حصلت "آخرساعة" علي ملامح النظام التعليمي الجديد الذي يعد له حاليا الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، والذي من المقرر تطبيقه العام الدراسي بعد القادم، ويعتمد علي إعادة تأهيل كل من المعلمين والطلاب والمدارس والمناهج علي أن يكون الهدف الأساسي منه إعلاء قيم المواطنة بين التلاميذ، إلي جانب ربط المناهج التعليمية بالأنشطة والمهارات والمواقع التعليمية وتقليل الاعتماد علي الكتاب المدرسي. وعلمت "آخر ساعة" أن شوقي عمل منذ توليه منصبه علي وضع الاستراتيجية الجديدة والتي عكف علي إعدادها بعيداً عن مقر ديوان وزارة التربية والتعليم، إذ إن أغلب النقاشات تمت داخل صندوق تنمية وتطوير المشروعات بالعجوزة، كما استعان الوزير بشخصيات علي علاقة بالمنظومة التعليمية ولكن من خارج ديوان الوزارة لوضع التصور الجديد بالإضافة إلي عدد من قيادات المجلس الاستشاري للتعليم، وهو ما جعله يتفرغ تقريبا للعمل علي خروج الاستراتيجية إلي النور في أقرب وقت ممكن. وقالت مصادر مطلعة بالوزارة، ل"آخر ساعة" إن مركز تطوير المناهج يعمل حاليا علي إعداد المراحل الإجرائية لتطبيق النظام الجديد، وأن تلك المراحل تتمثل في إعادة تقييم المناهج بشكل كلي، وإعادة عرضها بما يتوافق مع متطلبات الاستراتيجية الجديدة والتي تقوم علي ربط المناهج بالمكتبات المعرفية المختلفة وهو ما يهدف إلي تحريك الطلاب نحو القراءة والاطلاع والتحول من التلقين والحفظ للإبداع والابتكار والاستمتاع بالتعلم. وأضافت المصادر أن المناهج أيضاً سيتم تطويرها بما يتوافق مع ربطها بالأنشطة، وهو ما سيتم التركيز عليه تحديدا فيما يتعلق بمناهج المرحلة الابتدائية والتي ستركز علي الألعاب والصور، كما أن عرض المعلومات خلالها سيكون في شكل صور جذابة مثل الألعاب والأفلام والمقترحات، علي أن يكون هناك درجات إضافية للطلاب المتفوقين في تقديم الاختراعات والابتكارات الجديدة. فيما أكد وزير التعليم الدكتور طارق شوقي أنه ضمن الجزء الخاص بتطوير مهارات الطلاب فإن الوزارة ستعمل علي تطبيق ما يسمي ب"الفصل المقلوب"، إذ سيكون للطلاب دور أكبر داخل الفصل من خلال مشاركتهم في عملية الشرح والمناقشة مع معلميهم وأقرانهم، والعمل علي زيادة البعد المجتمعي في علاقاتهم مع معلميهم والتعرف علي أسباب المشكلات الحياتية التي يتعرضون لها وإمكانية إيجاد الحلول السليمة سواء في الحياة العلمية أو العملية، فضلاً عن زيادة مشاركتهم، بالإضافة إلي زيادة استيعاب من يعانون من ضعف في التحصيل الدراسي، وتفاعلهم أثناء الحصص. وألمح شوقي إلي أن الهدف الرئيسي من النظام الجديد سيكون الاهتمام بغرز قيم المواطنة مشيراً إلي أن الوزارة بصدد مضاعفة الاهتمام بالتربية الوطنية والقيم والأخلاق خلال الفترة المقبلة وذلك لبث روح المواطنة وتقبل الآخر واحترامه والتعايش معه في إطار من الاحترام المتبادل، وأن دروس القيم والأخلاق سوف يتم توزيعها علي مختلف المناهج، ولن تكون مادة بعينها حتي يستطيع الطالب