أثارت سلسلة الحوادث الإرهابية التي ضربت مصر مؤخراً العديد من علامات الاستفهام حول الاحتياطات الأمنية ومدي فاعليتها في ظل تكرار هذا النمط من العمليات التي تستهدف قوات الأمن والمدنيين, حيث ارتفعت الأصوات المطالبة بوجود نظام مراقبة متكامل يشمل جميع الوحدات السكنية والعقارات وعدم قصر وجودها علي الشوارع والميادين الرئيسية ودور العبادة والمحلات التجارية والسياحية فقط. كان محافظ القاهرة عاطف عبدالحميد، أصدر مؤخراً قراراً بإلزام جميع المحال العامة والتجارية والسياحية والمنشآت الحكومية والمدارس والمستشفيات بنطاق المحافظة بتركيب كاميرات تليفزيونية داخلية وخارجية بما يحقق كشف الرؤية بالمنطقة المحيطة مع منحها مهلة شهرا لتنفيذ القرار مع التشديد علي عدم منح ترخيص جديد لأي جهة لممارسة نشاطها إلا بعد التأكد من استيفاء شروط تركيب الكاميرات. وتزامن هذا القرار مع مطالبة اللواء محمد سلامة الجوهري عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب بسن القوانين التي تنص علي عدم منح تراخيص بناء للعمارات أو المحلات إلا بعد تركيب كاميرات المراقبة. وشهدت أسعار كاميرات المراقبة ارتفاعاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، حيث يتم استيراد معظمها من الخارج من دول الهندوالصين والولايات المتحدةوكوريا الجنوبية، وتبدأ أسعارها من 400 جنيه وتصل حتي 10 آلاف جنيه علي حسب الإمكانيات الموجودة بها، وتتوقف تكلفة التركيب النهائية علي العدد النهائي لوحدات المراقبة التي سيتم تركيبها داخل المنشأة وكذلك المساحة الكلية التي تغطيها الكاميرات. في هذا الصدد، يوضح هشام محمود مندوب مبيعات بإحدي الشركات المتخصصة في بيع أنظمة المراقبة والاتصالات أن هناك أنواعا متعددة من كاميرات المراقبة وسعرها يختلف علي حسب بلد المنشأ والإمكانيات المتاحة بها، فهناك علي سبيل المثال كاميرات مراقبة مستوردة من الهند من طراز ثلث بوصة وهي تعد مثالية للمراقبة الخارجية للوحدات السكنية، فمدي الرؤية الخاص بها يصل إلي خمسة عشر متراَ وهي تعتمد علي نظام مقاوم لاختلاف درجات الحرارة وتستطيع تحمل التقلبات الجوية من أمطار ورياح والعمل بكفاءة تامة في ظروف صعبة، وسعرها لا يتعدي 450 جنيهاً، بينما هناك طراز آخر من أنظمة المراقبة المستوردة من الصين والتي تتميز بنظام الربط فتكون الكاميرا مجهزة بأربع قنوات إضافية لزيادة عدد الشاشات الموصلة بها وهي تعتمد بالكامل علي شبكة الإنترنت وليس علي دائرة تليفزيونية مغلقة كما هو الحال في الطرز القديمة فيمكن من خلالها متابعة المبني بصورة شاملة وسعر هذا النوع يصل إلي 700 جنيه، وهناك كاميرات أمريكية الصنع فائقة الجودة وتتميز بدقة عالية في بث الصور والتي تستخدمها عادة إدارات المرور ويصل سعرها إلي 9000 جنيه، وهناك أيضا أنظمة مراقبة من كوريا الجنوبية يصل سعرها إلي 2500 جنيه. يتابع: إذا كانت هناك كاميرا واحدة فقط ملحقة بالعقار يتم متابعتها من خلال شاشة مراقبة ملحقة بغرفة الأمن، يمكن أن يتم توصيلها إلي أي وحدة سكنية داخل العقار عبر نظام إليكتروني خاص من خلال وضع كارت ربط داخل جهاز التلفاز أو الكمبيوتر لنقل الصورة الخارجية التي تبثها كاميرات المراقبة كما أنه يتيح التسجيل علي ذاكرة الجهاز بصورة مباشرة. كما أوضح أن التقنيات الحديثة بكاميرات المراقبة أتاحت لصاحب العمل أو الوحدة السكنية إمكانية متابعة صور كاميرات المراقبة عبر الهاتف المحمول في حال عدم تواجده من خلال شفرة مكونة من خمسة أرقام يتم إدخالها في إحداثيات الكاميرا ويتم توصيلها مباشرة للهاتف عبر الإنترنت من خلال