سيناريو النصب علي الغلابة مازال مستمرا بعد الثورة، فمع اتساع دائرة الفوضي علي مستوي الشارع كانت الفضائيات تمارس هي الأخري الفوضي الإعلامية ولكن علي طريقتها في بيع سلع الوهم واستنزاف جيوب المغفلين، وبخاصة المنتجات الطبية »المضروبة« تحت السلم أو مجهولة المصدر.. »آخر ساعة« تناقش هذه القضية مع مجموعة من المختصين. إعلانات مغرية وعجيبة تطالعنا علي الشاشات الفضائية لمنتجات سحرية لها قدرة عجيبة علي عمل المستحيل كما تدعي هذه الإعلانات مثل إعلانات الخصوبة والجنس وحياة زوجية أفضل ومنتجات التخسيس وكذلك المنتجات المعجزة التي تشفي جميع الأمراض وآخرها اللاصقة السحرية التي تطل علينا الآن لافتة نظر الجميع.. مستغلين الأحداث السياسية والفوضي التي تحدث بالبلاد الآن وضعف الرقابة والانشغال بمستقبل البلاد في الأيام المقبلة الحاسمة. وتعد هذه اللاصقة من المنتجات التي قدمت ضدها بلاغات للنائب العام.. فقد قامت وزارة الصحة والسكان بالتقدم ببلاغ للنائب العام ضد 21 قناة فضائية لترويجها بعض المنتجات التي تدعي القدرة علي العلاج ومنها هذه اللاصقة السحرية.. هذه اللاصقة لها القدرة كما يدعون علي إزالة جميع السموم من الجسم نهائيا والتخلص من التوتر والإجهاد وعلاج الأمراض الروماتيزمية والصداع وحتي السكر كمرض مزمن لها القدرة علي شفائه.. ليس ذلك فحسب ولكنها أيضا تعمل علي شفاء الأورام السرطانية وارتفاع ضغط الدم والجلطة وتقوية الجهاز المناعي والتخلص من الإحباط والاكتئاب وهي أيضا تعيد التوازن للجسم وتحسن الدورة الدموية والذبحة الصدرية وتخلص الجسم من الدهون والكوليسترول وآلام المفاصل والحساسية وأمراض البروستاتا.. كما أنها تزيد من قوة التركيز الذهني علي اعتبار أنها تعمل عن طريق المسارات العاكسة وفك الممرات الليمفاوية. وأما عن كيفية استخدامها فتوضع اللاصقة علي باطن القدم ليلا وتترك من 6 إلي 8 ساعات لامتصاص كامل السموم مع العلم أن الجوارب تساعد علي إحداث أقصي قدر من الاستيعاب من خلال الاتصال الجيد للاصقة بباطن القدم.. وعند الإزالة يرجي غسل القدمين بماء فاتر لأنها قد تترك طبقة لزجة.. تتكون العلبة من عشر لاصقات بثمن 99 جنيها للعلبة مضاف إليها مصاريف الشحن. وبالبحث في عدة مصادر وجدنا مقالا مترجما من الانجليزية يؤكد أن هذه اللاصقات لا تستند علي أساس علمي لأنها لا تحدث أثرا فسيولوجيا في الجسم.. فعند استخدام هذه اللاصقات علي باطن القدم ليلا حدث فعلا تغيير في لون اللاصقة للون البني أو الأسود ولكن تعريض هذه اللاصقة لبخار الماء المغلي وإضافة قطرات من الماء المقطر عليها يحدث نفس الأثر وهذا معناه أنها تحتوي علي مادة كيميائية يتغير لونها عند التعرض للرطوية وليس بسبب امتصاص السموم. النقطة الثانية وكما هو معروف أن الجسم يتخلص من المواد السامة ونواتج التمثيل الغذائي عن طريق الكبد الذي يقوم بتحويل تركيبة هذه السموم الكيميائية إلي تركيبة أخري يسهل التخلص منها بواسطة الكليتين التي تقوم بترشحيها من الدم لتخرج من الجسم من خلال البول.. أما الجلد فمن إحدي وظائفه إخراج الماء الزائد في شكل عرق وبه بعض الأملاح الذائبة ولم يثبت أن سموم الجسم والمعادن الثقيلة يمكن أن تخرج من خلال الجلد عن طريق العرق.. وكذلك عند البحث عن عشب التورمالين الذي يستخدم في اللاصقة + ألياف الأشجار وجدنا أن التورمالين حجر كريم يتميز بألوانه الفريدة.. فهو يجمع كل ألوان قوس قزح ولذا يطلق عليه حجر قوس قزح وله أنواع عديدة مثل: التورمالين الياقوتي، الأخضر، الأصفر، الأزرق والتورمالين المزدوج. لذا.. تابعت هذه الإعلانات عدة مرات بشغف وقمت بالاتصال بأرقام الهواتف المسجلة بالإعلان وسألتهم عن هذه اللاصقات وكيف أحصل عليها جاء صوت المجيب وسط ضوضاء وصخب بما يعني أنه يعمل من الشارع.. ثم قال إنه يبيع العلبة ب99 جنيها + مصاريف الشحن التي هي عبارة عن ثلاثين جنيها داخل القاهرة ويزداد الرقم حسب بُعد المكان.. أما محافظات الوجه البحري تباع بسعر 531 جنيها متضمنة مصاريف الشحن وتزداد