احتجاجات طالبات الأزهر بعد ظهور شائعات بإصابات بالسل بعد إعلان المئات من طالبات المدينة الجامعية للأزهر إضرابهن عن حضور المحاضرات عقب نبأ انتشار إصابة العشرات من الطالبات بمرض السل.. وانضمام مئات الطلبة من مختلف كليات جامعة الأزهر إليهن مطالبين بإجراء فحص شامل لكل طالبات المدينة الجامعية وتطعيمهن ضد السل.. وطالبوا المسئولين بالتدخل الفوري لتحقيق مطلبهم بإنشاء عيادة مستقرة داخل المدينة الجامعية لتوفير علاج فوري للطالبات. التقارير الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية خرجت لتحذر مصر من عودة شرسة لمرض السل.. وأشارت المنظمة في اجتماعها الأخير لشرق المتوسط لدحر السل إلي أن 17٪ من حالات الإصابة في الإقليم سببها تدخين الشيشة. "آخر ساعة" حاولت التعرف عن قرب علي حقيقة ماحدث داخل أروقة المدينة الجامعية وعلي الأسباب التي أدت إلي انتشار المرض، وطرح العديد من التساؤلات حول المشكلة علي مسئولي وزارة الصحة والمختصين في التحقيق التالي.. في البداية أكد الدكتور عصام مغازي، مدير البرنامج القومي لمكافحة السل »الدرن« أن هناك ما بين 17-18 ألف إصابة سنوية في مصر تضاف إلي أعداد المرضي الأصليين الذين يصعب حصر أعدادهم نتيجة عدم وجود المسوح علي المستوي القومي مشيرا إلي أن نسبة اكتشاف المرض في مصر ارتفعت- حسب آخر الإحصاءات للبرنامج 200- إلي 67٪ ووصل معدل نجاح المعالجة الذي حققته الوزارة والبرنامج إلي 87٪ وهي نسبة النجاح أو الشفاء في نهاية فترة العلاج بتكلفة 500 جنيه للمريض الواحد خلال فترة من 6 إلي ثمانية أشهر هي مدة العلاج بنسبة عودة للمرض ضئيلة لا تتعدي 2٪. وأوضح مغازي أن المرض يمثل مشكلة صعبة خاصة في حال النوع المقاوم للأدوية التقليدية وهو يظهر بسبب وجود سلالات من ميكروب الدرن تقاوم المضادات الحيوية، حيث تكون العدوي أكثر شراسة في نقلها، وقد تم إعداد برنامج متكامل لعلاج المرضي المصابين بالسل المقاوم للأدوية، وهناك 125 مريضاً تحت العلاج بتكلفة 4 آلاف دولار للمريض الواحد. ويستلزم علاج الحالة برنامجا يستغرق 21 شهراً يقضي منها المريض ما بين 3 و6 أشهر داخل مستشفي صدر العباسية، وهو المستشفي الوحيد الذي يقدم خدمة لمرضي السل المقاومين للعلاج وقريبا سيتم افتتاح مركز لعلاج المرض بمستشفي صدر المعمورة بالإسكندرية، وهناك علي قائمة الانتظار حوالي 75 مريضا. ومن جانبه قال الدكتورمحمد عوض تاج الدين وزير الصحة الأسبق إن مرض السل يتسبب في وفاة 1.4 مليون إنسان سنويا علي مستوي العالم، موضحا أن التطعيم الحالي ضد المرض يقي جزئيا من المرض وليس بشكل كامل. وأشار إلي أن العديد من الأمراض التي تتسبب في وفاة ملايين الحالات سنويا يمكن الوقاية منها من خلال التطعيمات، مشيرا إلي وجود تجارب إكلينيكية حاليا للتطعيم ضد مرض الملاريا الذي يودي بحياة ملايين الأفارقة. وأكد وزير الصحة الأسبق اكتشاف أول تطعيم يقي بشكل كامل من مرض الدرن (السل)، موضحا أن التطعيم الجديد يقلل أعراض المرض، كما يمنع الإصابة بالمضاعفات الأكثر خطورة له عند الأطفال،. وأوضح تاج الدين أن الالتهاب الرئوي يعد السبب الأول في العالم لوفاة الأطفال تحت سن خمس سنوات طبقا لأحدث تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول الأمراض المسببة لوفاة الأطفال علي مستوي العالم، حيث إنه يتسبب في وفاة 1.6 مليون طفل كل عام ويقول الدكتور يسري عقل، أستاذ الأمراض الصدرية بقصر العيني عن عودة مرض السل بقوة إلي مصر مرة أخري: المرض يعيش وينتشر في الزحام والتكدس البشري والتهوية الضعيفة، ويعتبر التكدس بيئة صالحة لانتقال عدوي مرض الدرن الرئوي المعروف باسم السل يشترك مع هذا سوء التغذية وضعف المناعة التي تسبب المرض وبدأنا نشاهد كأطباء ظهور المرض بين الطبقات الفقيرة وساكني العشوائيات، نظراً للزحام البشري والسكني في تلك المناطق، حيث يستطيع المريض المصاب أن ينقل العدوي عن طريق الرذاذ إلي 15 شخصاً سنوياً من المتعاملين معه أو المقربين منه، فأي إنسان مصاب بأعراض مرضية بالجهاز التنفسي مثل السعال الدائم أو وجود بلغم أو بصاق مدمم، لابد أن يستشير الطبيب أو يلجأ إلي أقرب مستشفي أو مركز لعلاج الأمراض الصدرية، إضافة إلي أن هناك أعراضاً عامة للمرض مثل فقدان