كانت الفترة ما بين عامي 67 و73 هي التمهيد الضروري سياسيا ومعنويا لشن حرب التحرير، وقد ساعدت كثيرا في جعل اتخاذ قرار الحرب أمرا ميسورا، ففي تلك السنوات بذلت قواتنا المسلحة جهدا عظيما وحققت تطورات كثيرة، والحق أن الفضل في ذلك (بعد توفيق الله) يعود إلي أسماء كثيرة منها الفريق أول محمد أحمد صادق، الذي كان مديرا للمخابرات الحربية (1966 - 1969)، فأنشأ للجيش أذرعا وعيونا (مجموعات استطلاع مؤخرة العدو، المجموعة 39 قتال، منظمة سيناء العربية) للعمل خلف خطوط العدو. كما تولي تقديم الدعم للقوات الفدائية الفلسطينية، ولما تولي رئاسة الأركان تم تنفيذ عمليات بالغة الجرأة في العمق الإسرائيلي، مثل عمليات إيلات وغيرها. وفي سبتمبر 1970 خلال أحداث أيلول السوداء أرسله عبدالناصر للأردن لإنقاذ حياة ياسر عرفات لإخراجه من عمان خلال عملية سرية لا تقل إثارة عن عمليات بن بيلا والسراج وعائلة لومومبا. كذلك كان الرجل الذي أرسله السادات إلي ليبيا ليدبر خطة إنزال طائرة مدنية بريطانية كان علي متنها اثنان من قادة الانقلاب الشيوعي في السودان (19 يوليو 1971). تدرج صادق من نجاح إلي نجاح فرقي لرتبة فريق، ثم فريق أول ووزير للحربية، فنائب لرئيس الوزراء ووزير للحربية والإنتاج الحربي، وقد تجاوز شعور رجال الجيش نحوه شعورهم نحو المشير عامر، وساعد علي ذلك أنه خلف الوزير محمد فوزي الذي تميز بعسكريته الشديدة، لكن الرئيس السادات أقاله من منصبه قبل حرب أكتوبر بعام واحد رغم دوره الإيجابي في انقلاب 15 مايو 1971. بيد أن الأذرع التي تولي صادق رعايتها وتفعيلها ساهمت في مشاهد كثيرة للنصر. ولقد تعرض الفريق أول صادق للمحاكمة بسبب التجاوزات في التحقيق مع المتهمين في قضية المؤامرة التي اتهم فيها أعوان المشير، وحكم عليه بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ، وفي 25 مارس عام 1991 انتقل الوزير صادق إلي رحمة مولاه بعد أن مر بظروف صعبة، لكن محبيه وعلي رأسهم المؤلف الدكتور مدحت حسن عبدالعزيز أنصفه في كتابه الذي حمل عنوان: الجنرال صاحب الأذرع الطويلة الفريق أول محمد أحمد صادق، عندما سجل إنجازات هذا البطل بكل حيادية واحتراف..