لايكاد المواطن البسيط يفيق من صدمة حتي تلاحقه أخري علي مائدة طعامه، فبعد إصابة 60٪ من ثروتنا الداجنة بأنفلونزا الطيور، جاءت أزمة الثروة الحيوانية بسبب الحمي القلاعية، وها هي تصل إلي الأسماك مع ظهور نوع جديد منها يتم تداوله في الأسواق بالمحافظات المختلفة منذ أيام وهو نوع سام يسبب الوفاة في غضون ستة أسابيع ويعرف باسم سمك (القراض) أو كما يطلق عليه البعض (أرنب البحر). سمكة القراض تعرف بحجم رأسها الكبير حيث يمثل ثلث حجم جسمها، وتتميز بلون بطنها الأبيض، وجلدها الأسود المنقط ، ويتراوح متوسط وزنها ما بين 3 إلي 4 كيلوجرامات، وطولها ما بين 50 إلي 75 سنتيمترا، تحتوي تلك السمكة علي أربع قوارض تستخدمها في بث السم للدفاع عن نفسها ويتواجد هذا السم في أنحاء متعددة من جسدها كالجلد والأحشاء مثل الكبد والأمعاء والمعدة والمبايض ، ينتشر تواجدها في المناطق الساحلية إلا أنها تأتي مهربة إلي القاهرة. أوضح بكري أبو الحسن، رئيس لجنة الثروة السمكية بالمجلس المحلي في السويس، أن هذا النوع من الأسماك يبدأ في الظهور أول شهر أبريل وحتي شهر نوفمبر، مؤكدًا أن القوانين المصرية تحظر صيد هذا النوع من الأسماك، وتحظر أيضا إخراجه من الموانئ، لاحتوائه علي نسبة عالية من ماده "التترودوتوكسين" السامة القاتلة. وأضاف أن بعض هواة الصيد يصطادون سمكة القراض ويتولون أمر تنظيفها بأنفسهم، ونتيجة جهلهم بعملية التنظيف والتخلص من أماكن وجود السموم، قد يتعرضون للتسمم عند أكلها، وما لم يُعالج المتسمم بصورة سريعة، فإنه يواجه خطر الموت. من جانبه أصدر اللواء محمد عبدالمنعم هاشم محافظ السويس تعليمات مشددة لهيئة الرقابة التموينية لتكثيف الحملات علي الأسواق لمنع تداول وبيع هذا النوع للمواطنين، وجاءت تلك التعليمات بعد أن شهدت المحافظة العديد من حالات التسمم بين المواطنين بسبب تناولهم هذا النوع من الأسماك حيث إن حالات التسمم بمستشفيات السويس وصلت لأكثر من 45 حالة حتي الآن، وطالب المحافظ بتوقيع مخالفات علي أصحاب المحال والتجار الذين يتاجرون في تلك الأسماك نظرًا لسميتها الشديدة وحرصا علي سلامة وصحة المواطنين. وأضاف جلال أنه رغم أن صيد هذا النوع من الأسماك للبيع بالأسواق ممنوع قانونا، إلا أنه يتم اصطيادها من مياه البحر الأحمر بكثرة وعرض كميات كبيرة منها للبيع في ميناء الأتكة بالسويس. وأثار هذا الكم من حالات التسمم استياء المواطنين مما دفع مباحث التموين لشن حملة للقبض علي من يتاجر في تلك الأسماك السامة ونجحت الحملة في التحفظ علي ما يقرب من 50 كجم من الأسماك السامة ، بالإضافة إلي إلقاء القبض علي 4 من التجار ممن يقومون ببيعها للمواطنين . علي جانب آخر، أكد د.سعد زكريا، رئيس قسم علوم البحار في جامعة قناة السويس، أن التجارب التي أجرتها الجامعة، أكدت أن أكثر من 50 في المائة من أسماك القراض تشتمل علي تركيزات عالية من السموم، وأكدت البيانات تسجيل حالات وفاة كثيرة بين مواطني محافظة السويس، بسبب تناولها وأشار إلي خطورة تلك الأسماك حيث تتسبب في حدوث العديد من الأمراض الخطيرة، أبرزها الشلل التام والفشل الكلوي والكبدي، وتظهر الآثار الجانبية، كالإغماء والغيبوبة وارتفاع درجة الحرارة، علي صحة الإنسان فور تناول لحمه، ويكون تناول هذا النوع أكثر خطورة علي مرضي ضغط الدم والسكري والقلب. أكد الحاج منصورأحد كبار الصيادين بالسويس أن هذا النوع من الأسماك يظهر غالبا عند بداية ميل المياه للدفء مع نهاية شهر مارس وحتي انتهاء فصل الصيف، وأشار إلي الضرر البالغ علي الصيادين من اصطياد تلك الأنواع حيث تقوم بتقطيع شباكهم مما يتسبب في قطع الرزق لعشرات من الصيادين