الشهية والوزن وارتفاع الحرارة، لذلك فإن الاكتشاف المبكر للمرض وتشخيصه يسهل من علاجه ولكن مع اتباع البرنامج الكامل للعلاج الذي لا يقل عن ستة أشهر، حتي لو تحسنت حالة المريض وأصبح البصاق إيجابياً.. ويؤكد د. يسري أن عدم اكتمال مدة العلاج يعطي فرصة للميكروب أن يعاود نشاطه ولكن هذه النسبة »الرجوع« لا تتعدي 2٪.. أما الميكروب نفسه فهو ضعيف يمكن القضاء عليه بسهولة سواء باتباع النظام الصحيح في العلاج أو التهوية الجيدة والتعرض لأشعة الشمس والنظافة العامة. وعن مساهمة الشيشة في عودة المرض خاصة بين الشباب يقول الدكتور هشام طراف، أستاذ الأمراض الصدرية بقصر العيني. إن ظاهرة تناول الشيشة بين الشباب انتشرت بشكل مخيف في المقاهي البلدية والفنادق الفخمة وخاصة ألانواع المتنوعة أدت إلي انتشار المرض بين المواطنين وخاصة "بالمبسم"الذي يتناوله الشباب لفترة طويلة. ومن جانبه أكد د.هشام شيحة، رئيس قطاع الطب العلاجي بوزارة الصحة والسكان، أنه لا توجد حتي الآن أي حالات اشتباه بالإصابة بمرض السل "الدرن" بين طالبات جامعة الأزهر، والمقيمات بالمدينة الجامعية، وذلك بعد ما تردد عن إصابة إحدي الطالبات بالسل مما أثار الذعر بينهن. وأوضح شيحة أن نتائج التحاليل التي أجريت علي الطالبات ، بما يعرف بالمسح من المنتظر ظهور نتائجها في وقت لاحق ، لافتا إلي أنه سيتم نقل أي حالة اشتباه بالمرض إلي مستشفي حميات العباسية، والتي تم رفع حالة الطوارئ بها، خاصة أنها مجهزة بقسم لاستقبال الحالات المصابة بالدرن. الجدير بالذكر أن مرض السل أو "الدرن" هو مرض بكتيري معد يصيب الرئة، ينتقل عن طريق استنشاق الرذاذ المتطاير الذي يحمل ميكروب الدرن، وذلك في حالة سعال أو عطس أو بصق شخص مصاب، أو إذا بصق المريض علي الأرض وجف البصاق فينقل الميكروب عن طريق الأتربة المتطايرة، أو باستخدام أدوات المريض الملوثة بالبصاق المعدي، أو بشرب لبن غير مبستر أو غير مغلي من حيوان مصاب. وتتمثل أعراض السل في ضعف عام وفقدان الشهية ونقص الوزن وارتفاع في درجة الحرارة وعرق أثناء الليل، بالإضافة إلي الأعراض الصدرية وهي سعال مستمر لمدة تزيد علي أسبوعين، قد يكون جافا أو مصحوبا ببصاق مدمم أو غير مدمم، ولا يستجيب للعلاج العادي، وألم بالصدر أو ضيق بالتنفس. وللوقاية من عدوي السل يجب عدم مخالطة المرضي لفترات طويلة خاصة إيجابيي البصاق، والإسراع بالعرض علي الطبيب عند الشعور بأي أعراض مرضية، كذلك اتباع العادات الصحية السليمة خاصة عدم البصق علي الأرض وعدم السعال إلا في منديل. وأكد الدكتور هشام شيحة انخفاض نسبة الإصابة بمرض الدرن "السل" خلال السنوات الماضية، حيث انخفض عدد المرضي الجدد الذين يصابون سنويا بالمرض إلي 18حالة فقط لكل 100 الف حالة عام 2011 بعد أن كان 34 حالة فقط لكل 100 الف شخص عام 1990 وقال إن نسبة انتشار المرض "اي عدد المرضي الموجودين حاليا في مصر الجدد والقدامي" قد وصل إلي 24 حالة لكل 100 الف شخص بعد أن كان 79 حالة لكل 100 ألف من السكان خلال عام 1990 كما انخفضت نسبة الوفيات الناتجة عن المرض من 4 حالات لكل 100 ألف حالة عام 1990 إلي 1.1حالة فقط. وأشار شيحة إلي أنه من المنتظر تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية واعلان مصر خالية من المرض بحلول عام 2015. وأضاف أنه تم حتي الآن علاج 344 مريضا بالدرن المقاوم للأدوية في المركزين المخصصين لذلك وهما مستشفي الصدر بالعباسبة، ومستشفي الصدر بالمعمورة، ووصلت نسبة نجاح العلاج إلي 66٪ وهي نسبة أعلي من متوسط النسب العالمية لمثل هذه الحالات، موضحا أن تكلفة علاج المريض الواحد تقدر ب6 آلاف دولار، تتحملها الدولة بتمويل من منحة من الصندوق العالمي لمكافحة الدرن. وأضاف شيحة أن الوزارة قامت بالتنسيق مع وزارة الداخلية لفحص المساجين الذين هربوا خلال فترة الانفلات الأمني، وتم إعادة القبض عليهم خاصة أن المرض يكثر انتشاره في السجون والمناطق سيئة التهوية. وقال إنه تم الانتهاء من تجهيز مركز علاج الدرن المقاوم للأدوية بالمنصورة، لافتا إلي أن البرنامج القومي لمكافحة السل قام بتدريب مقدمي الخدمة الصحية كالعاملين في التأمين الصحي وقطاع السجون بوزارة الداخلية والعيادات التابعة للجمعيات الأهلية، علي اكتشاف المرضي.