أنواع مختلفة من المطاوى انتشرت في شوارع القاهرة مؤخرا ظاهرة خطيرة تنذر بكوارث مروعة، وهي بيع الأسلحة البيضاء علي الأرصفة بالقرب من أقسام الشرطة، وذلك علي خلفية حوادث البلطجة والسطو المسلح التي تتم يومياً في غياب الشرطة التي يسمع المواطن عن عودتها لكنه لايراها. بائعو السلاح انتشروا بميدان العتبة وتحديداً أسفل كوبري الأزهر، الغريب أنهم يفترشون الشوارع علي مرأي ومسمع من الجميع ولا أحد يستطيع الاقتراب منهم إلا إذا كان ينوي الشراء، وما يثير الدهشة أكثر هو قربهم من قسم شرطة الموسكي فأين مأمور القسم ورجال المباحث؟، ولماذا يتغاضون عن هؤلاء؟، إذا كان خوفاً من هؤلاء البلطجية فهذه كارثة، وإذا كانوا لا يعرفون عن وجود هؤلاء الباعة وافتراشهم للشارع بهذه الأسلحة وأمام كل الناس ونهاراً فهذه كارثة أكبر لأن ذلك يعني غيابهم تماماً عن الشارع وربما عن العمل!! حاولت التقاط صور لهم لكن كل المحاولات فشلت، فكرت في أن أقوم بالتصوير بكاميرا الهاتف المحمول، نزلت أسفل الكوبري واقتربت من أحدهم وتظاهرت أني أريد شراء مطواة فسألته عن سعرها فقال ب40 جنيها، فأظهرت الغرابة من السعر ونظرت له بدهشة وقلت له لماذا 40 ب جنيها ؟!، فقال لأن سلاحها عريض، وإذا كنت تريد مطواة سعرها أقل فهناك نوع آخر ب30جنيها، وقبل أن أكمل كلامي معه فوجئت بأنه يفتح المطواة في وجهي ويصرخ " هتشتري ولا لأ ؟!" فرديت عليه »شكرا«. قائمة الأسعار ذهبت لبائع آخر ينادي عليه أصحابه ب" سيد سنجة " ويبدو أن عمره لا يتجاوز ال25عاماً فقلت له أريد أن أشتري كمية مطاوي لأني سأبيعها بأحد الأسواق أنا وزملائي فمن أين أستطيع شراء هذه الكمية، فضحك وقال لي "إنت فاكر الموضوع سهل؟!" فقلت له ما الصعب فيه، فقال ليس هناك أحد يعرف التاجر الكبير لكننا نشتري هذه المطاوي والخناجر من تجار معينين لا أستطيع أن أقول لك من هم وقد أكون لا أعرفهم، لكن إذا كنت تريد كمية فأنا سأساعدك في سعرها، وقال المطواة قرن الغزال تباع في السوق ب40 و 50جنيها سأعطيها لك ب15جنيها، وهناك مطواة سوستة تباع ب70جنيها سأعطيها لك ب35جنيها، وهناك خنجر ب60جنيها سأوفره لك ب25جنيها، وتعتبر هذه الأسعار الأقرب إلي سعر الجملة وسبب ذلك التخفيض أنك ستأخذ كمية قلت له إعطيني رقم تليفونك وسأفكر في الأمر وأتصل بك فرفض وقال لي شكلك لن تشتري »امشي مع السلامة«. إلي جوار سيد سنجة وجدت بائعا آخر يشير إلي، فذهبت إليه وطلبت منه معرفة أسعار الأسلحة البيضاء التي يعرضها فقال " في مطاوي ب35جنيها، وخناجر أسعارها تبدأ من 25جنيها إلي80 جنيها، والسنج أسعارها تبدأ من 60 جنيها وتصل إلي 200جنيه حسب النوع ،فهناك الصيني والهندي والألماني والياباني والأفريقي أو الأثيوبي، نظرت بجوار هذه الأسلحة فوجدت عصيان خيرزان، فأمسكت بأحدها وسألته عن سعرها ففوجئت بأنه يأخذها من يدي ويخرج منها سيفاً، إندهشت وسألته عن سعرها فقال »تبدأ من 150جنيها وتصل إلي ألف جنيه وذلك حسب قوة السلاح الموجود فيها ونوع الخشب المصنوعة منه العصا«. إقتربت من ثلاثة أطفال لا تتجاوز أعمارهم ال10سنوات، فوجدت أحدهم يلعب بالمطواة ويفتحها ويغلقها وكأنه مدرب عليها جيداً، فسألته عن السعر فأجاب: السعر حسب النوع، فقلت له في أنواع من المطاوي، فرد طفل آخرمسرعاً »طبعاً في صيني وفي ياباني وفي أفريقي« لكل منها ثمن غير الآخر، فسألتهم وما أسعار كل نوع؟ فردوا" الصيني ب30جنيها والأفريقي ب40 والياباني ب65جنيها، وشوف عاوز ولا لأ ووسع السكة علشان نشوف غيرك، لا أريد أن أدخل معهم في جدال حتي لا يكتشف أو يشك أي من البائعين السابقين الذين سألتهم في أمري، ومشيت مسرعاً ناحية موقف السيارات لأعود إلي المجلة، وحمدت الله الذي أعادني سالماً من هذا المكان. الشرطة لا تعمل عرضت الأمر علي الخبير الأمني اللواء محمد ربيع الدويك فقال: الأخطر من الأسلحة هم بائعو الأسلحة، لأن من يقوم ببيع هذه الأسلحة أو بأي نشاط تجاري مجرم قانوناً لديه نفسية غير سوية ولديه النزعات الإجرامية والقدرة النفسية والعصبية للخروج علي القانون وعلي الأمن والنظام والمجتمع كله، وقراءة هذا المشهد أمنياً بأن الأجهزة الأمنية لاتعمل بكامل طاقتها ولا حتي نصفها، حيث أن باعة الأسلحة سواء البيضاء أو باعة الأسلحة الإلكترونية علي بعد خطوات من أقسام الشرطة وفي الميادين العامة علي مرأي ومسمع من القيادات الأمنية ثم العناصر الشرطية بجميع تخصصاتها، وإن شرطة النجدة مازالت لاترد علي إستغاثة المستغيثين ولابلاغات المبلغين ولاتصل الأجهزة الأمنية إلي مواقع البلاغات والجرائم إلا بعد فترات زمنية يتمكن خلالها الجناه من مغادرة مسرح الجريمة، وإتلاف كل آثار أدلة الإثبات التي في ضوءها تصدر العقوبة الرادعة التي تحقق الزج للمجرمين والأمن للمواطنين. ويضيف الدويك: إن حالة الإنفلات الأمني مازالت قائمة وبصفة دائمة، والمعروف أن قانون العقوبات يجرم حيازة وإحراز الأسلحة البيضاء، ونص حرفياً علي المطواة قرن الغزال والأسلحة البيضاء ذات الحدين »الخناجر« ولذلك فإن وجودها علي مقربة من قسم شرطة الموسكي والميادين العامة يؤكد الخرق الكامل والتحدي للشرعية والقانون، فالأسلحة البيضاء تسهل إرتكاب جريمة القتل العمد والضرب الذي يفضي إلي الموت وجرائم السرقات بجميع أنواعها (متاجر مساكن الطريق العام) ؛ ولإعادة الإنضباط والأمن للمواطن المصري لابد من الحد من إنتشار الأسلحة ويعني ذلك إبتداء الأسلحة البيضاء والأسلحة الإلكترونية "الإليكتريك" ثم الأسلحة النارية . ويشير الدويك إلي أن الأسلحة البيضاء تصل إلي مصر عن طريق المنافذ الشرعية بما يسمي التهريب الأمني والجمركي ؛ وعبر الدروب والمسالك الجبلية والمدقات وعبر الشواطئ المفتوحة وكل من البحر الأحمر والبحر المتوسط ثم عبر حدودنا علي الصحراء الشرقية وحدودنا علي الصحراء الغربية ثم من حدودنا الصحراوية الجنوبية، وقد يكون التهريب من الجانب الإسرائيلي هو أشد مصادر دخول الأسلحة إلي مصر من أجل مزيد من الإنفلات الأمني والفوضي التي وعد بها المخلوع حسني غير المبارك التي يحرص عليها نظامه القائم في معظم مرافق وأجهزة الدولة المصرية . خريطة الأسلحة ويعرض الدويك أنواع الاسلحة البيضاء بأنها عبارة عن الخناجر بأنواعها ثم السيوف ثم أنواع المطواه وعلي رأسها المطواه قرن الغزال التي انتشر استخدامها في مصر بصورة كبيرة نظراً لسهولة حملها وطول نصلها وكثرة إستخداماتها ؛كما إن آلية استخدامها تحتوي علي تأمين ميكانيكي أثناء الفرد والطي، هذا بالإضافة إلي الأسلحة محلية الصنع مثل أنصاف السيوف وتسمي "السنجة" والخناجر ذات الحدين وأخطرها ما به تفريغ في جنبيها يمكن من دخول الهواء إلي جسد الضحية وإحداث الجروح النافذة ومثل هذه الجرائم فإن القيد والوصف النهائي لها يكون هو القتل العمد أو الشروع فيه وليس الضرب الذي يفضي إلي الموت، ثم السواطير وأنواع البلط ذات اليد القصيرة أوالبلطة الكبيرة التي توضع علي طرف عصا غليظة طويلة