أن يدرسها في كل المراحل التعليمية، وتترسخ في وجدانه ويتقبلها. أما فيما يتعلق بالمدرسة فأشار وزير التعليم إلي أنه سيتم إدخال تقنيات جديدة للتعليم تسمح بأن يكون هناك جزء من التعليم يدرسه الطالب خارج الفصل وذلك للتعامل مع مشكلة كثافات الفصول، وأن الإعلان عن تلك الخطوات سيكون عقب امتحانات الثانوية العامة، مشدداً علي أن إدخال تطوير المدرسة سيتضمن تغيير جلد الوزارة ككل بحيث ينصب تفكير القيادات علي تخريج شخص يبدع ويفكر، علي أن يتم ربط الأنشطة بالتقييم النهائي للطلاب. وأكد شوقي أن النظام التعليمي الجديد سيتعامل مع ملف الدروس الخصوصية، إذ إن الأنشطة سيكون لها الكلمة العليا داخل المدرسة، وبالتالي إلغاء وتبسيط أجزاء كبيرة من المناهج الحالية لتسهيل الأمر علي الطلاب وأولياء الأمور، مشدداً علي أن الوزارة ستكون أكثر إيجابية خلال الفترة المقبلة فيما يتعلق بالتعامل مع المناهج الدراسية، كما أنها ستعمل علي تقديم نقاط وحوافز عديدة للمعلمين لتحفيزهم علي العمل داخل المدرسة. وأكد شوقي أنه سيتم إلغاء النظام الحالي للثانوية العامة علي أن يتم تطبيق التجربة الجديدة علي طلاب الصف الأول الثانوي العام القادم، مشيراً إلي أن التعليم في المرحلة الثانوية سيكون الهدف منه المتعة فقط بغض النظر عن الأمور الأخري علي أن يكون هناك محددات أخري تضبط مسألة الدخول إلي الجامعة عقب انتهاء المرحلة الثانوية. وأضاف أنه سيتم كذلك نظام تحصيل الدرجات بالسنوات الدراسية الثلاث خلال المرحلة الثانوية بحيث يكون هناك اعتماد أكبر علي الأنشطة والمهارات، وأن التغييرات التي ستطرأ علي نظم القبول بالجامعات سوف تضمن ألا يتم الاعتماد فقط علي المجموع للدخول إلي الجامعة، وهو ما سيتطلب معه إنشاء المجلس المصري للتقويم والقياس لإلحاق الطلاب بالجامعات علي أن يتم تقييم الطلاب عقب ظهور نتيجة الثانوية العامة عبر متخصصين في العلوم والرياضيات واللغة الإنجليزية عن طريق بنوك أسئلة وسيكون الامتحان إلكترونياً. وأكد أن تلك الخطوات سيترتب عليها إلغاء نظام التنسيق الذي من شأنه أن يحول تركيز الأسرة من المنافسة للحصول علي أعلي مجموع إلي المنافسة للحصول علي أفضل تجربة تعليمية حقيقية لأبنائهم، علي أن يتم ابتكار وسيلة تشبه التقدير العام المعمول به بالجامعات، والقياس عليه، للقبول بكليات ومعاهد التعليم العالي. وفيما يتعلق بالمعلم أفصح شوقي عن أنه حصل علي توجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن يتم الانتهاء من تدريب نصف مليون معلم بحلول منتصف العام القادم، وهو ما يعني تدريب نصف المعلمين تقريبا البالغ عددهم مليونا و200 ألف، كما أنه سيتم إعداد تدريب موازٍ لمديري المديريات، والإدارات التعليمية، والمدارس، لكي يتحدث الجميع بلغة واحدة. إذ أشار إلي أنه منذ ديسمبر 2014 تم إعداد خطة واضحة لإعداد معلم "يتعلم - يفكر يبتكر"، مشيرًا إلي أن المجتمع الحالي والقادم يحتاج إلي إنسان مفكر يتعلم في كل وقت، وموضحًا أن فكرة