منطقة عازلة، وكانت له مواقف مؤيدة لتدخل حلف شمال الأطلسي "الناتو" بعملية عسكرية. ويري محللون سياسيون، أن سياسة واشنطن الخارجية أثناء ولاية أوباما الثانية لن تشهد تغيراً عن الأربع سنوات المنصرمة وأنها ستكون حريصة علي ألا تنخرط في نزاعات إقليمية. وأولها الملف الإيراني، الذي فشلت فيه كل الضغوط الأمريكية في منع طهران من تخصيب اليورانيوم وامتلاك سلاح نووي. حيث حرص أوباما منذ دخوله البيت الأبيض للمرة الأولي، وحتي في حملته الانتخابية للولاية الثانية علي تأكيد موقفه في عدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي، وأن جميع الاحتمالات في الملف الإيراني مطروحة علي الطاولة، بما فيها التلويح بالتدخل العسكري، وفرض العقوبات الاقتصادية علي طهران، لدفع الأخيرة إلي الجلوس علي طاولة المفاوضات. وبرغم من ذلك إلا أنه دائماً كان يبدي رغبته في حل القضية بالحوار. وفي ظل استبعاد الخيار العسكري ضدها بسبب المخاوف من نتائجه. ستسعي واشنطن إلي إطلاق مفاوضات جدية مع طهران، ما قد يضع أوباما في مسار صدام، ليس فقط مع، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بل مع نفتالي بينت زعيم حزب البيت اليهودي الصاعد أيضاً. وسيكون البند الأول في جدول أعمال العلاقات الأمريكية الإسرائيلية هو طهران وبرنامجها النووي. من أبرز التحديات التي سوف يواجهها الرئيس الأمريكي في الولاية الثانية المحاولة مجدداً لتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. بعد أن أخفقت الإدارة الأمريكية في تحريك ملف المفاوضات، لا سيما أن أوباما لم يفلح في السابق في الوقوف بوجه مطامع حكومة نتنياهو الاستيطانية، التي تظهر استطلاعات الرأي الإسرائيلية أنها قد تعود مجدداً إلي سدة الحكم، خاصة مع وجود توتر في العلاقات بينهما. ومن الأمثلة علي هذا التوتر، تصريحات أوباما عام 2011 بأن حل القضية الفلسطينية لابد أن يكون علي أساس حدود عام 1967 وهي التصريحات التي رد عليها نتنياهو، في نفس العام أثناء زيارته للبيت الأبيض، وهو يجلس بجانب أوباما. وخلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أبدي نتنياهو دعمه، وبشكل غير مباشر، للمرشح الجمهوري رومني. وتثار التساؤلات الآن حول ما إذا كان التوتر بين الزعيمين سيستمر في الفترة الرئاسية الثانية. وتعد التطورات التي تشهدها دول الربيع العربي من أهم القضايا التي تحظي بمتابعة واهتمام الإدارة الأمريكية، وبخاصة الثورة السورية، حيث إن هناك ترقبا حول ما يمكن أن يقدم عليه أوباما في تلك الأزمة، نظراً لعدم وجود مبادرات بالقدر الكافي تجاه الأزمة خلال فترة ولايته الأولي. فهناك مخاوف تسيطر علي واشنطن حول إمكانية استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي، واستمرار نزيف الدم السوري، الذي يدفع بالمزيد من السوريين للجوء إلي دول الجوار. وتزداد مخاوف أوباما في الملف السوري بسبب موقف كل من روسيا والصين في مجلس الأمن الرافض لأي تدخل خارجي في الشأن السوري. كما أن واشنطن ستبقي عاجزة أمام سيناريوهات التدخل العسكري المباشر في سوريا، الذي من شأنه أن يدخل المنطقة والعالم في حروب لا نهاية لها. وبشأن دول الشرق الأوسط ودول الربيع العربي، تعمل الإدارة الأمريكية الآن علي التأكيد بضرورة عدم التراجع عن خطوات الإصلاح الديمقراطي، والعمل علي تطبيق وعود الإصلاح، واحترام حقوق الإنسان والحريات. كما تؤكد علي دعمها لتلك الدول، ومحاولة منع انتشار الإرهاب من قبل تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة. ويبدو أن أوباما سيكون أكثر جرأة وقوة في قراراته خلال ولايته الثانية ليس فقط لاكتسابه الكثير من الخبرات السياسية في الأربع سنوات المنصرمة بل لأنها الفترة الثانية والأخيرة ولا يحتاج إلي الترشح للانتخابات مرة أخري.