القيمة إلي 041 جنيها في محافظات صعيد مصر ابتداء من المنيا وحتي أسوان سألته عن إمكانية استرجاع السلعة ورد المقابل النقدي حال عدم ثبوت جدواها.. فأجاب: بأن الاسترجاع متاح ولكن علي المشتري أن يخسر راضيا مصاريف الشحن.. وبالطبع هذا كلام نظري لأن التجربة الفعلية في الاسترجاع صعبة وبذلك يجد المشتري نفسه ضحية لذلك. وضعنا هذه القضية علي طاولة عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك الذي أكد أن المشكلة موجودة بالفعل وتندرج تحت بند الإعلانات المضللة ويجرمها القانون رقم 76 لسنة 6002 والذي يلزم المورد لأي سلعة بأن يعلن عنها ويوضح طبيعتها للمستهلك بشكل محدد ودون تضليل.. وبالنسبة لمثل هذه السلع التي تباع عبر التليفزيون أكد أن هناك شكاوي كثيرة تلقاها الجهاز ونظراً لذلك تقدم الجهاز بمشروع قانون لتعديل قانون رقم 76 لسنة 6002.. بما يمكنه من مكافحة الإعلانات المضللة من خلال تغليظ العقوبة لتكون رادعة وكان من المقترح زيادة الغرامة المقررة علي المخالف إلي مائة ألف جنيه ومضاعفتها حال تكرار المخالفة. واعترف يعقوب بصعوبة ملاحقة جهات التسوق عبر التليفزيون حيث إنهم عادة ما يمارسون نشاطاتهم من خلال سيارات متحركة أو مقار غير معلومة. وأشار إلي أن تعديل القانون توقف نظرا للظروف الأمنية والسياسية المتلاحقة التي تعيشها البلاد.. لكن الجهاز يركز حاليا علي مكافحة هذه الظاهرة من خلال زيادة وعي المستهلك عبر حملات توعية ضخمة في وسائل الإعلام لمحاولة وقف غزو الإعلانات المضللة. ونفي يعقوب وجود أي عقوبات حالية علي جهات بث أو نشر هذه الإعلانات مشيرا إلي أن القانون الجديد سيضع إجراءات وقواعد تضمن التزام جهات النشر أو البث بعدم الإعلان عن هذه السلع إلا بعد الحصول علي الموافقات اللازمة والتي تضمن حصول المستهلك علي فواتير وعمل هذه الشركات من خلال مقار معروفة وسجل تجاري وهواتف ثابتة لنتمكن من مراجعتها عند حدوث أي مشاكل. وأوضح يعقوب أن معظم الشكاوي في هذا السياق تنصب في المقدمة علي أجهزة الإليكترونيات وأجهزة التخسيس والأدوية الخاصة به وكذلك المستحضرات الطبية حيث يقوم الجهاز بإحالة أي شكوي ضد مستحضر طبي أو منتج من الأعشاب إلي قطاع الصيدلة في وزارة الصحة باعتباره المختص بصحة وسلامة المستهلك.. ولا يتوقف دور الجهاز علي ذلك بل يتم علي الفور إبلاغ مباحث التموين لملاحقة أي بلاغ عن وجود مثل هذه السلع المضرة وأن الإعلانات تروج لها علي أنها مستحضرات طبية مكونة من أعشاب وتركيبة صيدلانية فتحدثنا في هذا الشأن مع عدة صيادلة والذين أكدوا أن هذه اللاصقة وفدت إلينا من شرق آسيا من أجل أكل العيش والاسترزاق فقط وترويجها علي أنها منتج سحري يعالج كل الأمراض ولكنها في الحقيقة كلام فارغ ولا صحة له وليست هذه المنتجات عموما عبارة عن أعشاب حقيقية في كل الأحوال.. وحتي إن كانت أعشاباً حقيقية معروفة فهي ليس لديها القدرة أيضا علي شفاء كل هذه الأمراض.. وبما أن هذه الإعلانات لها تأثير علي المشاهدين من مختلف الطبقات وخاصة البسطاء تحدثنا مع الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس التي أكدت أن الترويج لهذه المنتجات ليس جديدا.. فهي تبيع الوهم للشعب لعدم وجود جهة رقابية لتلك الإعلانات.. فمفروض أن جمعية حماية المستهلك مسئولة عن ذلك ولكنها لاتعمل ولذا خرجت منها بعد أن كنت عضوة فيها.. فلو أنا مسئولة في قناة مثلا أطلب مايثبت صحة ذلك والتأكد من أن هذه الأشياء صحيحة حتي لاتكون المسألة مجرد فلوس ومكسب مادي فقط حتي لو كان المكسب 01 ملايين جنيه.. فهناك مايسمي بأخلاقيات المهنة.. ومفروض أن التليفزيون مؤسسة يملكها الشعب.. ولذا يجب أن يكون الإعلان موثقاً بتوقيع عدد من الأطباء حتي إذا وجد فيه خطأ نحضر هؤلاء الأطباء وتكون هناك مساءلة. أما عن تأثير هذه الإعلانات علي البسطاء فتقول د.خضر إن تأثيرها لا يقتصر علي البسطاء فقط ولكنها تؤثر علي كل الطبقات، بسطاء وغير بسطاء.. لأن المرض يجعل الإنسان يتمسك بالوهم فهي طوق النجاة لجميع المستويات..