طاف الإمام الشافعي الآفاق وعرف الناس.. زار اليمن والعراق والشام وفارس والأناضول.. زار كل عواصم الفقه إلا مصر. إنه يعرف أن حكماء اليونان قد تعلموا الحكمة والطب والفلسفة والرياضيات في مصر القديمة، وهي البلد الوحيد الذي عرف عقيدة التوحيد.. ويعرف أن مصر مزيج من الحضارات وأن الحضارة المصرية قد شكلت الإنسان المصري فعلمته حب العدل والحرية والحقيقة والحكمة.. ثم جاء الإسلام فأنبت فيها نباتا طيبا وهو يتوق إلي التعرف علي ما تركه الصحابة الأوائل الذين جاءوا في جيش الفتح.. وأن يعيش مدرسة الفقه المصرية من اجتهادات الإمام الليث بن سعد فقيه مصر الذي توفي منذ عامين. أول ما فعله الإمام هو زيارة قبر الإمام الليث ثم زيارة السيدة نفيسة. ثم طلب أن يذهب إلي تاج الجوامع جامع عمرو بن العاص في الفسطاط وهناك شاهد عجبا لم تكن كل حلقات العلم للحديث والقرآن والفقه.. فقط كما رأي في المدارس الأخري، فقد وجد حلقات للقصص واللغة والشعر وسائر فنون الفكر والمعرفة ولم يحرج من موهبته في الشعر التي كان يخفيها قبل ذلك لأنها كان تعتبر نفيسة في الفقه. ووجد تقاليد جديدة في التدريس فالأستاذ يدير حوارا بين تلاميذه لتظهر المسائل والآراء وأحاط به تلاميذ الإمام الليث وأطلعوه علي ما حفظوا من شيخهم. دفع الواقع الجديد، الإمام أن يعيد النظر في آرائه في كل ما كتب من قبل وشرع يراجع كتاب الرسالة ويصقل ما فيه من فقه ووصل الأمر أنه أصحرق بعض ما كتب ثم أخذ يؤلف كتبا جديدة ثم أرسل إلي صديقه الإمام أحمد بن حنبل أن يخبر الناس بترك كل ما كتب الشافي قبل ذلك. وأن يأخذوا آراءه من كتبه المصرية. ❊❊ حدث ذلك عام 204 ه أي منذ1200 سنة.