إذا كان توصل حركتي فتح وحماس في القاهرة إلي تفاهمات كاملة في شأن المصالحة الوطنية الفلسطينية بما فيها الاتفاق علي تشكيل حكومة انتقالية وتحديد موعد للانتخابات هو إنجاز كبير بكل المقاييس، إلا أنه يعد خطوة أولي علي طريق مازال طويلا.. فما بعد المصالحة من استحقاقات سياسية تجاه القضية الفلسطينية برمتها بما فيها آليات تفعيل تلك المصالحة.. ومواجهة ردود الفعل الإسرائيلية والأمريكية التي كشفت عن النوايا الحقيقية لإسرائيل تجاه تلك المصالحة من اللحظة الأولي.. إضافة إلي مدي التمسك بالاتجاه إلي مجلس الأمن لإعلان الدولة الفلسطينية والعمل الجاد علي الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام تطرح فيه حلول للمشكلة الفلسطينية كبديل عن العودة مرة أخري إلي طريق المفاوضات.. كلها نقاط تعد الجهاد الأكبر والاختبار الحقيقي أمام كل القوي والفصائل الفلسطينية علي جدية مايسعون له في المرحلة المقبلة.. فماذا أعدوا لها؟ بداية أكد الدكتور محمود الزهار القيادي في حركة حماس أن الحركة لا توافق علي إجراء مفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.. موضحا أن حماس لا تقبل بالتفاوض مع الجانب الإسرائيلي ولا تشجع أحدا علي التفاوض معها.. لأن المفاوضات معها طوال هذه السنين لم تفض إلي شيء واصفا تلك المفاوضات بالبركة التي جفت ولم تعد السلطة الوطنية الفلسطينية تجد فيها شيئا.. الزهار أكد أيضا أن حماس لن تعترف بإسرائيل وقال إن أي فصيل آخر يعترف بها فعليه أن يتحمل نتائج ذلك.. صلاحية القيادة الفلسطينية وأضاف أن قضية المفاوضات تأتي ضمن صلاحية القيادة الفلسطينية الموحدة التي تم الاتفاق علي تشكيلها في الفترة الانتقالية والتي سوف تمثل الداخل الفلسطيني والخارج وذلك تحت إطار منظمة التحرير حيث ستكون قيادة مؤقتة من داخل وخارج منظمة التحرير تكون مدتها سنة.. تشكل من الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بما فيها حماس.. وسيكون لهذه القيادة صلاحيات الشأن السياسي المتعلق بالقضية الفلسطينية.. فيما أوضح أن الحكومة الفلسطينية التي سيتم تشكيلها لمدة عام ستكون لها مهام داخلية ليس من بينها الشأن السياسي.. وعن مهام تلك الحكومة قال: كان هناك نقاش حول كثير من الأمور منها ما يتعلق بتحصين نتائج الانتخابات من التزوير حيث ستشكل لجنة الانتخابات من جميع الفصائل حتي تستطيع إجراء انتخابات دون تزوير بحيث سيتم اختيار شخصيات هذه اللجنة بالتوافق بين الفصائل والشارع الفلسطيني.. أما عن اللجنة العليا للأمن فقال الزهار إن هذه كان لابد أن تشكل من ضباط مهنيين سواء كانوا فصائليين أو غير فصائليين.. المهم أن يكون عليهم إجماع وطني. الخلاف حول تشكيل الحكومة ولم يستبعد القيادي في حماس أن يواجه تشكيل الحكومة المؤقتة بعض المشكلات والخلافات لكنه أكد أنه إذا توافر حسن النوايا من كل الأطراف فنحن علي استعداد لحل هذه المشكلات وأشار إلي أنه يجب أن نتوقع أن الأمور ليست سهلة وإنما أيا كانت الحكومة القادمة سواء تكنوقراط أو فصائلية فلابد أن يكون عليها توافق لأننا في نهاية الأمر نريد حكومة تستطيع تحقيق المهام المطلوبة منها.. من فتح المعابر وكسر الحصار وتعمير ما دمرته الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة.. لذلك لابد أن نختار لهذه الحكومة كل الشخصيات التي تستطيع أن تقدم شيئا.. في الوقت نفسه لدينا المرونة الكافية أن نساعدها