ربما ينتظر الشعب المصري بأكمله اليوم الذي يشهد انعقاد أول مجلسي شعب وشوري منتخبين بدون تزوير وبدون الحزب الوطني. فبرلمان مابعد الثورة هو أولي خطوات الإصلاح الديمقراطي والسياسي والاستقرار الذي ينتظره كل مصري. هذا البرلمان سوف يكون له دور كبير في وضع الدستور الجديد لمصر والذي سيحدد شكل الدولة ومستقبلها وانتخاب رئيس جديد للبلاد كل هذه بعض من العطايا التي سيمنحها البرلمان لمصر لكن الشواهد الموجوده الآن كلها تصب في عكس هذا الاتجاه فالبعض يجدها فرصة ليقول الشعب كلمته ويحتكم للصندوق في انتخابات نزيهة وشفافة وحرة تعبر عن الإرادة الحقيقية للمصريين. وبالتالي لا مجال للتشكيك والفوضي فالديمقراطية تقول إن الخيار للشعب.. والقرار للصندوق فلا حجة لثورة أومظاهرة أو فوضي أو أجندات أو مؤامرات ولذلك يرون أن الانتخابات هي طوق النجاة الذي سينقذ البلد من شبح الغرق والانهيار.والبعض الآخر يري أن الانتخابات لم يتم الإعداد لها بشكل جيد وأنها جاءت في ظروف غير مواتية وستجري في ظل أجواء أمنية غير مريحة وتهدد نزاهة الانتخابات وربما تحدث تداعيات خطيرة في ظل انتشار البلطجة وتؤدي أيضا إلي جرجرة البلد إلي مستنقع الفوضي والصراعات وتصفية الحسابات بين التيارات السياسية المختلفة مما قد يحدث زلزالا قد يؤدي إلي نتائج لا يحمد عقباها. فبالرغم من مرور 10 أشهر علي ثورة 25 يناير، واقتراب موعد الانتخابات البرلمانية لمجلسي الشعب والشوري، ووعود وزارة الداخلية والقوات المسلحة بمرور الانتخابات بسلام دون وقوع أي اشتباكات أو حوادث، إلا أن جميع الأحداث الأخيرة من اقتحام مقار أقسام الشرطة وتحول الصعيد إلي منطقة ملتهبة بالأسلحة النارية وغيرها من الأحداث تؤكد أن الوضع القادم أسوأ مما هو عليه، خاصة أن كل المؤشرات تؤكد أن سبب تزايد الطلب علي الأسلحة يعود إلي استخدامها في الانتخابات وتسيطر حالة من القلق والفزع علي الشعب المصري حاليا، بعد أن أحس بأن الاستقرار لم يتحقق حتي اليوم، ودخول البلطجية في كل مفردات الحياة، ففي القريب وقع حادث تجمهر المئات من سكان منطقة البساتين أمام قسم الشرطة، محاولين اقتحام القسم، وذلك بسبب قيام الأجهزة الأمنية بالقبض علي تاجر خردة بتهمة الاستيلاء علي قطعتي أرض بالبساتين بمنطقة "ترب اليهود".بعد هذا الحادث بأيام قليلة أشعل عدد كبير من البلطجية بقرية العزيزة مركز المنزلة بالدقهلية، النيران في نقطة الشرطة وقاموا باحتجاز الأفراد بداخلها ومفتش مباحث فرع شمال الدقهلية، وذلك انتقاماً من حملة أمنية تمكنت من إلقاء القبض علي زعيمهم.وفي سوهاج تحولت مدينة السلام إلي مدينة أشباح بعد اشتباكات وقعت بين قبائل العرب والهواري بسبب لعب القمار وفرض حظر التجوال لمدة ساعات.كل هذا ينم أن إجراء العملية الانتخابية القادمة ستكون مستحيلة في ظل التردي الأمني الذي لا يستطيع حتي أن يحمي الأقسام التي يتواجد فيها، فضلاً عن مصادر أمنية رفيعة المستوي أكدت دخول شحنة من الأسلحة النارية إلي محافظات الصعيد خلال الأيام الماضية عبر المراكب الشراعية عبر بحيرة ناصر بأسوان.وفي كفر الشيخ ألقت الأجهزة الأمنية ، القبض علي 21 شاباً، منهم 12من قرية سوق الثلاثاء و9 من بلطيم، وذلك في حملة مكبرة ببلطيم وقرية سوق الثلاثاء بسبب المجزرة البشرية التي اندلعت بين البلدين. المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس اللجنة العليا للانتخابات قال إنه واثق تماما من الجيش والشرطة في حماية العملية الانتخابية، وأن الداخلية وضعت خطة أمنية مشددة لحماية الناخبين والمرشحين والقضاة الذين سيشرفون علي الانتخابات. وأكد إبراهيم، أنه في حالة ما وقعت اشتباكات ووفيات كبيرة سيكون المجلس العسكري هو صاحب الرأي في وقف الانتخابات من عدمه.