من المعروف أن السيد "بان" قارب علي الاختفاء حيث إن فترته تنتهي مع نهاية العام الجاري، وتلقي مجلس الأممالمتحدة ترشيحات لشخصيات دبلوماسية من بينهم أربع نساء لتولي المنصب، بعد صدور قرار في العام الماضي تبنت فيه المنظمة إمكانية تولي امرأة منصب الأمين العام وهو ما قد يحدث للمرة الأولي منذ تأسيس المنظمة في العام 1945 بعدما تعاقب علي المنصب ثمانية رجال.. وسيتم اختيار الفائز من المرشحين الثمانية الذين ترشحوا لتولي المنصب في مجلس الأمن في يوليو المقبل علي أن تتم المصادقة عليه في سبتمبر. وهناك 8 مرشحون لخلافة بان كي مون بينهم 4 سيدات وأبرزهم هيلين كلارك السياسية والدبلوماسية النيوزيلندية، وُلدت عام 1950، وشغلت ما بين عامي 1999 و2008 رئاسة الوزراء في بلادها، وكانت وزيرة للخارجية، ثم أصبحت رئيسة لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي. ناضلت خلال دراستها الجامعية ضد نظام التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا، وعارضت حرب فيتنام والتجارب النووية في جنوب المحيط الهادي، وعزت ترشحها لهذا المنصب لما تتمتع به من خبرات قيادية اكتسبتها خلال 30 سنة من العمل السياسي في نيوزيلندا وأروقة الأممالمتحدة. وتعد كلارك بإصلاح مجلس الأمن بجعل ألمانيا واليابان والهند والبرازيل أعضاء دائمين فيه، مضيفة أنه من الممكن أن يكون من بين الأعضاء الدائمين في المجلس عضوان دائمان من دول أفريقيا حتي يعكس تشكيل المجلس واقع القرن ال 21. تُعرف كلارك، صاحبة التوجهات اليسارية، بهواية السفر علي الأقدام وتسلق الجبال، حيث تمكنت في يناير 1999 من تسلق قمة جبل كليمنجارو في تنزانيا الذي يعد أعلي قمة في أفريقيا. من المرشحين أيضاً البلغارية إيرينا بوكوفا وهي سياسية ودبلوماسية وُلدت عام 1952، استفادت من خبرتها الدبلوماسية ودراستها المزدوجة في الاتحاد السوفيتي سابقا والولايات المتحدة، حيث تتحدث الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والبلغارية والروسية بطلاقة مدهشة، لتفرض نفسها في المشهد الدبلوماسي الأوروبي والدولي. شغلت بوكوفا عدة مناصب سياسية في بلادها، فكانت عضوا في البرلمان، ومنسقة رئيسية لعلاقات بلغاريا مع الاتحاد الأوروبي بين عامي 1995-1997، ثم وزيرة للشؤون الخارجية ما بين 1996-1997، إضافة إلي مناصب دبلوماسية عملت خلالها سفيرة لبلغاريا لدي فرنسا وإمارة موناكو والمغرب. وتعتبر أول امرأة من المعسكر الشرقي تتولي منصب المدير العام لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونيسكو" لولايتين منذ عام 2009، إضافة إلي منصبها ممثلة لرئيس بلغاريا لدي المنظمة الدولية الفرانكفونية. واهتمت بالقضية الفلسطينية فكانت لها مواقف كثيرة تدين فيها ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وضغطت في اليونسكو من أجل حصول فلسطين علي عضوية المنظمة. وتبدي بوكوفا رغبة قوية في الفوز، حيث أكدت في تصريح صحفي "أركز بالكامل علي موضوع الانتخابات المقبلة لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، أشعر بمسؤولية وطنية، وأعتقد أن لدينا فرصة جيدة للفوز"، وأضافت "انتُخِبت