اختيار موضوع الكتاب فن رفيع قد يفتقده بعضنا، فمحتويات الكتاب الذي ستشتريه ومايحتضنه من معلومات بين غلافيه له أثر كبير في تكوين شخصيتك ونضوجك الفكري ودرجة ثقافتك واستنارتك، وهناك فرق بين العلم والثقافة، الأول مجرد ولا وطن له، وتستطيع استيعابه من الكتب المدرسية أو الجامعية المقررة في أي بلد، أما الثقافة فهي بنت البيئة، والبيئة الإسلامية التي ننتمي إليها في العالم العربي الإسلامي ترفض الخرافات، والسحر، والتنبؤات، والاحتمالات التي تؤذي العقول بما تحمله لنا من جراثيم فكرية وأوبئة ثقافية تضرب هذا الفكر في مقتل، وما يتعلق بالكتب ينسحب علي البرامج والمسلسلات والأفلام الهابطة التي تخدر العقل وتجرفه إلي الحضيض والتفاهة! والإمام محمد عبده من أفضل هذه الكوكبة الصالحة التي أضاءت لنا الطريق، بعد أن حذر من هذه الكتب الرديئة التي تؤذي من يشتريها أو يقتنيها بسبب سوء اختياره فيصفها بقوله: »كتب الأكاذيب الصرفة وهي مايذكر فيها تاريخ أقوام علي غير الواقع.. ومنها كتب الخرافات، وهي تارة تبحث عن نسبة بعض الكائنات إلي الأرواح الشريرة المعبر عنها »بالعفاريت« وتارة تتكلم في ارتباط الحوادث الجوية والآثار الكونية ببعض الأسباب التي لامناسبة بينها وبين مازعموه ناشئا عنها، وتارة تثبت ما لا يقبله العقل ولا ينطبق علي قواعد الشرع الشريف«! لكن للأسف الشديد تجد في مجتمعاتنا العربية والإسلامية كثيرا من الناس وقد بلغوا درجات علمية رفيعة، لكنهم يؤمنون بالسحر والخرافات والأعمال السفلية (والعياذ بالله) ويذهبون إلي الدجالين والنصابين الذي يسحبون أموالهم بالكذب والشعوذة والخداع، بل هناك من المثقفين من يقصدون هذه الفئة المنحطة طلبا للعلاج أو لمعرفة الطالع وقراءة الفنجان! الإسلام دين العلم والثقافة، ولكن خذها من مصادرها الصحيحة، وصحة الفكر واستقامته تتوقف علي ذكاء صاحبه في تنقية شوائبه والتفرقة بين (الغث).. و(السمين)!!