السيسي: القوات المسلحة حافظت على الدولة المصرية من السقوط في ظروف صعبة للغاية    الذهب يتجاوز 3900 دولار للأوقية لأول مرة خلال التعاملات الآسيوية مع استمرار الإغلاق الحكومي في أمريكا    أسعار الخضروات اليوم الاثنين 6-10-2025 في الشرقية    زيارة مفاجئة لوزير البترول لشركة بدرالدين يعقبها اجتماع مبكر لمتابعة خطط الإنتاج والسلامة    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6-10-2025 في أسواق محافظة الأقصر    تعرف على أسعار السمك البلطى والبورى اليوم الإثنين 6اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    أسعار النفط ترتفع 1.5% بعد إعلان «أوبك+» عن زيادة الإنتاج    الوفد الإسرائيلي يتراجع عن التوجه لمصر للمشاركة في مفاوضات إنهاء الحرب    بعد الاحتجاز الإسرائيلي.. 29 ناشطا من أسطول الصمود يصلون مدريد    عاجل- السعودية: السماح لجميع حاملي التأشيرات بأداء العمرة ضمن جهود تسهيل قدوم ضيوف الرحمن    رئيس وزراء باكستان يؤكد التزام بلاده بتعزيز العلاقات مع ماليزيا    عاجل- السيسي: السلام الحقيقي في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة    الانتقال إلى دولة عربية وعدم الغناء في لبنان، تفاصيل تسوية وضع فضل شاكر قبل محاكمته    بعثة منتخب مصر تطير إلى المغرب لمواجهة جيبوتي في التصفيات الإفريقية    نجم ريال مدريد يقترب من الرحيل في الشتاء    إعادة فتح ميناء العريش البحري بعد تحسن الأحوال الجوية    أجواء خريفية وشبورة صباحية اليوم.. العظمى بالقاهرة 30 والصغرى 21    الداخلية تكشف ملابسات سرقة دراجة نارية بالغربية بأسلوب «المغافلة»    «الداخلية» تقرر السماح ل 84 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    مفتي الجمهورية يتفقد الإدارة العامة للفتوى الإلكترونية بدار الإفتاء    لهذا السبب.. ضياء الميرغني يتصدر تريند "جوجل"    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة الشرقية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة قنا    معهد التغذية يحذر الأمهات من إهمال وجبة الإفطار للأطفال: مفتاح النشاط والتركيز    وظائف مصلحة الطب الشرعي 2025.. خطوات التقديم إلكترونيًا والشروط المطلوبة    «الإحصاء»: معلم لكل 28 تلميذًا في مصر خلال العام الدراسي 2024 2025    اليوم أم يوم الخميس؟ تعرف على الموعد الرسمي لإجازة 6 أكتوبر 2025    أحمد صالح: الزمالك أعاد الأهلي لمكانه الطبيعي    " التعليم " تكشف أهمية التقييمات الأسبوعية والاختبار الشهري لصفوف النقل.. تعرف عليها    ماذا قال رئيس الاتحاد السكندري عن الدوري الاستثنائي وأحمد دياب ؟    حاكمان ديمقراطيان يتعهدان بمعركة قضائية بعد إرسال ترامب حرس كاليفورنيا الوطني إلى أوريجون    بعد 64 عامًا.. «لا تطفئ الشمس» لإحسان عبد القدوس من السينما والدراما إلى خشبة المسرح    وفاة مغربي عبد الرحمن إداري الفريق الأول بنادي المقاولون    نهر النيل لا يعرف الهزيمة    «العناني» يقترب من منصب المدير العام الجديد لليونسكو    عيد ميلاد عزيز الشافعي.. رحلة نجاح بدأت من الحلم ووصلت إلى القمة    ترامب: لم يتبق أي قوارب قبالة فنزويلا بعد الضربات الأمريكية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 6 أكتوبر    مدحت صالح يتألق في حفل قصر عابدين بأجمل