لم يُخلق إنسان علي وجه الأرض دون فائدة، جميعنا لدينا أدوار نؤديها وفق ما قدره لنا الله، حقيقة أن الموهبة لا يمنُ الله بها علي كثيرين، لكن مؤكد أن كلا منا لديه قوة في شيء ما، ودورنا الذي علينا القيام به هو البحث في ذاتنا عما يُميزنا عن غيرنا. مصر بلد الشهادات" تلك هي القاعدة الراسخة في أذهان المصريين، فمن لم يحصل علي شهادة عليا جامعية يُعد من الفاشلين والمهمشين ولن يكون له دور في المجتمع، تلك الموروثات والقوالب الخاطئة التي وضعنا أنفسنا وغيرنا فيها لم تقف عائقًا أمام محمد وحيد، الفنان الذي يبلغ من العمر 27 عامًا، وتخرّج في مدرسة الصنايع وحصل علي دبلوم في الطباعة، وبكامل إرادته دون ضغوط من أحد أبي أن يستكمل دراسته فور تخرجه. بحث محمد عن شيء ما يُمكِّنه من الإبداع فنظر خارج الصندوق ليجد أن موهبته في الرسم من الممكن أن تُحقق له ما يُريد بشرط الاجتهاد والمثابرة وتطوير الأداء. الإنترنت كان هو المعلم الوحيد، كان يمكُث بالساعات أمام اللوحات الفنية التي ينفذها المتخصصون، ويحاول تقليدها، فنجح في ذلك واحترف الرسم بالفحم والألوان الزيتية وغيرها. لم يتوقف عند هذا النجاح الذي لمسه جميع من حوله، بل قرر أن يُميز نفسه بشيء لا يفعله أحد غيره - علي الأقل في مصر - وفي يوم من الأيام وهو يرتب غرفة ملابسه، وجد الملابس مُبعثرة علي الأرض فجاءته فكرة لم تخطر علي باله يومًا، وهي رسم صورته بالملابس علي الأرض. تلك هي الخطوة الأولي التي بدأها وحيد ليكمل مشوار احترافه في عالم الرسم بالملابس، العديد من الشخصيات الفنية رسمها وحيد مثل سيدة الغناء العربي أُم كلثوم، والكينج محمد منير، ولاعبي منتخب مصر محمد صلاح، وعصام الحضري، وغيرهم من النجوم والفنانين. تلك الموهبة لم يوظفها وحيد في التجارة ولم يجنِ أموالًا منها، وأصر علي أن يبقي الرسم هوايته التي يخرج فيها طاقته السلبية، ويستثمر وقته فيها، ولم يختر وحيد عملًا يعيش منه بعيدا تمامًا عن الفن، فأصبح "جرافيك ديزاينر" وأيضًا قام بتعليم نفسه بنفسه. مؤخرًا، قرر محمد الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية قسم ديكور، ويقول: "خطوة التعليم تأخرت لموعد مُحدد، ولو كنت التحقت بالجامعة حينما أكملت الشهادة الثانوية ما كنت وصلت إلي شيء". عرض محمد موهبته علي مسرح "أرب جوت تالنت" ليُحقق نسب مشاهدة عالية وصلت لأكثر من مليون مشاهدة علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وأيضًا موقع الفيديوهات "يوتيوب". "معرض الملابس"، هو المشروع القادم الذي يسعي وحيد لتنفيذه، وسيكون بذلك أول معرض في الشرق الأوسط للرسم بالملابس، لكنه بحاجة لدعم مادي كبير ليتمكن من تنفيذه لأن لوحة الرسم الواحدة قد تتطلب أكثر من 100 قطعة ملابس، فضلًا عن أن تنفيذ اللوحة علي الأرض يتطلب مساحة شاسعة 4 في 2 متر.