علي أن تحقق هذا الهدف دون السماح بحدوث أي انحراف عن المسار المطلوب لهذه الحكومة والتي سوف تسمي حكومة الوفاق الوطني وسيكون مقرها غزة. تحديات التنسيق الأمني وربما كانت إشكالية التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل أحد الخلافات المحورية بين فتح وحماس لكن الزهار قال إن هذا الموضوع لم يتم مناقشته في مفاوضات المستوي الأول.. مشيرا إلي أن القيادة الفلسطينية المؤقتة التي سوف تتشكل من الداخل والخارج ومن فتح وحماس وبقية الفصائل هي التي ستتولي هذا الموضوع لكنه تساءل عن الجدوي من التعاون الأمني بين السلطة وإسرائيل والذي مازال حتي الآن في اتجاه واحد ويصب في المصلحة الإسرائيلية فقط.. واعتبر أن هذا كان أحد التحديات التي واجهها الرئيس أبومازن وحركة فتح.. أما عن كواليس ما قبل التوقيع بالأحرف الأولي علي تفاهمات المصالحة.. قال محمود الزهار إن الوضع في مصر بعد الثورة قد تحسن كثيرا.. فكانت هناك جولة لقياديي الحركة من الداخل شملت القاهرة أولا ثم العديد من الدول ومنها دمشق لدفع عملية المصالحة ولو بتقديم بعض التنازلات.. بعدها جاء وفد كبير من حماس للقاء بعض الإخوة في الخارجية المصرية والمعنيين بالملف الفلسطيني.. كما التقينا وزير الخارجية الدكتور نبيل العربي وبعض الشخصيات العسكرية التي كنا نعرفها من قبل في غزة.. كذلك التقينا أطرافا من الجامعة العربية والمخابرات العامة.. وطلبنا من مصر إذا لم يكن الوقت مناسبا أن ترعي ملف المصالحة وقدرنا لها الظروف الحالية.. طلبنا استضافة ذلك أي فقط توفير الاستضافة والمكان.. بعد ذلك جاءت مبادرة خالد مشعل ورد أبومازن عليها.. وتمت مناقشات عديدة وقررنا أن نلقي بالكرة مرة أخري في الأرض المصرية لأن الأجواء أصبحت أكثر قبولا من جانب حركة فتح خاصة بعد زيارة الرئيس أبومازن للقاهرة. الرد الأنسب علي نتنياهو من جانبه رحب محمد دحلان القيادي في حركة فتح بالتوقيع المبدئي بين فتح وحماس للمصالحة الفلسطينية.. وقال إن إنهاء الانقسام الفلسطيني هو الرد الأنسب والأمثل لمواجهة المخططات الإسرائيلية والتي تجلت بتصريحات نتنياهو الأخيرة والتي خير فيها الشعب الفلسطيني بين الاتفاق واستمرار الاحتلال.. مؤكدا أن الانقسام سينتهي والاحتلال إلي زوال بإرادة المنتفضين وبإخلاص الموقعين.. فيما ذهب السفير سعيد كمال ممثل فلسطين لدي سكرتارية المنظمة الدولية للتضامن الآسيوي الأفريقي إلي أن توقيع المصالحة جاء ردا مناسبا علي إعلان نتنياهو نيته طرح مبادرة جديدة لتحريك عملية السلام والتي كان الهدف منها إجهاض التحرك الفلسطيني المدعوم عربيا للتوجه إلي مجلس الأممالمتحدة لإعلان الدولة الفلسطينية.. حيث أعلن نتنياهو أنه بصدد طرح مبادرة جديدة لتحريك عملية السلام في كلمة له أمام الكونجرس الأمريكي الشهر القادم يطرح فيها الانسحاب من المناطق »بي« و»سي« في الضفة الغربية لكنه لم ينسحب من المستوطنات.. والتي رأي فيها السفير سعيد كمال إجهاضا للتحرك الفلسطيني والتفافا علي بيان الرباعية الدولية التي أكدت فيه أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر القادم إذا لم يقدم نتنياهو مبادرة جادة لعملية السلام.. كما أكد سعيد كمال موقف الرئيس أبومازن من أنه لا عودة إلي المفاوضات بدون وقف الاستيطان في الضفة الغربية وأن إعلان الدولة الفلسطينية سينال الاعتراف الدولي مهما حاولت الحكومة الإسرائيلية وضع العراقيل.