غير أن هناك بعض المتظاهرين يقدر عددهم بحوالي 003 شخص أعلنوا انشقاقهم عن جماعاتهم وقرروا المبيت والاعتصام في الميدان ورفضوا الاستجابة لمطالب جهاز الشرطة بالتخلي عن اعتصامهم وترك الميدان حتي يتمكن المواطنون من قضاء حوائجهم بسهولة ويسر سواء قائدي السيارات أو المترددين علي مجمع المصالح في الميدان أو المتاجر والمحلات المتواجدة في الميدان والشوارع المحيطة به ولكن سرعان ما تطورت الأحداث وتصاعدت الاشتباكات بين رجال الشرطة والمعتصمين الذين قاموا بإشعال النيران في بعض مركبات الشرطة التي هي بالتأكيد من ممتلكات هذا الشعب. ولقد نمي إلي ذهن جميع الذين شاهدوا وتابعوا هذه الأحداث المؤسفة وأعمال العنف في ميدان التحرير التي بدأت السبت الماضي أنها تهدد بدرجة كبيرة الأمن والاستقرار وتشيع مخاوف أكيدة حول إمكانية إجراء انتخابات مجلسي الشعب والشوري في موعدها وأنه أصبح من الضروري تأجيل هذه الانتخابات وبالتالي عملية التحول الديمقراطي لحين استقرار الأوضاع الأمنية وهو ما يطالب به الآن بعض الأحزاب والتيارات السياسية حتي يتمكن المواطنون من الإدلاء بأصواتهم بحرية وأمان كذلك أعلن بعض المرشحين وقف حملاتهم الانتخابية. ويرجع تسميتها من البعض ب (جمعة قندهار) بسبب النداءات والشعارات الدينية والأعلام الإسلامية التي رفعت وكذلك أعلام مصر بعد أن كتب عليه (لا إله إلا الله محمد رسول الله) والتأكيد في مطالبهم علي أن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ورفض مبدأ دولة مدنية بالإضافة إلي الخطاب المثير الذي ألقاه د.محمد سليم العوا المرشح لرئاسة الجمهورية الذي طعم كل جملة في خطابه بنداء الله أكبر وتهديد المجلس العسكري بضرورة تسليم السلطة للمدنيين في موعد أقصاه شهر مايو القادم وتأكيده علي أن هذا ليس مطلبا أو رغبة وإنما هو توجيه وهو أعطي انطباعا غير مريح لدي البعض حول أسلوب وطريقة تعامل مرشح محتمل للرئاسة! هذه الجماعات الشبابية التي باتت في الميدان حتي صباح اليوم التالي مصرة علي الاعتصام وتعرضت لمواجهات مع قوات الشرطة التي جاءت لفض اعتصامها حتي ولو بالقوة أعلنت أنهم شباب متمرد علي الإخوان والجماعة السلفية بل وهاجم أحدهم الشيخ حازم أبو إسماعيل علي شاشة التليفزيون واتهمه بالخيانة وهو ما اضطر الشيخ أبو إسماعيل والعوا إلي العودة مرة أخري إلي الميدان بعد ظهر السبت والظهور وسط أنصارهما الذين زادت أعدادهم وحتي يتحاشيا ظهور أي خلافات وتمزق في صفوف جماعاتهما. عموما الوضع أصبح سيئا بل وخطيرا للغاية وأعتقد أنه أصبح في حكم اليقين تأجيل الانتخابات لأنه سيكون من الصعب خروج المواطنين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي من المحتمل أن تشهد أعمال عنف مثل تلك التي شهدها ميدان التحرير السبت الماضي خاصة بعد أن ضعفت هيبة الدولة وقيام التيارات الإسلامية بمحاولة فرض إرادتها ورغباتها باستعراض قوتها في مواجهة سلطة الدولة التي ربما تسقط ولايعلم إلا الله ماذا سيكون المصير لهذا البلد. الجميع يتهمون الحكومة بالضعف والتخاذل وعدم القدرة علي إدارة