حركات " من أجل التغيير " تشكلت ملامحها واكتملت عبر أعوام بدأت من 2004 وحتي 2007 فهناك مثقفون من أجل التغيير وعمال وكافة فئات المجتمع بينما تأخرت السينما عن تناول القضايا الاجتماعية بشكل إيجابي، وانشغل معظم المنتجين بعمل أفلام للكوميديا والتسلية، إلي أن ظهر فيلما "هي فوضي " و"حين ميسرة " فشكلا حركة السينما من أجل التغيير وكشفا وتوقعا التغيير العظيم الذي شهدته مصر منذ اندلاع ثورة الشباب يوم 25 يناير. لم يصنع يوسف شاهين فيلمه "هي فوضي " للتسلية فقط كما تصور الكثيرون ممن اعتادوا تصنيف السينما باعتبارها "ملاهي " ولم يقدم خالد يوسف فيلم "حين ميسرة " ليشوه سمعة مصر كما اتهمه البعض فالفيلمان بشكل خاص كانا ذروة حقيقية وتجسيدا لحالة الغضب والانكسار في المجتمع المصري لكنهما كانا يحتويان أيضا علي نبوءة بثورة عظيمة لم يكن أكثر الناس تفاؤلا يتخيل حدوثها بهذه السرعة لم يتوقف شاهين عن الثورة طوال حياته التي امتدت لاثنين وثمانين عاما ..كان وترا مشدودا لكن تفجيرات 11 سبتمبر2001 جعلت منه غاضبا بشدة حتي أنه أطلق علي فيلم "اسكندرية – نيويورك " الغضب قبل أن يتم تغييره .. كان الرجل يدين السلوك الأمريكي في كل حواراته حول تفجيرات سبتمبر وما أن انتهي من فيلم اسكندرية نيويورك حتي بدأ العمل علي سيناريو "هي فوضي" الذي كتبه ناصر عبد الرحمن. جاء الفيلم (وهو إنتاج مصري فرنسي مشترك كعادة يوسف شاهين قي أفلامه كختام لرحلة المخرج المصري يوسف شاهين كثائر ظل مهموماً بقضايا وطنه، حيث جسد الفيلم بانوراما جامعة لصور الفساد والفوضي التي يعيشها المجتمع المصري في العقد الأول من الألفية الثالثة، كما مثل مصر قي مهرجان فينيسا لعام 2008. تدور أحداث الفيلم في الزمن الحالي ويروي قصة تدور بشكل أساسي حول شخصية واحدة، كما يبرز الفيلم الفساد المتجسد في القمع المباشر والرشوة والمحسوبية وتزوير الانتخابات والسيطرة الغاشمة للسلطة والكبت الجنسي. كما يبرز الفيلم نوعا من المقاومة وصولا إلي ثورة جماعية في النهاية. يجسد الفيلم نموذجا واقعيا لجبروت السلطة وبلوغها أقصي درجات القهر والطغيان وذلك من خلال شخصية حاتم أمين الشرطة (و هي شخصية الفيلم المحورية) الذي يستغل منصبه أسوأ استغلال لتحقيق مآربه ومصالحه الشخصية، حيث يتمكن حاتم من امتلاك كل ما يشتهيه إلا قلب جارته المدرسة الشابة نور الذي يستعصي عليه حيث تفضل عليه وكيل النيابة الشاب شريف وهو ابن ناظرة المدرسة التي تعمل بها. تتوالي الأحداث قي الفيلم ما بين مواجهات بين قهر السلطة (ممثلة قي أمين الشرطة حاتم) وضمير المجتمع (ممثلاً قي وكيل النيابة الشاب شريف) وتنتهي الأحداث بالثورة الجماعية ضد أمين الشرطة.. إنها النبوءة التي تحققت يوم 25 يناير 2011. وفي "حين ميسرة " انتقل خالد يوسف ومعه ناصر عبد الرحمن أيضا من الحي الشعبي "شبرا " إلي الأحياء العشوائية ورشحها أيضا للانفجار ويتعرض الفيلم للمهمشين اجتماعيا واقتصاديا وهم سكان العشوائيات، مشاكلهم والشخصية الرئيسية في الفيلم هي ناهد (سمية الخشاب)، التي تهرب من تحرش زوج أمها لتقع ضحية جريمة" اغتصاب، وتتحول في النهاية إلي راقصة، بينما يعيش طفلها بين مقالب الزبالة ويعتبر الفيلم من الأفلام الجريئة التي قدمت للمشاهد العربي مشهدا من مشاهد الحياة المعاصرة التي يعيشها المواطن المصري الفقير. المخرج خالد يوسف دافع عن فيلمه بأنه يعرض قضايا المهمشين وسكان العشوائيات ويعرض حياتهم كاملة دون تحريف أو تضليل، ويقول إن مشاهد الفيلم تعبر عن الواقع ويمكن أن تكون أقل من الواقع، وهو بهذا الفيلم يدعو إلي تصحيح الأوضاع وليس إلي نشر الشذوذ والبلطجة، فهو يحذر من القنبلة الموقوتة التي أصبحت تعيش في الشارع المصري.