أغانيه    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    لجنة الشكاوى ب"الأعلى للإعلام" تستدعي الممثل القانوني لموقع "الموقع" وتحقق في شكوى هالة صدقي    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    من غير غسيل.. خطوات تنظيف المراتب من البقع والأتربة    "كيفية مشاهدة مباراة السعودية والنرويج في كأس العالم للشباب 2025 بث مباشر"    البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بالذكرى المئوية للعلاقات بين مصر وتركيا    31 مرشحًا خضعوا للكشف الطبي بالفيوم.. ووكيلة الصحة تتفقد لجان الفحص بالقومسيون والمستشفى العام    بالصور/ مدير امانه المراكز الطبية المتخصصة" البوابة نيوز"..نرفع الطوارئ على مدار 24 ساعة لاستقبال حوادث المواصلات بالطريق الزراعى والدائري..القوى البشرية بقليوب التخصصى لا يستهان بها    هناك من يحاول التقرب منك.. حظ برج القوس اليوم 6 أكتوبر    أسعار الذهب في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 6 أكتوبر 2025    لحظة مصرع عامل إنارة صعقا بالكهرباء أثناء عمله بالزقازيق ومحافظ الشرقية ينعاه (فيديو)    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    فنانة تصاب ب ذبحة صدرية.. أعراض وأسباب مرض قد يتطور إلى نوبة قلبية    بدر محمد بطل فيلم ضي في أول حوار تلفزيوني: الاختلاف قد يكون ميزة    لحظة تهور سائق في زفة بكرداسة تنتهي بالقبض عليه.. إنفوجراف    على زعزع يخضع للتأهيل فى مران مودرن سبورت    أمين الإفتاء: الصبر على الزوجة والتحمل والاجتهاد في الموعظة له أجر وثواب من الله    رمضان 2026.. تعرف على موعد حلول الشهر الكريم وعدد أيامه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



»العيش«.. حضارة صنعها المصريون
نشر في آخر ساعة يوم 05 - 04 - 2016

يقدس المصريون الخبز، إذا وجد أحدهم لقمة في طريقه يرفعها من علي الأرض، ينفض عنها التراب، يقبلها ويضعها علي جبينه، قبل أن يصونها في مكان آمن بعيدا عن الأقدام، ويسمي المصريون العيش ب" النعمة" ويدعون الله بعدم زوالها، يتخذونه رمزاً للعشرة، ومرادفاً للحياة ودليلا علي السعة.
ارتبط المصريون القدماء بالخبز، رسموه علي جدران معابدهم ومقابرهم وصنعوا للمرأة أمام الفرن تماثيل وارتبط بأمثالهم وأغانيهم، وشاركهم مناسباتهم، واحتفالاتهم وكانت كلمتهم الرابحة في ثورة 25 يناير المجيدة.
تعرف المرأة الصعيدية قيمة "العيش"، تخصص له حجرة في البيت تحتفظ فيها بالدقيق قبل العجين، والأرغفة بعد الخبيز، والأواني التي تستخدمها في إعداده، تمارس طقوسها في ليلة الخبيز، وتفرض علي البيت حالة من الطوارئ في الصباح التالي وهي تعجن، وتقطع الأرغفة، وتجلس أمام الفرن تواجه ألسنة النيران بالصبر وإشباع فضول الصغار.
وإذا كان الصعيد ينتج العيش الشمسي وهو خبز أسمر يزيد سمكه عن 5سم، ونجد منه نوعاً له ثلاث قرون يسمي الرغفان ينتشر في قنا ويؤكل طريا طازجا أو يقطع شرائح ثم يدخل الفرن مرة أخري ليتم تحميصه، فإن محافظات الوجه البحري تعرف أنواعا أخري من الخبز.
ووفق دراسة "أطلس للمأثورات الشعبية" التي شارك في إعدادها عشرات من الباحثين في محافظات مصر المختلفة فإن هناك أنواعا عديدة من الخبز منها: الرغيف البلدي الأسمر الذي يباع في الأفران بخمسة قروش وينتشر في أغلب المدن والقري.
