في الوقت الذي خرج فيه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في جولة إلي الموصل ثاني أكبر المدن العراقية منذ أيام ليعلن النصر الكامل علي تنظيم داعش الإرهابي والتخلص من جميع فلوله وبقاياه, ويبث الثقة والأمان في نفوس الجيش العراقي ويهنئهم بإنجازهم العظيم, أعرب السكان هناك عن يأسهم من عودة الأوضاع إلي طبيعتها حتي بعد هزيمة التنظيم الإرهابي الذي أجبر900 ألف من سكان المدينة علي الفرار إضافة إلي مقتل الآلاف من الأبرياء والأطفال خلافا للآلاف الذين أصيبوا في الحرب, وأعربوا عن مخاوفهم من الأيام السوداء التي تنتظر البلاد علي حد تعبير مجلة ذي أتلانتيك الأمريكية. من جانبها, أكدت صحيفة الجارديان البريطانية أن المعركة ضد داعش انتهت بالفعل إلا أن الحرب الطائفية المستمرة بين السنة والشيعة والأكراد لن تنتهي بعد ومن المتوقع أن تصل ذروتها في الفترة القادمة ويدخل العراق في صراع آخر بين الأشقاء العراقيين الذين انتهت حاجتهم المؤقتة للتوحيد ضد الدواعش, فالأكراد سرعان ما أعلنوا عن طموحاتهم مطالبين بضم سنجار ومدن بكركوك وديالي للإعلان عن دولتهم المستقلة والتعايش مع العراق كدولة مجاورة وذلك ثمن مشاركتهم وجهودهم في الحرب ضد داعش, وهو ما قابلته الجماعات السنية والشيعية بالرفض التام. وأضافت الصحيفة أن داعش لن يتخلي بسهولة عن فكرة إقامة الخلافة التي يحلم بها ومن هنا توقعت الصحيفة أن الآلاف من الدواعش وأنصارهم سيعتمدون خلال الفترة المقبلة علي إستراتيجية الذئاب المنفردة وذلك من خلال تنفيذ العديد من الهجمات الانتحارية التي ستستهدف الغرب, وكذلك العراق وسوريا حيث لا تزال بقاياهم هناك. أوضحت أيضا صحيفة هافنجتون بوست الأمريكية أنه علي الرغم من انكماش المساحات التي يسيطر عليها تنظيم داعش وعلي الرغم من خسارته في العراق وسوريا وتقهقره بشكل كبير إلا أنه لا يزال يمثل خطورة كبيرة علي دول الشرق الأوسط وكذلك أوروبا, فالتنظيم الإرهابي لا يزال يسيطر علي35 مدينة في الشرق الأوسط تقع في ليبيا وأفغانستان وسوريا واليمن والعراق وغيرها, ولا يزال يتمتع بكثير من الخلايا النائمة في كثير من دول الشرق الأوسط. ففي اليمن الذي مزقته الحروب يتنافس تنظيم داعش مع تنظيم القاعدة علي تشكيل جيل جديد من المجندين الجدد فكلاهما يسعي إلي جذب أكبر عدد ممكن من الشباب اليمني, وساعدهم علي ذلك الفراغ الأمني الذي يعانيه اليمن. وأكدت الصحيفة أنه بعد تقهقره في العراق وسوريا فلن يجد داعش مكانا أفضل من ليبيا التي تعاني فراغا أمنيا ليعيد تنظيم صفوفه ويستجمع قواه من جديد, وحيث يتجمع عدد كبير من مؤيديه. ومن جانبه, أكد الجنرال توماس والدوسر, قائد القوات الأمريكية في إفريقيا, أمام مجلس الشيوخ, أنه بعد طرد الدواعش من سرت الليبية استطاعوا أن يعيدوا تنظيم صفوفهم في جنوب ليبيا, ومن هناك خططوا لتنفيذ أبشع الجرائم الإرهابية في أوروبا. وأكدت الصحيفة أن السيطرة علي الأراضي لم تعد المقياس الحقيقي للحكم علي مستقبل داعش, فالتنظيم سرعان ما أدرك خسارته الكبيرة في أرض المعركة لذا سارع بتنفيذ العديد من الهجمات الإرهابية في فرنساوأمريكا وبريطانيا, محذرة من المزيد من تلك الهجمات في الفترة المقبلة خاصة أن داعش كالأسد الجريح الذي يسعي إلي الانتقام من أعدائه مهما كلف الأمر, وهو ما يستوجب المزيد من الانتباه من الأجهزة الأمنية سواء في الدول التي لايزال يتمركز فيها أو أمريكا والدول الأوروبية.