قادرة علي إحداث القتل والإصابات القاتلة علي مسافة مترين أو ثلاثة من مكان الجاني ؛وهي تشبه الأسلحة البدائية في الحروب الأولي وهي شديدة الفتك والخطورة ونصلها مستدير يصل إلي قطر نصف الدائرة ؛ وهذه الآلة إن لم تقتل فإنها تؤدي إلي بتر الأعضاء مثل الأيدي والأرجل، وأيضاً الحربي وهو عبارة عن أسياخ مدببة ولها مقبض تستخدم عن طريق الوخذ وغالباً ماتكون مخبأة داخل العصي التي يمسك بها الأشخاص ذات المكانة الاجتماعية في الأوساط الريفية والنصف حضارية وهي ما تسمي "العكاز" أي العصا ذات اليد الملوية ويكون بداخلها الحربي إما مسمطاً مستديراً وإما مربع الأضلاع ويكون فيه أماكن لتفريغ الهواء داخل الضحية وتكون هذه العصا مصنوعة من خشب الشوم أو الخيرزان أو العاج أو الأبانوس، وسبب انتشار بائعي كل هذه الأسلحة هو زيادة معدل البطالة واتساع نسبتها في مصر. نموذج للاحتلال العشوائي وبنبرة من الحزن يقول اللواء مجدي البسيوني (مدير أمن الجيزة الأسبق والخبير الأمني ): ما أستطيع قوله أن ذلك هو أحد مظاهر الفوضي بالشارع المصري ؛ الذي أصبح وكأنه قطاع خاص مملوك لكل من يريد أن يضع يده عليه ويتمثل ذلك فيما نشاهده من احتلال مساحة كبيرة من الأرصفة لأكشاك امتدت لشغل جزء كبير بوضع الثلاجات والمنتجات الغذائية وكذلك بائعي الفاكهة الذين احتلوا ثلث الشارع لعرض الفاكهة، هذا غير ما نشاهده في ميدان رمسيس والعتبة وغيرها من إحتلال الباعة الجائلين لبيع البضائع المتنوعة ولم تستطع الوحدات المحلية ومعها شرطة المرافق من تطهير الشوارع والميادين من هذه الفوضي؛ والأسلحة البيضاء ما هي إلا نموذج وصورة من هذا الاحتلال العشوائي. ويضيف البسيوني : لا يمكن لشرطة المرافق أو قسم الموسكي أو أي دورية أمنية أن تواجه أو تتصدي للباعة الجائلين في الوقت الحالي لأن تواجدهم بعشوائية وبكثرة يفوق قدرة رجال الشرطة وعلاجاً لذلك أن يكون تفعيل جميع القوانين وخاصة قوانين المرور والإشغالات والنظافة بإعداد حملات مكبرة ومستمرة يومياً وهو مالا تستطيع الشرطة والوحدات المحلية حالياً القيام به بسبب إنشغال الشرطة في تأمين المنشآت والطرق العامة من الإضطرابات والفوضي وحوادث السطو ؛ ولو أن بائع الأسلحة البيضاء بمفرده أو ضمن عدد بسيط من الباعة الجائلين لألقينا اللوم علي قوة القسم ونسبنا إليهم السلبية والتقاعس، لكن المشاهد أن الميدان بكاملة يكتظ بالباعة الجائلين "البلطجية" فهذا أمر فوق طاقة القسم . عقوبة الحيازة وعن رأي القانون وعقوبة حيازة وبيع الأسلحة البيضاء يشير المستشار عبدالراضي أبوليلة (رئيس محكمة أمن الدولة العليا ومحكمة جنايات القاهرة الأسبق) إلي أن حيازتها جنحة، وعقوبة حيازتها السجن بحد أقصي لمدة 3سنوات، كما إن من يضبط بهذه الأسلحة البيضاء قد يأخذ براءة إذا كان الدفاع قوي وإجراءات الضبط غير مضبوطة، لأن كثيراً من الضباط يقومون بعمل محاضر غير صحيحة وذلك يجعل الدفاع يستغل ذلك ويبرزه للمحكمة التي إذا ما ثبت صحته فإنها تقضي بالبراءة نظراً لوجود أخطاء في المحضر وعدم إكتمال إجراءات الضبط . ويوضح أبوليلة أن بائعي الأسلحة البيضاء علي الأرصفة في الغالب لايكونون تابعين لأي تنظيم سياسي لأنهم يقومون بإفتراش الطرق وأمام الناس، لكن شبهة انتمائهم لأي تنظيم سياسي تكون واضحة أكثر في حالة قيامهم ببيع هذه الأسلحة في الخفاء، أو سيراً علي الأقدام وعلي الأرصفة، أو بضبطها عند تفتيشهم فقد يكونون مأجورين للانتقام من أي شخص.