أما العيش البيتي فيشبه ما كان يخبز في بعض البيوت أيام وجود أفران العيش وهو أكثر جودة وبدون دعم ويوجد منه الطري والمحمص.
بينما العيش الفلاحي ويندرج تحته عدة أنواع: المرحرح والبطاطي والبتاو والبط وهو خبز كان يصنع من الذرة بإضافات قليلة من القمح ثم أصبح بعد ذلك يصنع بنسب متقاربة من القمح والذرة وهو منتشر في أغلب قري الجمهورية من الوجه البحري والقبلي مع بعض الاختلافات في الإضافات التي كانت تضاف إلي الذرة حيث نجدهم في الشرقية وفي الإسماعيلية وبعض قري الدقهلية والغربية والمنوفية بالإضافة إلي صعيد مصر نجدهم يضيفون الحلبة إلي الذرة كما كان يوجد في الغربية والدقهلية ما يعرف بخبز البامية وهذه التسمية تأتي في إضافة طحين البامية إلي دقيق الخبز. وهناك في كفر الشيخ يخلط بالشعير نظراً لانتشار زراعة الشعير هناك وأيضا نظراً لانتشار زراعة الأرز في كفر الشيخ حيث خلط كيلة أرز مع جوال الغلة لعمل الخبز.
ويصنع البكوم من دقيق القمح ونفس عجينة الخبز البلدي الطري،في حين يعتمد خبز الشعير علي دقيق الشعير وينتشر في الوادي الجديد وبخاصة في منطقة الخارجة.
وتختلف لفظة البتاو من مكان لآخر وهي كلمة مصرية قديمة تعني الخبز فيطلقون كلمة بتاو علي العيش المرحرح بينما نجدهم يطلقونها علي رقاقات صغيرة الحجم تصنع من الدقيق واللبن في محافظة الشرقية.
والهبورية والكسرة هي خبز من الذرة والردة وبعض القمح وتختلف الكسرة عن الهبورية في أن الكسرة اكثر اتساعا من الهبورية وتنتشر في البحر الأحمر إلي جانب العيش الشمسي ذي الأربعة قرون ويسمي أبو قرون.
وهناك نوع من الخبز يخبز علي الحجارة وينتشر في منطقة حلايب بالبحر الأحمر وهو الدامبرت.
وفي توشكي وأسوان يصنعون الشد وهو خبز من الذرة والقمح وهو رقيق جدا في سمكه ويخبز في الدوكا الصاج، كما يصنع الخنريت من دقيق الذرة العويجة ودقيق القمح كما يطلقون عليه الدوقه في منطقة كلابشه بأسوان أيضا، والكابد مثل الشدي إلا أنه أكثر سمكاً منه وهو أيضا موجود في توشكي.
وفي شمال سيناء يعرف الخبز بالصاج وهو خبز رقيق من دقيق القمح يبلغ قطره 45سم وسمكه 2 ملم، بينما الخامر خبز يصنع في البيت ويكون في حجم الرغيف البلدي.
ويعتبر المجردق خبز طوارئ يصنع بدون خميرة ويسوي علي الصاج وهو يشبه الرقاق إلا أنه يؤكل طريا وينتشر هذا الخبز في مطروح، وربما اختلفت المسميات من مكان إلي مكان فنجد النوع الواحد في بعض الأحيان يأخذ أسماء مختلفة باختلاف المنطقة التي يوجد فيها، هذا بخلاف بعض أنواع الخبز التي تصنع خصيصا لمناسبات خاصة أو لأغراض خاصة غير الغرض الرئيسي للخبز ليغمس به الطعام.
ويصف المؤرخ وكاتب المصريات بسّام الشماع، المصري بأنه صاحب حضارة خبز، لافتا إلي أن مقبرة سقارة وجد فيها المتوفي أمامه أرغفة الخبز المنحوتة علي الجدران، كما تم العثور علي أول رغيف فينو طويل (الفرنساوي).