مرتين أمام منافسين أقوياء، وأعرف كيف أكسب الانتخابات داخل الأممالمتحدة". ومن كرواتيا ترشحت السياسية والدبلوماسية فيسنا بوسيتش المتخصصة في علم الاجتماع، وُلدت عام 1953، عرفت بتأسيسها في نهاية سبعينيات القرن العشرين أول جمعية نسوية فيما كان يُعرف حتي منتصف التسعينيات بجمهورية يوجوسلافيا (أصبحت الآن 7 جمهوريات مستقلة أبرزها البوسنة والهرسك وصربيا وكرواتيا والجبل الأسود)، وأصبحت عضوا في البرلمان عام 2000، ونائبا لرئيس الوزراء ووزيرة الخارجية عام 2011، ثم نائبا لرئيس البرلمان في فبراير2016. أشرفت فيسنا بوسيتش علي انضمام بلادها إلي الاتحاد الأوروبي عام 2013، وتعتبر ترشحها للمنصب الأممي "أمرا رائعا وفرصة ذهبية"، وتقر بأنها لا تريد "إجراء تغيير جذري في الأممالمتحدة"، وتهدف في المقابل إلي التركيز علي صحة المرأة والرعاية الاجتماعية. تعترف بوسيتش، التي تقود حزب الشعب الليبرالي في كرواتيا، بأنها "ليست سياسية محنكة"، وتؤكد علي أهمية دور موسكو في عملية التعيين في المنصب الأممي، ولذلك دعت إلي أهمية إصلاح العلاقات مع روسيا في أعقاب الأزمة الروسية الأوكرانية. ومن جمهورية مولدوفا السياسية والدبلوماسية ناتاليا جيرمان المولودة عام 1969، وكانت دراساتها العليا بمولدوفا وبريطانيا وتتحدث الإنجليزية والروسية والألمانية والرومانية، وتنحدر من أسرة سياسية، فقد تولي أخوها ميرسيا سنيجور منصب أول رئيس لجمهورية مولدوفا، بعد تفكك الكتلة السوفيتية، ما بين أعوام 1990-1997. تولت جيرمان عدة مناصب في حكومة بلادها فكانت نائبا لرئيس الوزراء، ووزيرة للخارجية والتكامل الأوروبي (من 2013 إلي أوائل 2016) كما شغلت منصب عضو في البرلمان المولدوفي، وعملت سفيرة لبلدها ما بين 2006-2009 لدي النمسا والسويد والنرويج وفنلندا، ولدي وكالات الأممالمتحدة في فيينا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وحلف شمال الأطلنطي. وتركز مولدوفا لدعم ترشيح جيرمان علي الاستفادة من علاقاتها بعدد من البلدان الأوروبية حيث تسعي للانضمام إلي الاتحاد الأوروبي، إضافة إلي تأييد حلفائها الأعضاء في رابطة البلدان المستقلة (مكونة من دول كانت تابعة لجمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا). الرجال إيجور لوكسيتش سياسي ودبلوماسي من جمهورية الجبل الأسود (وُلد عام 1976)، تخرج لوكسيتش في جامعة الجبل الأسود وتابع دروسا في الأكاديمية الديبلوماسية بالعاصمة النمساوية فيينا، ويتحدث الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية. أصدر ثلاثة دواوين شعرية ترجم بعضها إلي الإيطالية والفرنسية، إضافة لنشره عددا من الأبحاث والمقالات في مجالات الاقتصاد والانتقال السياسي. شغل لوكسيتش منصب وزير المالية لجمهورية الجبل الأسود عام 2004 ومنصب رئيس الوزراء بين 2010 و2012، ويتولي منذ ديسمبر 2012 منصب وزير الخارجية والاندماج الأوروبي. يعتبر لوكسيتش أصغر المترشحين لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، وقال - عند تقديم ملف ترشحه- إنه يمثل بهذه الخطوة "بلدا صغيرا تاريخه صاخب"، علما بأن جمهورية الجبل الأسود دولة