يظل ابطال حرب اكتوبر رمضان 37، الاحياء منهم والشهداء معينا لا ينضب وذكري عطرة لتاريخ مجيد لمصر وللعسكرية المصرية سطروه بحروف من نور. ويحتاج كل ابطال حرب اكتوبر إلي مجلدات لتفي بحقهم جميعا، وفي هذا المقال نستكمل ما قد بدأناه في المقال السابق لنؤكد علي ان اعظم ما انتجته حرب اكتوبر رمضان 3791، تمثل في تعظيم القدرة علي استخدام عمل الفريق الفعال Team Work وهندسة كل اشكال التعاون والتوليف بين السمات والطاقات الايجابية وباشاعة المناخ الذي اتاح لعبقريات ان تظهر في التفكير الاستراتيجي وفي الاداء علي ارض الواقع وهو ما يعرف في ادبيات الادارة الحديثة بمفهوم التوليف الابداعي Synergy.. ان شجاعة الرئيس السادات في اتخاذ قرار حرب اكتوبر رمضان 37 الصعب استند في اول ما استند اليه إلي وجود الشخصيات القيادية التي وضعت علي رأس كل الاسلحة بالجيش وعلي رأس القيادة العسكرية لما تتحلي به من مهارات وتاريخ من الكفاح والتألق في اداء المهام.. وهنا اود ان ابدأ بلقطة تفاعلية مهمة وهي تلك اللقطة التي تحدثت عنها زوجة المشير احمد اسماعيل الفاضلة حينما اقيل من القوات المسلحة لاسباب لم يكن له دخل فيها وهنا تقص زوجة المشير انه ظل اثناء فترة وجوده بالمنزل يفتح الخرائط العسكرية ويرسم ويكتب ما يراه من خطط للتغلب علي عقبات عبور قناة السويس والتعامل مع خط بارليف ذي ال 03 نقطة حصينة، كانت تتعجب بطبيعة الحال ولكنه كان يعمل وتخبرنا السيدة الفاضلة عن سمة عزة النفس لهذا البطل حينما كتب تقريرا عن رؤيته لجمال عبدالناصر حتي يستفاد من ذلك ولكنه لم يرسل شيئا لانه اعتقد أن ما يفعله قد يفهم ليس علي كونه جهدا مخلصا لصالح خطة عبور القناة فقط بل علي انه محاولة منه ليعود للعمل ثانية فقرر ألا يرسل شيئا مع دعواته بأن يوفق الله سبحانه وتعالي هذه القوات في مهامها.. وهنا يتدخل القدر وحينما يقيل الرئيس السادات الفريق صادق وكلف المشير احمد اسماعيل بالعودة ليكون علي رأس القيادة للقوات المسلحة كان المشير قد اعد جزءا كبيرا من الخطة وهنا تلتقي عبقرية القائد بعبقرية المشير الجمسي الذي ابدع ابداعا كبيرا في التخطيط التنفيذي لخطة العبور متخذا كشكول ابنته ليدون فيه كل صغيرة وكبيرة للتنفيذ الناجح لأعقد عملية في التاريخ العسكري لعبور اصعب الموانع المائية علي طول 081 كيلومترا وما يعقبه من خطوط وتحصينات وساتر ترابي كان يري الجنرال بوفر علي انه بحاجة إلي قنبلة ذرية تكتيكية لفتح الثغرات به. هنا اكتملت وتكاملت عبقريات كل من احمد اسماعيل علي والجمسي وكل الابطال من القادة والجنود في سيمفونية عمل متناسق ومنسجم تم احتضانه من خلال روح نضالية وطاقة عطاء لا تعرف اي معني من معاني مفردات اليأس أو الاحباط أو الفتور في الاداء.. لقد سادت هذه الروح في كل القوات المسلحة ودعمها كل طوائف الشعب المصري لتسجل مصر كلها ملحمة العبور التي ينبغي ان نستلهم دلالاتها وان نسعي لتفعيلها مرة اخري في كل التحديات التي تواجهها مصر علي اصعدة كثيرة. لا عجب اذن ان يكون كل من المشير احمد اسماعيل والمشير عبدالغني الجمسي علي قائمة اعظم القيادات العسكرية وفي قائمة افضل خمسين قيادة عسكرية تاريخية علي مستوي العالم. كل من المشير احمد اسماعيل والمشير الجمسي كانا من المؤمنين بأن دولة اسرائيل هي مجرد مرحلة علي طريق الحركة الصهيونية الكبري التي تسعي لتحقيق اهدافها علي حساب الحق العربي، بحيث لا تشكل هذه الدولة هدفا في حد ذاته بل وسيلة إلي غاية نهائية وان حدود اسرائيل تكون حيث يقف جنودها.. رحم الله احمد اسماعيل علي وعبدالغني الجمسي وكل شهدائنا الابرار وجعل من قواتنا المسلحة الباسلة درعا وسيفا رادعا يحمي مقدرتنا.. واله ولي التوفيق وهو العلي المستعان دائما وابدا.