ويشرح أن حرف التاء في اللغة الهيروغليفية يعني نصف رغيف عيش مستدير واسم الخبز بالهيروغليفي (ت) والخبز الأبيض ت حيدج. كما أن المصري في المتحف الزراعي بالدقي وجد معه أول رغيف بداخله أشياء تؤكل "الحواوشي"، ووجد معه أيضا أول كرواسون فرعوني محنط وجاف، كما ابتكر الفرعوني أول فكرة بيتزا، حيث وضع الرغيف مستديرا وعليه بعض الأطعمة، واستخدم الزهور التي لها طعم في عمل الأرغفة، فصنع منها رغيفا علي هيئة كعكة منتفخة.
ويقول: لدينا تماثيل توضح الفلاحة المصرية وهي تعجن في الماجور، ومناظر منحوتة لفرن، وسيدة أمامها ترضع طفلها وتضع يدها علي جبهتها كدليل علي معاناتها أمام النار.
ويضيف: الخبز له عدة أشكال في مصر القديمة، منها ما يشبه المثلث، مشيرا إلي أنه من ضمن النظريات المكتوبة أن اليونانيين يعتقدون أن الهرم يشبه مخبوزا معينا في بلادهم وهو ما جعل اسمه مرتبطا بالمثلث (الفطيرة المثلثة)، موضحا أن القرابين والهدايا احتوت علي أعداد كبيرة من الخبز بنوعيه الأبيض والأسمر، ويوجد بالمتحف المصري ساندوتش ملفوف كهدية..
ويستطرد: اكتشف سليم حسن مقبرة لرخني رع وهو وزير مشهور في عهد تحتمس الثالث وعليها رسومات توضح طريقة عمل الفلافل.
ويذكر الباحث في الفولكلور الشعبي مسعود شومان مجموعة من الأمثال التي تستدعي الخبز كدال مهم في منظومة قيم الجماعة الشعبية ومنها: قفاه يقمر عيش .. إدي العيش لخبازه ولو ياكل نصه. . الجعان يحلم بسوق العيش.. اللي ياكل عيش اليهودي يحارب بسيفه. . اللي ياكل عيش السلطان يضرب بمزماره.
ويقول: كل مثل يقدم إضاءات مهمة لا تخلو من إشارات اجتماعية وسياسية والعيش هنا يمثل المفردة المشعة داخل التركيب اللغوي. . فضلا عن الرقي التي تتغني بها السيدات وهن يقمن بعملية العجين والخبيز فهن يؤنسن الخبز: يا عجين أخمر وفور.. واملا الفرن فرح ونور. . ودوما يكون هناك تشهد علي العجين والصلاة علي النبي مع خروج العيش من الفرن. ويرتبط العيش بالعادات والتقاليد حيث يوزع كنفحة مع اللحم والأرز في موالد الأولياء أو كرحمة علي روح الميت.. كما يوضع رغيف مع سكينة تحت مخدة المولود الجديد درأ لشره فتخيفه السكين.. وإذا كان جائعا فعليه برغيف العيش ليبتعد عن المولود وكانت السيدات ترسل للحداد سبعة أرغفة تم شحاذتها من سبع فاطمات.. أي رغيف من كل فاطمة ليقوم بدق خلخال للطفل المولود ليدرأ عنه العين.
وتؤكد الدكتورة حنان سالم أستاذ علم الاجتماع المساعد بجامعة عين شمس، أن المصريين هم أصحاب أول ثورة زراعية جعلت من مصر قبلة للجوعي حين عم القحط في أنحاء البلاد، وكانت مصر صومعة للغلال قصدها الناس أفواجا من كل الأنحاء.
وتضيف: المطالبة ب"العيش" كانت الشعار الأول لثورة يناير 2011 التي خرج فيها الملايين من أبناء الشعب لإزاحة نظام جعلهم يقتتلون أمام الأفران من أجل الحصول علي رغيف خبز من المفترض أنه حق من حقوقهم المشروعة.
وتوضح أن الخبز اسم مشترك في "لمة" المصريين، يجتمعون حوله في المناسبات المختلفة، سواء في الأعياد أو في شهر رمضان الكريم، ويضربون حوله الأمثال التي تشير إلي أهميته القصوي في حياتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.