كانت ولا تزال إحدي هواياتي المفضلة الاستمتاع من خلال موجات الراديو لفن الطرب الأصيل من عناقيد الحناجر الذهبية أمثال أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وفريد الأطرش وصوت الحب نجاة أطال الله عمرها ولكني تأثرت كثيرا بوفاة المطربة سعاد محمد آخر عنقود في حقبة المبدعين في الغناء.. التي وهبت هذا الفن حياتها وعمرها ولكنها ظلت طوال هذه الفترة تفتقد إلي من يحسن استغلال حنجرتها الذهبية لا من يستغلها ويجني الكسب من ورائها كان الكثيرون يطمعون بما تملكه وبما يدره ذاك الصوت المميز عن الآخرين ولكن لم يكن بمقدور أحدهم الدفع بها لعرش واجهة الغناء حتي في وطنها لبنان حيث كانت المطربة فيروز محمية بالأخوين رحباني وكذلك في مصر بعد أن تردد أن أم كلثوم كانت تخشي علي مكانتها من سعاد محمد وكانت تطلب من الملحنين المصريين عدم التعاون معها حتي لا تصل الراحلة سعاد محمد لقمة المنافسة التي تربعت عليها أم كلثوم وقتها.. كما أكد الموجودين علي الساحة الفنية ممن عاصروا هذه المرحلة أن محمد عبدالوهاب استجاب لأم كلثوم وكان يتهرب بدبلوماسية من تحقيق أمنية المطربة الراحلة بغناء لحن منه حيث كان يشير لمن يسأله عن السبب بأن صوتها أكبر من ألحانه ولكن في الوقت نفسه كان هناك ملحنون مبدعون يرون أن حنجرة صوتها تحمل الكثير من العرب تفوق الموجودة عند أم كلثوم فسارعوا وقدموا من خلال صوتها روائع لاتزال تعيش في أحاسيسنا ووجداننا ومنها أغنيات أوعدك دايما فكراك، يابخت المرتاحين هلا بالورد مظلومة ياناس مظلومة وحشتني الهوا غلاب بقي عايز تنساني وبجانب العاطفي والوطني واللبناني والمصري والبدوي والذي وصل لأكثر من ثلاثمائة أغنية قدمت أيضا الطقطوقة والموشح حيث لا يستطيع أحد نسيان »أنا هويت وانتهيت« للراحل سيد درويش.. والمثير أن سعاد محمد عانت الكثير من الصعاب والظلم علي المستوي الفني لأنها لم تلق أي رعاية واهتمام يساعدها علي الاستمرار في التواجد والعطاء الفني مثل ما حظي به الكثيرون من المطربين في مصر وكذلك في وطنها لبنان أمثال فيروز.. وديع الصافي نجاح سلام صباح سميرة توفيق سمير يزبك- ملحم بركات وآخرين بل تركوها تعيش محتجبة عن الفن داخل منزل أحد أبنائها من زوجها الثاني المهندس المصري محمد بيبرس بعيدة عن أي تكريم مستحق حتي داهمها مرض الشيخوخة وفقدان الذاكرة وآثرت بعدها الاعتزال تحت ضغط متغيرات المناخ الفني.. ومن هنا أناشد عشاق ومحبي قيثارة الغناء العربي سعاد محمد في مصر ولبنان وكل الدول العربية تقديم لفتة اهتمام ولمسة حنان تعمق الإحساس لدي الجميع بأن صوتها النابض بالجمال يحتاج لتكريم حقيقي بحجم موهبتها الفريدة بدلا من التجاهل والإهمال.