باتت مواقف جماعة الإخوان الإرهابية واضحة مما يجري في مصر، فالجماعة التي خرجت من السلطة استهداف شعبية شارك فيها ملايين المصريين في 30 يونيو 2013، لم تعد راغبة إلا في معاقبة كل من شارك في المشهد الشعبي العظيم الذي تكلل بالإطاحة بالرئيس "الإخواني" محمد مرسي، وكانت الكنائس الهدف المفضل لأنصار الإخوان والجماعات الخارجة من تحت عباءتها، للثأر من البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية لمشاركته مع شيخ الأزهر ورموز الدولة الوطنية، الشعب المصري في إسقاط حكم الإخوان. الملاحظ أنه في فترة حكم الإخوان طوال العام 2012 والنصف الأول من العام 2013، لم تقترب جماعة إرهابية من الكنائس المصرية، علي الرغم من تهديدات سلفية وبعض الأصوات الإخوانية بضرورة فرض الجزية علي المسيحيين، باعتبارهم مواطنين درجة ثانية، وهو ما تصدت له القوي المدنية في حينه، لكن بمجرد خروج الإخوان من الحكم بات استهداف الكنائس عادة إخوانية داعشية بامتياز، والتواريخ لا تكذب. كانت بداية استهداف الكنائس بشكل ممنهج في أعقاب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة المسلحين لأنصار الإخوان في 14 أغسطس 2013، إذ خرج أبناء الإرهاب من أنصار الجماعة والجماعات المتشددة المتحالفة معها للهجوم علي الكنائس المختلفة، بصورة غير مسبوقة في تاريخ مصر منذ دخول الإسلام في القرن السابع الميلادي، إذ تم التعدي علي 86 كنيسة في تسع محافظات، وتم إحراق العديد منها وسرقة مقتنياتها من قبل أنصار الجماعة، في أسوأ هجوم علي الكنائس المصرية علي الإطلاق. وفي 30 أكتوبر 2013، أطلق إرهابيان الرصاص علي كنيسة السيدة العذراء في منطقة الوراق بشمالي الجيزة، ما أسفر عن وفاة ثلاثة مسيحيين بينهم طفلة، وإصابة 18 شخصا، فيما تعرضت كنائس مدينة العريش إلي هجمات متفرقة من قبل عناصر إرهابية تنتمي إلي تنظيم داعش المنشق عن تنظيم القاعدة الذي خرج من رحم جماعة "الإخوان"، واستهدفت عناصر من داعش الأقباط في مدن شمال سيناء، ما أجبر المئات علي مغادرة مدينة العريش صوب مدينة الإسماعيلية، مطلع العام الجاري. وأبدي الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ توليه السلطة في يونيو 2014 اهتماما واضحا بغلق ملف الكنائس وترميمها، إذ أمر القوات المسلحة بترميم الكنائس ودور العبادة المهدمة أو المحروقة من قبل أنصار الإخوان، وبالفعل نجحت الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة في ترميم الكنائس وإعادتها لما كانت عليه. وجاءت ذروة الأحداث باستهداف الكنيسة البطرسية الملاصقة لمقر البطريركية المرقسية بالعباسية، والتي شهدت تفجيرا ضخما إثر تفجير إرهابي ينتمي إلي تنظيم "داعش" نفسه داخل الكنيسة أثناء أداء صلاة قداس الأحد، 11 ديسمبر الماضي، ما أسفر عن مقتل 29 مسيحيا، وإصابة العشرات، أغلبهم من النساء والأطفال، وهو الهجوم الذي أعلن تنظيم "داعش" تبنيه، بينما أبدي أنصار جماعة الإخوان شماتة ظاهرة علي وسائل التواصل الاجتماعي، احتفاء بالهجوم الذي استهدف الأقباط. ثم استيقظت مصر علي نبأ حزين في أحد الشعانين، إذ قتل 30 مسيحيًا وأصيب العشرات بعد تفجير قنبلة داخل كنيسة مار جرجس بمدينة طنطا في محافظة الغربية، في نحو الساعة التاسعة صباح الأحد الماضي، بالتزامن مع بداية احتفال المسيحيين بأسبوع الآلام، ولم تستفق مصر من انفجار طنطا حتي مُنيت بانفجار آخر بعد نحو ساعتين من الانفجار الأول، هذه المرة في مدينة الإسكندرية في محيط الكنيسة المرقسية، ما أسفر عن مقتل 16 شخصًا، وإصابة 40 آخرين. مؤسس تنظيم الجهاد السابق، نبيل نعيم، قال ل "آخرساعة"، إن خطة جماعة الإخوان في استهداف الكنائس كانت واضحة منذ خروجها من السلطة في 30 يونيو، فالإخوان حملوا الأقباط مسؤولية فشل الجماعة وعناصرها، لذلك كان أول فعل انتقامي من قبل الإخوان وأنصارهم هو مهاجمة الأقباط بعد أحداث فض اعتصام رابعة، مضيفا: "كل العمليات الإرهابية التي تحدث في مصر بما فيها الهجوم علي الكنائس تقوم بها جماعة الإخوان، في حين يعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها إعلاميا، حتي لا يتم إثبات تورط الإخوان في عمليات إرهابية ويتم تصنفيها كتنظيم إرهابي من قبل أميركا وأوروبا".