صغيرة في منطقة البلقان استقلت عن صربيا عام 2006 عقب تفكك يوغسلافيا السابقة، ولا يتجاوز عدد سكانها 600 ألف نسمة. ومن سلوفيينا ترشح دانيللو تورك وهو سياسي ودبلوماسي وأستاذ جامعي وُلد عام 1952، كان أول سفير لبلاده لدي الأممالمتحدة حيث قضي فترة طويلة في نيويورك امتدت من عام 1992 إلي 2000. شغل دانيلو تورك منصب رئيس مجلس الأمن ما بين أغسطس 1998 ونوفمبر 1999، وبحث خلال مدة ولايته ملفات دولية هامة آنذاك، منها قضايا كوسوفو والعراق وليبيا وتيمور الشرقية والكونغو، ووتولي منصب رئيس البلاد ما بين 2007-2012، وعينه الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان مساعدا له. هناك أيضاً أنطونيو جوتيريس سياسي برتغالي (وُلد عام 1949، تولي منصب رئيس وزراء بلاده من 1996إلي 2002، وعمل رئيسا للمجلس الأوروبي عام 2000، ورئيسا لمنظمة الاشتراكية الدولية من 1999 إلي 2005. وكُلف (لفترتين حتي نهاية عام 2015) بمهمة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حيث عمل علي معالجة أزمة اللاجئين في الشرق الأوسط). واعتبرت الحكومة البرتغالية أن "مسيرة جوتيريس السياسية وخبرته الدولية تؤهله ليكون مرشحا مثاليا للمنصب"، وأن هذا الترشيح ضروري في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضي، وأن علي العالم أن يحتشد من أجل السلام والتنمية. ويري أنطونيو جوتيريس أن المجتمع الدولي "لا يزال عاجزا عن منع نشوب الصراعات وحلها"، ودعا إلي ضرورة زيادة العمل الدبلوماسي من أجل إحلال السلام في العالم، ملاحظا أن الأسباب الجذرية للنزاعات (وهي الفقر وعدم المساواة، وانتهاك حقوق الإنسان، وتدمير البيئة) تتشابك علي نحو متزايد. ويعتقد أن "معالجة مشكلة التغيرات المناخية وتحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة تعتبر عوامل رئيسية، من شأنها المساهمة في تحقيق السلام والأمن وحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم". وسبق لجوتيريس أن انتقد تعامل البلدان الغنية مع أزمة اللاجئين السورية، قائلا "للأسف لا يلاحظ الأغنياء وجود الفقراء إلا بعد أن يدخل الفقراء باحات الأغنياء"، مضيفا أنه "لم يكن هناك إدراك في العالم المتقدم لمدي خطورة هذه الأزمة إلا بعد أن شهدنا دخول هذه الحركة الضخمة أوروبا". ومن مقدونيا السياسي والدبلوماسي ورجل الأعمال سرجان كريم، وُلد عام 1948 ويتمتع بخبرة سياسية طويلة وحاصل علي دكتوراه في الاقتصاد من جامعة بلجراد، ويتقن التحدث بتسع لغات، وشغوف بالشعر وفن التصوير. تولي سرجان كريم منصب وزير الخارجية في بلاده عامي 2000 و2001، وعمل أيضا سفيرا لها في ألمانيا وسويسرا وليختنشتاين ما بين 1994 و2000، كما شغل منصب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة عامي 2007 و2008. كان من أوائل من قدموا رسميا ملفات ترشحهم لمنصب الأمين العام الأممي، ويقترح في برنامجه للفوز بذلك التركيز علي عدة أولويات أبرزها "الإصلاح في منظمة الأممالمتحدة، وترسيخ السلم الإقليمي والعالمي"، و"دعم التنمية، ومواجهة تغيرات المناخ، وترسيخ مساواة النوع، وتقوية التعليم ومساهمة المواطن، والهجرة".