الكتاب والتعليم النموذجي لا تصلح الآن، مشيرًا إلي أن بنك المعرفة يتكامل مع مشروع "المعلمون أولاً" حتي يكون هناك ربط بين جميع أطراف المنظومة التعليمية بالطرق التعليمية الحديثة. وأوضح أن الوزارة انتهت من المرحلة الأولي من المشروع، والتي استهدفت تدريب عشرة آلاف معلم من ألف مدرسة من المدارس الرسمية والرسمية للغات، إلي عدة مراحل، أولاً: المرحلة التجريبية وتم خلالها تدريب (18) من الكوادر المتميزة تربويًا وعلميًا كنواة للتدريب، أعقبتها المرحلة التجريبية الممتدة، وتم خلالها تدريب (1500) معلم، وفي المرحلة الأولي شارك (5000) معلم، وبنهاية المرحلة الثانية وصل عدد المشاركين إلي (10.000) معلم من محافظات (القاهرة، الجيزة، القليوبية، الشرقية، الإسكندرية، كفر الشيخ، بني سويف، أسوان). ومن جانبه رحب الدكتور محب الرافعي، وزير التربية والتعليم الأسبق، بإدخال تعديلات جذرية علي نظام التعليم الحالي، مشدداً علي ضرورة أن تطبق تلك التعديلات علي جميع الصفوف الدراسية بدءا من الصف الأول الابتدائي علي أن تتوافق في جميع مراحل التعليم المختلفة، علي أن يسبق تطبيقها نقاشات مجتمعية كبيرة للاتفاق علي الخطوط العريضة فيما يتعلق بالتجربة الجديدة. وأضاف في تصريحات ل"آخر ساعة"، أن التركيز علي الأنشطة ومتعة التعلم بمراحل التعليم الأساسي لابد أن يصاحبه علي الجانب الآخر تركيز أكبر علي تعليم الطلاب المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب واللغات والمهارات، تحديدا بعد أن وصل عدد الطلاب الأميين في الصفين الثالث والرابع الابتدائي إلي أكثر من مليون طالب بحسب الاختبارات التي أجريت قبل عامين من إجمالي 4 ملايين طالب. وأوضح أن الاهتمام بنظم التقويم شرط أساسي لإحداث أي تطوير علي أن يتم ربط المناهج الدراسية بالأنشطة، بالإضافة إلي زيادة التركيز علي أخلاقيات الطلاب تحديدا في المراحل التعليمية الأولي، بجانب التركيز علي إكساب الطلاب مهارات أساسية ومعرفة مدي تفاعلهم معها، وهو الأمر الذي سيتطلب معه تقليل المحتوي العلمي المقدم لكن دون الإخلال بالمهارات العلمية التي يجب أن يكتسبها الطلاب في تلك المرحلة. وأشار إلي غرس قيم المواطنة أهم ما يحتاجه التعليم في الفترة الراهنة وبالتالي فإن اعتباره هدفا رئيسيا للتعليم أمر مطلوب لكن ذلك لابد أن يرتبط بالتركيز علي منظومة القيم الأخلاقية بشكل عام وتعزيز قيم حقوق الإنسان، ليس من خلال مناهج تعليمية نظرية بل من خلال تجارب وأنشطة عملية كموضوعات التعبير أو حصص الرسم أو مشاهدة أفلام وثائقية تغذي ثقافة الطلاب. وفيما يتعلق بالثانوية العامة، تحفظ الرافعي علي تطبيق النظام التراكمي إذ إنه يشبه إلي حد كبير نظام العامين الذي تم إلغاؤه قبل أربع سنوات، مشيرا إلي أن نجاح تطبيق هذا النظام يرتبط بتغيير ربط دخول الجامعات عن طريق المجموع، كما أن تطبيق أعمال السنة خلال المرحلة الثانوية قد يزيد من احتمالية سيطرة المعلمين علي الطلاب للحصول علي الدروس الخصوصية.