الدولة ويطالبون المجلس العسكري بالحزم والحسم ولكنهم وللأسف الشديد لايتسمون بالمسئولية الوطنية بل ويصرون علي وضع المشاكل والعراقيل أمام الحكومة والمجلس الأعلي ويبحث كل حزب أو تيار أو ائتلاف عن مصلحته الخاصة قبل المصلحة العليا للوطن. ثم عودة مرة أخري إلي مشكلة (مصنع موبكو) للبتروكيماويات والأسمدة الكيماوية في دمياط والذي صدر قرار مجلس الوزراء بوقف العمل به حتي يتم توفيق الأوضاع بشأنه وكذلك ميناء دمياط أحدث الموانئ المصرية وأكثرها تطورا والذي ظل مغلقا عن العمل لمدة 11 يوما وهو ما أدي إلي خسائر تقدر بالملايين من الدولارات والجنيهات تحملها الاقتصاد المصري في هذه الظروف الاقتصادية الحرجة التي تمر بها البلاد إضافة إلي تهديد مصادر رزق عشرات الآلاف من العمال والموظفين العاملين بالمصنع والميناء والشركات والمؤسسات المصرية والعالمية التي تتعامل مع الميناء الذي صار يلعب دورا هاما في تنشيط حركة الصادرات والواردات المصرية وخاصة الغلال وحمدا لله أن تمكنت لجنة الحكماء التي تم تشكيلها من م. حسب الله الكفراوي والسفير رؤوف الريدي وم. ممدوح حمزة وممدوح الولي وهم من أبناء دمياط من إطفاء نار هذه الفتنة التي أشعلها بعض المغرضين الذين يبحثون فقط عن مصالحهم الشخصية وقاموا بتضليل وتهييج الجماهير من أبناء دمياط والقري المجاورة بل وأساءوا إلي سمعة هذه المدينة العظيمة التي تعد من أهم المدن الصناعية المنتجة في مصر وخاصة في قطاعي الأثاث وصناعة الجلود. أما فيما يتعلق بقضية البيئة والحفاظ عليها والتي تعد من أهم القضايا التي تشغل بال الرأي العام العالمي والأوروبي بصفة خاصة خلال السنوات الأخيرة لدرجة أن الدول الأوروبية تفضل منح مساعداتها الاقتصادية للدول التي تراعي في سياساتها قواعد ومعايير الحفاظ علي البيئة من التلوث.. وإذا كانت هناك شكوك بانتهاك مصنع موبكو أو غيره من المصانع المعايير البيئية الدولية فلا يكون ذلك أبدا بغلق المصانع وتشريد عمالها والإضرار بالاقتصاد القومي المصري وإنما بالعمل العلمي الجاد علي تطوير أسلوب العمل في هذه المصانع لتقليل عوادمها بما في ذلك تركيب الفلاتر اللازمة مثلما حدث في مصانع الإسمنت بمنطقة طرة ومصنع طلخا للكيماويات ذلك أن سلاح تلوث البيئة لايجب أبدا أن يكون سلاحا للقضاء علي أهم قطاعات الصناعة المصرية.. في بداية الخمسينات من القرن الماضي شهدت منطقة (الرور) وهي من أهم المناطق الصناعية في ألمانيا حيث توجد مناجم الفحم وصناعات الحديد والصلب أسوأ درجات التلوث البيئي في العالم وعرفت بمنطقة »السحب السوداء« حيث عاني أهلها من الأمراض التي نتجت عن التلوث البيئي بسبب الغازات الضارة والأدخنة المنبعثة من المصانع غير أن الحكومات الألمانية المتعاقبة لم تقم بإغلاق المصانع أو مناجم الفحم وتشريد مئات الآلاف من العمال فيها وإنما انكبت وبذلت قصاري جهدها لتحسين الأوضاع البيئية في هذه المناطق طبقا لأحدث الأساليب العلمية حتي تحسنت الأجواء وأصبحت منطقة »الرور« منطقة جذب للاستشفاء والتنزه أمام جميع الألمان من كل أنحاء ألمانيا.