كارت ربط »دي في آر». يتابع: محلات التجزئة والملابس والذهب وكذلك الصيدليات تعتبر من أكثر الجهات التي تتعامل معنا في شراء كاميرات المراقبة، فكاميرات المراقبة غالباً ما يتم التعامل معها عبر مركز تحكم خاص، وقد يكون هذا المركز متنقلا حال توصيلها بجهاز الكمبيوتر أو الهاتف المحمول، وقد يكون مركز التحكم رئيسيا وثابتا كما هو الحال لدي غرف المراقبة الأمنية وفي هذه الحالة يتم وضع وحدة تشغيل تتيح تفريغ سجلات المراقبة في فترة تتراوح ما بين أربعة أيام إلي أسبوع. الخبير الأمني جميل حنفي مدير الإدارة العامة لتدريب قوات الأمن سابقاً أيد فكرة ربط منح تراخيص الإنشاءات سواء تراخيص المتانة أو رخصة الكهرباء إلا بعد تركيب نظام مراقبة متكامل، بحيث تشمل كافة المباني والمنشآت السكنية ولا تقتصر فقط علي المحلات أو المصانع والورش فقط. يضيف: أنجح وسائل المراقبة لتتبع تحركات الجناة ورصد المشتبه بهم بصورة أفضل تكون عبر تطبيق نظام مراقبة داخل الشوارع يعتمد علي كاميرات مراقبة بعيدة المدي يصل مجال الرؤية بها إلي 200 متر، بالتوازي مع وجود نشاط لرجال الأمن يعتمد علي قوة ملاحظة وتوسيع دائرة الاشتباه، فأنظمة المراقبة مهما بلغت قدرتها لا يمكن الاعتماد عليها فقط بصورة كلية. كما شدد علي ضرورة البدء في مراقبة دور العبادة بصورة كلية من الداخل والخارج، وعدم استثناء أي مكان بها حتي تلك الخاصة بالسيدات والعمال والإداريين والتي في الكثير من الأحيان يتم التغاضي عنها بذريعة عدم جواز تركيب كاميرات بداخلها، ففي الواقعة الأخيرة الخاصة بحادثة تفجير الكنيسة البطرسية لم تغط كاميرات المراقبة بعض الأماكن داخل الكنيسة بصورة كاملة بحجة أنها أماكن مخصصة للنساء فقط، لافتاً أيضا إلي أن الشرطة في الكثير من الأحيان تكون متواجدة بقوات كبيرة ومدربة ولكن يتم تحجيم دورها من خلال إعطائها تعليمات بالتمركز خارج المنشأة كقوة رادعة لا تتحرك إلا عند الضرورة أو الاستغاثة، بينما من المفترض أن يكون لها تواجد مكثف داخل المكان نفسه أو أن تكون متواجدة عند البوابات للمساعدة في مهام التفتيش. علي النقيض، عارض أحمد بسيوني الوكيل الأول لنقابة المحامين وعضو المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب, فكرة ربط إصدار تراخيص البناء وتجديد رخص التشغيل للمصانع والمحلات معتبراً إياها تفرض قيوداً علي حرية المواطنين في ممارسة نشاط محدد في ضوء الالتزام بالقانون والنظام العام. كما أوضح أنه إذا ما تم تم تمرير الفكرة وربط منح رخص البناء والإنشاء بتركيب أنظمة مراقبة ثم تعطلت أو خرجت عن نطاق العمل لأي سبب ولم يتم تغييرها في هذه الحالة سيتم وقف ترخيص البناء أو النشاط التجاري وهذا الأمر غير دستوري من الأساس. يتابع: فإذا كانت الحكومة تريد تطبيق هذه الفكرة، فلا يوجد مانع أن تتحمل تكاليفها من خلال تخصيص جزء عائدات الضرائب لتركيب كاميرات المراقبة في كل الشوارع والمياديين والمنشآت والمنازل ولكن لا يتم إلزام المواطنين بتحمل تكلفتها، فبعض المنشآت التجارية متناهية الصغر لايتعدي رأسمالها خمسة آلاف جنيه، فكيف يمكنها تدبير ثمن معدات مراقبة باهظة الثمن! من جانبه، أوضح اللواء علاء الهراس نائب محافظ الجيزة للأحياء أن تركيب كاميرات مراقبة في الوحدات السكنية لابد أن يتم صيانتها بصورة دورية، كما لابد أن تشتمل الكاميرات علي خاصية التسجيل لا أن تقوم بنقل الصورة فقط, ومن الأفضل أن يتم متابعتها من خلال فرد أمن، ولكن لن يكون هذا الأمر مقبولاً لدي معظم مالكي العقارات ومن الأفضل أن يتم إلزامهم من خلال قانون فعلي صادر من مجلس النواب.