من جانبه، يقول اللواء رفعت عبد الحميد أستاذ العلوم الجنائية والتأمين، إن الأوضاع التي تمر بها البلاد من وقوع حوادث متكررة بسبب أعمال البلطجة في الشوارع قد يؤدي إلي صعوبة حماية العملية الانتخابية المقبلة، رغم أنه متفائل من قيام القوات المسلحة ووزارة الداخلية بشن الحملات المكبرة لضبط البلطجية والخارجين علي القانون قبل العملية الانتخابية بأيام. جدير بالذكر أن اللواء أركان حرب حسن الرويني عضو المجلس الأعلي للقوات المسلحة قائد المنطقة المركزية العسكرية سبق أن صرح في تصريحات صحفية، أن القوات المسلحة مستمرة في شن حملاتها الأمنية حتي انتهاء الانتخابات، وأن القوات المسلحة ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه أن يمس سلامة العملية الانتخابية، خاصة أن معظم الدوائر الانتخابية تقع في نطاق المنطقة المركزية، مشيراً إلي أن الحملات أسفرت عن ضبط عدد كبير من البلطجية الذين كانوا يستخدمون أثناء الانتخابات، بالإضافة لعدد كبير من الخارجين علي القانون والهاربين من الأحكام وتجار المخدرات وعدد كبير من الأسلحة النارية، وكذلك تم ضبط بعض المسروقات التي قد نهبت من المحلات التجارية في الأيام الأولي للثورة. وشدد الرويني علي أن الحملات ستستمر حتي يتم الانتهاء من الانتخابات، وتتضمن مهاجمة جميع أوكار البلطجة في شتي المحافظات بالتعاون مع الشرطة كمرحلة أولي ثم مشاركة كافة وحدات المنطقة في تأمين الدوائر الانتخابية بعدد كبير من الأفراد وكذلك تأمين عملية فرز الأصوات وجولات الإعادة كمرحلة ثاني. تحذيرات أمريكية من ناحية أخري، كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية قد حذرت رعاياها المسافرين أو المقيمين في مصر من احتمالية وقوع اضطرابات قبل الانتخابات البرلمانية، وحثت وزارة الخارجية الأمريكية رعايا الولاياتالمتحدة المسافرين إلي القاهرة أو المقيمين فيها تجنب أي مظاهرات، حتي السلمية منها التي يمكن أن تتحول بسرعة إلي مواجهات عنيفة ويكون الأجانب فيها هدفاً للمضايقات. السياحة والانتخابات وعلي صعيد السياحة في مصر تسيطر حالة من الاستياء والقلق علي العاملين بالقطاع السياحي، وبصفة خاصة المرشدين السياحيين، وذلك بعد أن أعلن عدد من شركات السياحة المصرية بدء نظيرتها من الشركات الأجنبية، في إيقاف رحلاتها إلي مصر، ابتداء من النصف الثاني لشهر نوفمبر الجاري، وحتي انتهاء الانتخابات البرلمانية.الشركات المنظمة أكدت تخوفها من الأجواء التي ستسيطر علي الانتخابات، في ظل الانفلات الأمني، وهو ما أثار استياء المرشدين السياحيين والعاملين بالقطاع، نظراً لاعتمادهم علي الموسم الشتوي الحالي، أملاً في تعويض أي من الخسائر التي لحقت بهم خلال الأشهر الماضية.يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه وزير السياحة، منير فخري عبد النور، خلال مشاركته في فعاليات بورصة لندن، أن مصر يسودها حالة من الأمن والاستقرار، وأن هناك حالة من التفاؤل خلال الفترة القادمة للموسم السياحي.وكان عدد من المهتمين بمجال السياحة قد أكدوا علي المخاوف بسبب الانتخابات فأكرم عصام مرشد سياحي، قال إن هناك ما يزيد عن 8 شركات أجنبية أبلغت الشركات المصرية التي تتعامل معها عن إيقافها للرحلات القادمة لمصر، وذلك كنتيجة طبيعية للأخبار المتضاربة عن الانتخابات البرلمانية وما قد يحيطها من أجواء غير مستقرة والصورة حتي الآن يشوبها العديد من الاختلافات والصراعات بين القوي السياسية والأحزاب، مما يهدد بحدوث اشتباكات أثناء فترة الانتخابات.وأضاف عصام، أن الموسم السياحي الشتوي سيتوقف علي النتيجة الأولي والأجواء التي ستحيط بالمرحلة الانتخابية الأولي، التي يعد مرورها بسلام هو بوابة الاطمئنان بالنسبة لشركات السياحة الأجنبية وإزالة حالة القلق المتواجدة لديهم، مما يمهد بعودة الحركة مرة أخري دون قلق خلال المرحلتين الثانية والأولي.