فنان مصري ينظم معرضا للمسلمين في أمريكا هيثم عيد محيط - رهام محمود اهتم بتناول الموضوعات السياسية في لوحاته، وقدمها في قالب تجريدي، وعلى الرغم من أنه تخرج من كلية الآثار إلا أنه فضل دراسة إدارة المتاحف وتنظيم المعارض في أمريكا . إنه الفنان هيثم عبد الرازق ، الذي تشرب عشق الفن من والده الفنان عبد الرازق عيد. ولأنه فنان مسلم يعيش حاليا في الولاياتالمتحدةالامريكية ، حيث يسود جهل كبير بالإسلام كدين وحضارة ، فقد أراد الفنان مخاطبة الشعب الأمريكي بلغة الفن ، وأقام معرضا تشكيليا للفنانين المسلمين في أمريكا ، والذي يدور حوله حوار شبكة الإعلام العربية "محيط" مع الفنان . محيط: كيف ترى تنظيم المعارض التشكيلية المصرية مقارنة بالأمريكية ؟ هيثم عيد: في مصر لدينا فنون على أعلى مستوى من حيث الجودة، وأيضا فنانون ذوو خبرة، يملكون إحساسا عاليا، ولكننا نواجه مشكلة في أسلوب العرض الذي تطور كثيرا في الخارج ؛ فالمتاحف العالمية أصبحت مزودة بشاشات عرض كبيرة وأخرى تستخدم عن طريق اللمس إذا أردت الحصول على أي معلومة عن الفنانين . وغياب التكنولوجيا له أثر في غياب الشباب المصري عن المتاحف فهم يجدون الأجواء بداخلها قديمة لا تحفزهم على زيارتها غالبا. ومن مشكلات عرض الأعمال الفنية التي شاهدتها في متاحف مصر عدم مراعاة الموقع الملائم لكل لوحة من حيث حجمها . محيط: نظمت معرضا تشكيليا للفنانين المسلمين في أمريكا ، ما السبب؟ هيثم عيد: المعرض جاء كجزء من دراسة الماجستير الخاصة بي، وقد طلب من كل دارس عمل مشروع، فتقدمت بطلب إقامة معرض للفنانين المسلمين، فقد كنت الطالب المسلم العربي الوحيد ضمن المجموعة . تمت الموافقة على الفكرة وخاصة أن الطلبة كانوا يسألونني عن ثقافتنا كمسلمين كثيرا . وحدث تعاون بين جامعتي بنيواورليانز والمتحف الإسلامي الوحيد في أمريكا ومع المتحف الأفريقي الذي استضاف المعرض . كان المعرض بتوفيق الله ناجحا، وضم فنانين من سبعة دول هي : مصر، سويسرا، أمريكا، إنجلترا، الجابون، الجزائر، والكويت . واستطاع زائر المعرض أن يعرف أن الثقافة الإسلامية لم تكن مقصورة على العرب، بل منتشرة في أوروبا وأسيا وأمريكا إلى جانب إفريقيا . حاز الفنانون العارضون على شهادات تقدير من مجلس مدينة نيواورليانز، كما حصلت على شهادة تقدير من الجامعة، ومن عمدة مدينة نيواورليانز. وقد ضم المعرض لوحات تصوير زيتية أو مائية، وتصوير فوتوغرافي، وجرافيك، وتناول البعض البورتريه في لوحاتهم، واتجه آخرون للتجريد في أعمالهم. محيط: هل أحدث المعرض تأثيره المنشود على الجمهور الأمريكي ؟ هيثم عيد: أرى أن المعرض كان تأثيره إيجابيا جدا، فمثلا كتبت عنه العديد من المقالات من قبل النقاد، فالناس هناك رأوا الإسلام والعرب بشكل مختلف، كما طلب مني تنظيم بينالي يقام كل عامين في هذا الاتجاه. كما أن المعرض لقى إقبالا كبيرا من الجمهور الأمريكي ، فتم تصويره وعرضه في قنوات أمريكية . أذكر أنه خلال الافتتاح تم عرض نشأة الإسلام وتطوره وكيف كان تأثير الإسلام على النهضة الأوروبية، منذ فتح العرب لإسبانيا وانتقال النهضة الإسلامية إلى كل دول أوروبا. لوحة الفنان أحمد حسن محيط: هل أزال المعرض عند زائريه المفهوم السلبي عن الإسلام ؟ هيثم عيد: نعم . بعد أن شاهد المعرض رئيس قسم الدراسات العليا في جامعة سونو قال "إن الإسلام دين عظيم ، بينما نحن لا نقرأ، فأنا أدعو كل الناس بأن تقرأ عن الإسلام، وستجد فيه كل شيء عظيم" ، وهذا دليل نجاح . المعرض لم يكن إسلاميا ولكن لفنانين مسلمين وعكس ثقافتهم المتنوعة والتي ظهر اختلافها باختلاف بلد منشأ كل فنان . والمواطن الغربي يغير بصعوبة قناعاته ، ومن هنا فالمعرض وحده لن يمحو أي فكرة سلبية لديه ، وإنما الأمر يتطلب منظومة مستمرة من العمل، ومجهود أكبر منظم من قيادات وأجهزة ثقافية وفكرية وعلمية لتغيير الصورة ، ويجب أن نلاحظ أن الإعلام الغربي غير منصف في تغطيته وتحليله للأحداث التي يكون المسلمون طرفا فيها ؛ فيوجد انتقاء لأحداث بعينها لإيصال مفاهيم خاصة . بعد المعرض ظل العديدون يسألوننا عن الإسلام ، وكانوا متعجبين لاعتقادهم بأن الدين الإسلامي حرم الرسم والنحت ، فحينما شاهدوا هذا المعرض على أرض الواقع تغير فكرهم، وقاموا بعمل بحث على شبكة الإنترنت للتعرف على فنانين مسلمين، فأعجبوا بأعمال الكثير، وبالأنشطة التي تقدمها الدول العربية في مجال الفنون التشكيلية، ولذلك فأنا أرى أن هذا المعرض كان ناجحا بكل المقاييس. محيط: هل فكرت في نقل المعرض إلى بلد آخر ؟ هيثم عيد: فكرت في ذلك ، لكن إقامتي وعملي في أمريكا تعوقني عن عمل ذلك حاليا، ولكن في حالة وجود تعاون معي من المؤسسات التي ترعى الفنون التشكيلية في مصر فلن أتردد في نقل التجربة. محيط: حدثنا عن الأنشطة الأخرى التي أقمتها بعد انتهاء هذا المعرض؟ هيثم عيد: انتقلت بالمعرض في جامعة أخرى من أكبر الجامعات بأمريكا، وأضفت بعض الفنانين الأمريكان، وكان معرضا مشتركا بين الفنانين المسلمين والفنانين المحليين من مدينة نيواورليانز . كان العرض يشبه حوارا بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والعالم الإسلامي. محيط: كيف تصف المحطات الفنية التي مررت بها منذ بدايتك ؟ هيثم عيد: موهبة الرسم بدأت عندي منذ الصغر ؛ فوالدي فنان تشكيلي وهو عبد الرازق عيد . كنت دائما أحضر ندوات ومعارض من مدينة أسوان وحتى الإسكندرية ، وكان بيتنا دائما ملتقى فكريا للشعراء والفنانين . وعندما كبرت تخرجت بكلية الآثار، وحصلت على ماجستير في إدارة المتاحف بأمريكا، وقد أثقلتني الدراسة العلمية في هذا الاتجاه. استخدم الألوان الزيتية والأكريليك في لوحاتي التي تعد في إطار التجريد. كما أنني أهتم بالموضوعات السياسية. تأثرت بالكثير من الموضوعات التي حدثت في عالمنا العربي والإسلامي، منها الاحتلال للعراق وفلسطين، الابتذال السياسي، وكل المشاكل السياسية التي نعيشها ؛ فلوحة "المشنقة " تتناول التعذيب في سجن أبو غريب، لوحة "ماك" تتناول الابتذال السياسي وهي عبارة عن بورتريه فمه ملجم بخيوط تمنعه من الكلام، ونحن نتوق للحرية في العالم الإسلامي وأحاول أن تكون لوحاتي فرشاة في لوحة أكبر كي نصل للحرية الكاملة التي نستطيع من خلالها أن نبدع وننمو ونزدهر. محيط: هل وجودك بأمريكا ساعد على بروز موهبتك الإبداعية ؟
هيثم عيد: بالتأكيد؛ لأن الفنان يتأثر بالمحيط من حوله، وكلما يتواصل مع ثقافات وأفكار جديدة تزداد زوايا الرؤية لديه ، وهذا يتضح في أعمالي الفنية، كلوحة "المشنقة" التي قدمت انتقادا لاذعا للسياسة الأمريكية في العراق. محيط: ما هي خططك المستقبلية ؟ هيثم عيد: أعد لرسالة الدكتوراة ، وأتمنى أن يكون لي مكان في تدريس إدارة المتاحف في الجامعة، إلى جانب إقامة بعض المعارض التي أرى أنها مهمة جدا للتعريف بثقافتنا وفكرنا للعالم الخارجي. هيثم عيد هيثم عيد يوسف ليمود كيلي كروسيي عبدالرازق عيد جانيت علي