واقعة طريفة كانت عنوانا لملف يتضخم باستمرار في مصر، حيث احتار ضابط الشرطة في أحد أحياء القاهرة الشعبية في أمر جارين، عندما اكتشف أن سر العراك الذي نشب بينهما سببه تلطيخ الجار الجديد جانبا من حائط جاره القديم بخمسة أصابع من دم خروف، طردا للشياطين ودفعا لعين «الحسود» عن البيت الجديد. والملف لا يقتصر على مصر وحدها، بل تشاركها فيه بقيةدول العالم ، وهو ملف «الخرافات والشعوذة والجدل»، وتشير إحصاءات الباحثين إلى أن ۷۰ في المائة من المصريين يؤمنون بالخرافات، بل وينفقون مليارات الجنيهات سنويا على الدجالين والمشعوذين. وأكدت دراسة علمية، أن بعض المصريين الذين يؤمنون بالخرافات، والدجل، وأساليب مكافحة الحسد الشعبية وغيرها، أنفقوا قرابة ۱۰ مليارات جنيه عام ۲۰۰3، على الدجالين والمشعوذين، الذين يلجأون إليهم بهدف إخراج «جن»، أو «فك عمل»، أو عمل «حجاب»، يقي صاحبه شرا ما، وهو ما يشير بدوره لارتفاع هذا الرقم في السنوات اللاحقة. وقالت الدراسة التي أعدها المركز القومي المصري للبحوث الاجتماعية والجنائية، أواخر عام ۲۰۰3، إن هناك قرابة 3۰۰ ألف شخص، يعملون في مجال الدجل والشعوذة، نتيجة استمرار اعتقاد الكثير من الأسر في دور هؤلاء الدجالين في حل الكثير من المشكلات المستعصية، مثل تأخر سن الزواج، أو عدم الإنجاب، والعقم، أو فك السحر، وأن كم الخرافات، والخزعبلات، التي تتحكم في سلوك المصريين، تصل إلى ۲۷۴ خرافة. وجاء في الدراسة أن زيادة أعداد الدجالين، يتناسب مع زيادة عدد من يؤمنون بهذه الخرافات، ومنهم متعلمون وذوو ثقافات رفيعة، حتى إن هناك دجالا لكل ۲۴۰ مصريا، للعلاج من «الجن»، أو «كشف المستور»، وغير ذلك من لغات السحرة والمشعوذين، وأن ۵۰ في المائة تقريبا من نساء مصر، يعتقدن في أمور الدجل، وأنهن أكثر من يلجأن إليهم. ويؤكد الدكتور محمود عبد الرحمن حمودة، أستاذ الطب النفسي، بجامعة الأزهر، في حديث لمجلة «المصور» الحكومية، أن ارتفاع نسبة المؤمنين بقدرة المشعوذين على حل مشكلاتهم، وشيوع المعتقدات الخاطئة بين المصريين، تتجاوز ۷۰ في المائة، مما يعكس عدم رغبة الكثيرين في إجهاد عقولهم بالتفكير والتدبر، في شأن الموروثات والخرافات القديمة. وتسود في مصر والدول العربية، خرافات كثيرة، ناتجة عن موروثات شعبية عتيقة، لا علاقة لها بالحقيقة، ويزيدها انتشارا ظهور حالات غريبة في القرى والأرياف، مثل حرائق منازل من غير مبرر حسب ما تقول صحف حكومية ومستقلة. ومن أبرز هذه المعتقدات، وأطرفها، ما يقال عن أن «الكنس» ليلا، أو إلقاء مياه ساخنة في البالوعات، يزعج الجان، وأن اللعب بالمقص ليلاً، فأل سيء يجلب الخناقات الزوجية.