فيما أكد محمد عبد الجبار، المستشار السياحي لمصر لدي إيطاليا، أن هناك حالة من الترقب لدي منظمي الرحلات السياحية بإيطاليا، انتظارا لما ستسفر عنه الانتخابات البرلمانية المقبلة في مصر، نظرا للتصريحات المختلفة التي صدرت عن التيارات الإسلامية بخصوص وضع ضوابط للسياح القادمين لزيارة مصر، مضيفا أن مؤشرات الحجوزات المستقبلية مبشرة للغاية، لكن تنفيذ الرحلات يتوقف علي التداعيات التي تصاحب العملية الانتخابية.وأشار حمدي الشامي، وكيل وزارة السياحة السابق، إلي أن الانتخابات سبب رئيسي في ضرب الموسم الشتوي هذا العام خاصة أنها هذه المرة ليست انتخابات عادية وإنما القلق والخوف من حدوث اشتباكات يحيط بها طوال الوقت"، وأضاف: المصريون أنفسهم خائفون من الانتخابات، فما بال السائح الذي سيأتي لبلد لا يعرف فيه شيئا.وأوضح أن الضرر الذي سيلحق بالقطاع السياحي كبير جدا، مؤكدا أنه في حالة استمرار الأوضاع بهذا الشكل الذي وصفه ب"الفوضوي"، فإن صناعة السياحة المصرية مهددة تماما وستتجه غالبية الدول لفرض الحظر علي مصر وليس أمريكا أو غيرها من الدول الأخري القليلة التي تتجه لفرض الحظر في حالات معينة. خطر الانتخابات ويؤكد اللواء يوسف سري الخبير الاقتصادي إن المتآمرين بدأوا في تخطيطهم لزعزعة الاستقرار أثناء العملية الانتخابية. ومنذ ثورة 25 يناير بدأ المتآمرون طبقا للمخطط دفع المفرزة الأولي من البلطجية للقضاء علي الشرطة وعلي الأمن تدريجيا. وإثارة الفتنة الطائفية والوقيعة بين الجيش والشعب ومع أنهم لم يستطيعوا اختراق صفوف الشعب إلا أنهم حاولوا إحداث فوضي ومظاهرات فئوية لإحداث عجز في الموازنة ونقص السيولة وما يتطلبه تحقيق هذه المطالب من زيادة من عجز في ميزان المدفوعات. وإحراج المجلس العسكري وحكومة شرف لصعوبة تحقيق هذه المطالب. ويضيف هناك خطورة علي مصر من إجراء هذه الانتخابات في ظل الظروف التي تمر بها سواء في الداخل أو الخارج. بسبب الأمية الأبجدية والأمية السياسية. وهذا يدفع إلي بيع الأصوات لمن لا يستحقونها. أيضا التأثير علي الناخبين عن طريق الباب الذهبي والتركيز علي مفتاح التعصب الديني للمرور إلي أغراضهم. أيضا حالة البطالة والفقر التي عليها نسبة كبيرة من الناخبين. ومع ذلك فإن صناديق الانتخابات القادمة ستلفظ أي تزوير ولن يكون هناك أي سبب لوجود معارضين لعدم وجود شفافية.ويطالب أيضا بتحقيق الأمن حتي نستطيع الخروج بهذه الانتخابات لبر الأمان. وذلك من خلال بناء منظومة جديدة وحقيقية وحديثة تحقق الدولة الديمقراطية الحديثة. لأن معرفة أسباب المشكلة يساوي نصف علاجها. فلا شك اننا نعيش أزمة أمنية.ويري أن مظاهر نجاح المنظومة يتوقف علي تحقيق شعار الشعب يريد الأمن والأمان ما يعني ضبط معدلات الجريمة إلي أدني مستوياتها والتصدي للبلطجة وتجار المخدرات بيد من حديد واحترام حقوق الإنسان. برلمان مهم وقال عمرو دراج القيادي بحزب الحرية والعدالة إن البرلمان القادم سوف يفرز تشكيلة ترضي كل الأطراف السياسية مشيرا إلي أن ما يحدث الآن من مشاكل واضطرابات واعتصامات يعتبر مخاضاً سياسياً أو فترة نقاهة ما بين عهدين ولن تنتهي هذه المطالب الفئوية إلا عندما ينتقل الحكم إلي الشعب وتسلم الدولة لسلطة مدنية منتخبة من قبل الشعب الذي شارك وسيشارك بقوة في تلك الانتخابات إلا أنه انتقد وبشدة إجراء الانتخابات في ظل قانون الطوارئ وسبقها غموض كبير حول نسبة الفردي والقائمة وحدود الدوائر بالاضافة إلي ظهور أحزاب الفلول وانتشار أعمال البلطجة والأموال بشكل مقلق.أضاف أن البرلمان القادم مهم جدا لأنه سيقدم دستورا للبلاد يضمن حقوق المصريين ويحقق أهداف ثورة يناير.