ممن يصطادونه بطريق الخطأ نظرًا لوجوده بكثرة علي السواحل. وناشد صيادو المنطقة المحافظ ضرورة تعويضهم ماديًا عما تسببت فيه تلك الأسماك، وضرورة نشر بوسترات لهذا النوع من الأسماك حتي يسهل للمستهلك التعرف عليه. وأضاف أن هذا النوع بدأ ينتشر بكثافة حاليًا علي شواطئ المحافظة وقد قام عدد من الصيادين باصطياد العشرات منه ، مؤكدًا أن خطورة هذا النوع تتبلور في القاهرة أكثر من المحافظات الساحلية نظرًا لخضوع تلك المحافظات للرقابة الدورية وجهل مستهلكي المدن الآخري بهذا النوع من البداية. ولم تخل محافظة مطروح أيضًا من تلك الأسماك حيث أشار محمود العتريس رئيس جمعية الصيادين بالسلوم، إلي خطورة هذا النوع علي المستهلك مضيفًا أن هذه الأسماك تتكاثر أعدادها كل عام في مياه البحر المتوسط بعد هجرتها من البحر الأحمر، مؤكدًا وجود أنواع أخري من الأسماك السامة بالسواحل المصرية مثل سمكة البطاطا وسمكة البلامة إلا أن أخطرها هي سمكة القراض، حيث إنها تسببت في وفاة أكثر من 15شخصا العام الماضي و8 أفراد هذا العام بخلاف حالات التسمم التي تجاوزت العشرات . ولم يقتصر ظهور حالات الإصابة علي محافظتي السويس ومطروح فقط بل ظهرت في الإسماعيلية أيضًا ومن ثم تم تنظيم ندوة بالمحافظة بالاشتراك مع حرس الحدود وشرطة المسطحات المائية دعت إلي تشديد وتكثيف الحملات علي الأسواق لمصادرة سمك القراض علي أن تشارك في هذه المهمة مديريتا الصحة والتموين لمنع تداول هذه النوعية بعد أن أدت إلي حدوث حالات تسمم محدودة في بعض المناطق الشعبية تم نقلها للمستشفي العام ومركز السموم بالقاهرة. وقالت سعاد العايدي المديرة العامة لمنطقة الإسماعيلية للثروة السمكية إن الندوة ناقشت خطورة طرح أسماك القراض التي يتم اصطيادها من سواحل البحر الأبيض المتوسط رغم أنها غير صالحة للاستهلاك الآدمي ويجرم القانون رقم 311 لسنة 1996 بيعها في الأسواق وأضافت انه يتم عمل أكمنة علي الطرق الزراعية والصحراوية لضبط السيارات التي تنقلها وتأتي بها من المدن الساحلية وخاصة "العريش"، بالإضافة إلي تكثيف الحملات علي الأسواق والمطاعم لحماية المواطنين من هذه السمكة المميتة. وأشار د.محمد خالد إلي أن أسماك القراض تتغذي علي أنواع من الطحالب السامة ومن يتناولها يشعر برغبة في النوم العميق الذي يصل إلي ست ساعات أو حدوث تنميل بالوجه واللسان والشفتين وآلام بالعضلات وفقدان للشهية ويصحب ذلك سخونة علي سطح البطن بالإضافة للإسهال والقيء ويصل في أحيان كثيرة لتوقف في الجهاز التنفسي وحدوث الوفاة، مطالبا بمنع تداول هذه النوعية من الأسماك لأن 13٪ من لحومها مسممة. وبوجه عام شهدت أسعار السمك ارتفاعا ملحوظا مع الاحتفال بشم النسيم وأكد محمد عبدالحليم عضو شعبة الأسماك بالغرفة التجارية بالقاهرة أنه مع حلول موسم شم النسيم وتراجع المواطنين النسبي عن تناول اللحوم بسبب انتشار مرض الحمي القلاعية وصلت أسعار الأسماك إلي أرقام غير متوقعة. حيث وصل كيلو البلطي إلي 22 جنيها بدلا من 10 جنيهات، الجمبري تراوحت أسعاره ما بين 60 و160 جنيها وفقا للأحجام بدلا 40 و021 والبوري 50 جنيها، بعد ان كان يتراوح ما بين 25 و30 جنيها ، والفيليه وصل إلي 75 بدلا من 45 جنيها، والكابوريا سجلت 60 جنيها بدلا من 30 و40 جنيها للكيلو . وأرجع عبدالحليم أسباب تلك الزيادة إلي أمرين غاية في الأهمية أولهما انتشار الحمي القلاعية في اللحوم الحمراء والثاني هو عمليات تصدير الأسماك التي أدت إلي نقص المعروض في الأسواق، حيث تم تصدير ما يقرب من30٪ من إجمالي الإنتاج المحلي من السمك البلطي إلي السعودية والكويت، ومايقرب من 40٪ من إنتاج البوري لدول الإمارات.