أين تبخر دواعش سورياوالعراق؟.. السؤال تم طرحه منذ فترة ليست بالقصيرة، وقبل أن يعلن كل من القادة العسكريين في البلدين، عن تطهير الأراضي من الدواعش وهروبهم للصحراء، بل وخروجهم في بعض الحالات مثل سوريا خروجا "آمنا" وبرعاية إقليمية ودولية؟ والسؤال الأهم: ماذا سيفعل الدواعش في أرض الخلافة الجديدة بعد فشل مشروعهم.. إلي حين.. في بلاد الشام؟ والأكثر أهمية هو السؤال: هل بات الدواعش أكثر قربا منا عنه في السابق خاصة عند حدودنا الشرقية والغربية، أم أن الأمر مازال خارج نطاق الخطر؟ والتقدم علي الأرض.. ضد داعش ما هو إلا نتيجة حتمية للتحالف الدولي الذي يضم 58 دولة وتقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية، الذي أُعلن عنه منذ سنوات قليلة ودخل حيز التنفيذ فعليا علي أراضي كلٍ من سورياوالعراق منذ نحو 3 سنوات فقط.. كما أنه نتيجة لدخول روسيا المعركة بثقلها العسكري مع نظام الأسد ودورها البارز، وبخاصة في طلعاتها الجوية وصواريخها التي تضرب من البحر المتوسط، وهو ما أدي لانتصارات ملموسة للنظام والروس وحلفائهم من الإيرانيين وحزب الله اللبناني.. كما أدي اضطرار التنظيم للقتال في أكثر من جبهة إلي ضعف قدراته العسكرية وتركيزه القتالي، إضافة - كما تقول صحيفة التايمز البريطانية - إلي نقص التمويل المادي والعسكري له من دول وأشخاص بعضهم من دول إقليمية علي رأسها كلٌ من تركيا في فترة أولي من الحرب.. وقطر، والاختفاء المريب لزعيمه أبوبكر البغدادي وتضارب الأنباء حول هروبه، أو حتي قتله أو إصابته بإصابات بالغة. ولكن مع إعلان كلٍ من سورياوالعراق، تطهير البلاد أو أكثر من 85٪ منها كما في سوريا، وأكثر من 95٪ كما في العراق من التنظيم، إلي أين ذهب التنظيم ورجاله، خاصة مع أخبار قالت إن هناك خروجا آمنا قد حدث بالاتفاق بين داعش والأكراد في الرقة السورية، للخروج لأماكن أخري ربما تكون داخل أو خارج سوريا (لا أحد يعلم أين بالضبط؟)، وهو ما يشير لتواطؤ كردي داعشي، لاشتعال الحرب في أماكن أخري ربما تكون خارج سوريا، أو في داخلها ولكن في مناطق لا تخضع لسيطرة الأكراد وحلفائهم الأمريكان؟ ووفقا لتقرير نشرته الإذاعة الألمانية DW فإن فرص الدواعش في تحقيق حلم دولة الخلافة، قد تلاشت وربما تكون قد انتهت، لأن المبدأ الذي بُني عليه وهو السيطرة علي الأرض وإقامة الدولة الإسلامية.. وفق مفهموهم.. قد تحقق ولو جزئيا في كل من الرقة السورية والموصل العراقية، كما أن انتشار الفكرة بين المتشددين وتغليف الأمر علي أنه نزاع طائفي، أدي لانتشار الفكرة ولو إلي حين.. ومن هنا فإن فرص الدواعش بعد الهروب والاندحار في الدولتين قد تكون منعدمة لتكرار الفكرة في مناطق أخري.. ولكن يبقي السؤال: أين ذهبوا؟ تقرير آخر ولكن لل»NN هذه المرة يقول: إن الخيارات أمامهم قد لا تكون واضحة ولكن أبرزها: ليبيا حيث الفوضي العارمة وعدم سيطرة الدولة بشكل كافٍ علي زمام الأمور، ما بين شرق وغرب البلاد وانعدام الصلة مع كلٍ من الوسط والجنوب، ومع وجود ميليشيات قد تكون داعمة لهم أو حاضنة لهم، مثل ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين الليبية »أنصار الشريعة وغيرها كثير»، إضافة لسهولة الحصول علي الدعم المالي أو العسكري عبر الموانئ الليبية علي البحر المتوسط، أو عن طريق الصحراء المترامية وحدود ليبيا الشاسعة مع كلٍ من النيجرومالي وتشاد، وكلها دولة حاضنة لجماعات متطرفة بشكل أو بآخر، خاصة في مالي.. ويُضاف لذلك بالطبع.. أفغانستان التي تعتبر حاضنة لكل الجماعات المتطرفة والجهادية »السنية والشيعة»، كما أنها معقل للتنظيم الأم لكل هذه الجماعات المتطرفة وهو »القاعدة» ويوجد بها د.أيمن الظواهري قائد التنظيم بعد بن لادن. وليس هذا فقط.. فبعد الاعتداءات الأخيرة علي ميدان »أوكسفورد» في وسط العاصمة البريطانية لندن، عادت المخاوف لتملأ الصحف البريطانية عن نية داعش تنفيذ عمليات انتقامية في القارة العجوز، وذلك علي غرار العمليات الكبري التي شهدتها أوروبا مثل: باريس وبروكسل ولندن، والمتوقع.. أن تزداد وتيرة هذه العمليات مع زيادة الخلايا الإرهابية النائمة نتيجة عودة الأوروبيين الذين ذهبوا للقتال مع داعش وحلم دولة الخلافة إلي أوروبا، بعد هزيمتهم في كلٍ من سورياوالعراق. وهؤلاء العائدون.. سيمثلون الوقود الذي ستشتعل به حرائق أوروبا القادمة، وتوقعت مصادر أوروبية في الإنتربول الأوروبي أن يكون هناك علي الأقل 100 إرهابي قد تسللوا بالفعل إلي القارة العجوز، وبعضهم قد يكون قد تسلل إليها علي أنه من »اللاجئين» الذين تستقبلهم القارة مع مطلع كل صباح. ومن هنا.. فإن ارتفاع وتيرة التفجيرات الإرهابية في أوروبا، قد يرتفع في الفترة القادمة، وهو مابدأ في الحدوث بالفعل مع إطلاق النار بعشوائية في لندن مؤخرا، ومع استنفار أمني أوروبي غير مسبوق وبخاصة مع قرب الاحتفالات بأعياد رأس السنة الجديدة، وتخشي أوروبا - مع ذلك - أن يؤدي اندحار داعش في كلٍ من سورياوالعراق، إلي زيادة عدد اللاجئين منهم - تحت أي ستار - إليها وهو ما يعني المزيد من الفوضي والخلايا النائمة والذئاب المنفردة التي لا يعرف عنها الأمن الأوروبي الكثير، وتقوم بعملياتها عبر خلايا عنقودية، يعدُّ عدد أفرادها علي أصابع اليد الواحدة، ولا يعرفون بعضهم البعض ويمثلون خطرا داهما علي أوروبا. والخوف هنا.. في تعدد جنسيات الهاربين من داعش في العراقوسوريا، فهناك العرب بالطبع وبعضهم من الدولتين »سورياوالعراق» وهؤلاء قد يعودون للاندماج داخل الدولتين وربما السكون لفترة طويلة، قبل الدعوة مرة أخري لداعش جديد، وهناك أتراك، ومن المشرق والمغرب العربي وأوروبيون جاءوا بصفة خاصة من بلجيكا وبريطانيا وفرنسا، إضافة لآسيويين من الأفغان والباكستانيين والمسلمين الصينيين والروس أيضا! ومن هنا.. يبقي السؤال: هل سيكون هؤلاء وقودا لحرب جديدة في تلك الدول بعد عودتهم إليها، أم سيختفون للأبد مع تبخر تنظيمهم الأم »القاعدة ثم داعش»؟!