خمس سنوات هو الزمن الذي استغرقته الزميلة " ثناء رستم نائب رئيس تحرير مجلة آخرساعة في إعداد كتابها " أئمة الخفاء في الأديان" الذي صدر منذ أيام قليلة عن دار "الآفاق العربية". تتبعت الكاتبة خلال العمل سيرة أشخاص كان لهم التأثير الروحي الكبير علي أتباعهم في الديانات الثلاث: الإسلام، والمسيحية، واليهودية، فظلت أفكارهم تحكم وتتحكم في سلوك مئات الآلاف من بشر آمنوا بهم ومضوا خلفهم غير عابئين بمنطق ولا مهتمين بما تسببه هذه الأفكار من تصادم مع النصوص الدينية أو السياق الطبيعي للحياة. ابتعدت الكاتبة عن تقييم هؤلاء الأشخاص الذين وصفتهم بالاستثنائيين والعباقرة، وفضلت أن ترصد بعين الكاميرا رحلة صعودهم واهتمت بتفاصيل صغيرة كان لها الفضل في بناء وجدانهم وصياغة عالمهم الفكري المختلف والجاذب. قسمت الكاتبة عملها إلي أربعة فصول كان أولها " أئمة الخفاء في الإسلام وهم إبليس والخوارج، عبد الله بن ميمون القداح، الحسن بن الصباح، هاشم بن حكيم، حسن البنا، صالح سرية، طه السماوي، شكري مصطفي، عبد السلام فرج، شوقي الشيخ، مجدي الصفتي بينما شرحت في الفصل الثاني جذور التكفير قبل أن تنتقل إلي الفصل الثالث الذي تحدثت فيه عن أئمة الخفاء في المسيحية: أريوس، ونسطور، ووليم ميلر، وجوزيف سميث، وتشارلز راسل، وراسبوتين، وديفيد كورش، وديفيد جورج.. وخصت الفصل الأخير بالكشف عن تفاصيل حياة أئمة الخفاء في اليهودية: السامري وشبتاي تسفي وعنان بن داوود. تقول رستم في استهلال الكتاب "كان دائما ما يشغل بالي هو قدرة شخص علي التأثير في الآخرين إلي درجة الإيمان بأفعاله وأقواله، وهو أمر يستحق التأمل بالفعل ولا يمتلك أدواته سوي أشخاص استثنائيين، كان لهم دور هام وفريد في تحويل مجري التاريخ وعواطف البشر ومعتقداتهم الدينية والأخلاقية ويتناول هذا الكتاب هؤلاء الأشخاص الذين حاولت البحث عن مشاعرهم وأحلامهم ونقاط ضعفهم وقوتهم وأيضا أهدافهم. وجميعهم باختلاف المكان والزمان كانت لهم صفات واحدة تجمعهم.. وكانوا من العباقرة الذين امتلكوا الموهبة والإصرار والقوة النفسية للاستمرار في مشاريعهم. وتنفي عن نفسها تهمة أن تكون القاضي بقولها: أنا لا أحاكمهم، وإنما أقوم برصدهم وتقييمهم من بدايتهم حتي تربعهم علي قمة الكلمة التي أطلقوها وبها حكموا لمئات السنين رعاياهم وأتباعهم لتبقي الكلمة دائما أقوي من الجيوش والأسلحة وذهب الملوك وسطوة السلاطين، وليمنح هؤلاء العباقرة درسا خالدا لمن جاءوا بعدهم " لا تقاوموا الكلمة إلا بالكلمة".