استعراضات لعناصر فى تنظيم «داعش» الإرهابى حكومة وفاق وطني ليبية بدعم دولي لا تزال تبحث عن شرعية داخل الجماهيرية.. فيما تصرخ تقارير أمنية واستخباراتية موثوق بها، بتضاعف عدد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، خاصة في المدن الشمالية الساحلية القريبة من الحدود المصرية كدرنة وسرت، في وقت يتضاعف فيه الملتحقون برجال الخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي هناك، علي إثر الهروب الجماعي لكثيرين منهم من سوريا والعراق، تحت وطأة القصف الجوي المركز من قبل قوات التحالف الدولي، وكذا من نظام بشار الأسد وحليفه الأكبر روسيا.. اللعبة لم تعد مجرد تمركز أصوليين متطرفين إلي جانب الحدود الغربية لمصر، الخطر الداهم أن الدولة المزعومة لداعش صارت تتشكل رويدًا رويدًا إلي جوارنا، عبر تقدمها الكبير نحو السيطرة علي الكثير من آبار النفط، ما سيمكنها من عشرات الملايين من الدولارات يوميًا، بما يعني أن الموارد المالية ستكون متاحة تحت أمر الكيان الموتور، فضلًا عما تملكه من ترسانة أسلحة وتحديدًا في درنة.. وكانت الأنباء تواترت طيلة الأسبوعين الماضيين، عن وصول البغدادي نفسه إلي الأراضي الليبية بحثاً عن ملاذٍ آمن، بعيدًا عن ملاحقات التحالف الدولي، لكن الأرجح أن ذلك لم يحدث وفق الباحث في شؤون الجماعات الجهادية، ماهر فرغلي، علي أساس أن الحصار المفروض عليه من قبل بغداد وحلفائها علي الأرض مخابراتياً وعسكرياً، يجعل من تنقله مسألة محفوفة بالمخاطر، أو إن تحرينا الدقة أقرب لتكون عملية انتحارية.. ما يقال كذلك عن الوجود السري/ العلني الحالي للمئات من الجنود الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين والطليان، فضلًا عن العشرات من رجال الاستخبارات الغربيين، في الأراضي الليبية، كعمليات بحثية جادة عن البغدادي، لا يبدو حسب فرغلي تحليلًا دقيقًا أيضًا، بل إن المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية يفسره كرغبة قوية من قبل الأوروبيين والأمريكيين لحماية مصافي وحقول النفط من الأطماع والهجمات الداعشية في ظل مركزية إنتاج النفط الليبي بالنسبة للقارة العجوز علي وجه التحديد.. وهبط إنتاج النفط الليبي خلال العامين الماضيين من 0.517 بليون برميل إلي 0.4 بليون برميل يوميًا، فيما أن الأرقام مرشحة لهبوط آخر مفجع، علي خلفية الهجمات الداعشية وتمددها، فضلًا عن أطماع التنظيم، في اقتناص حقول واستنزافها علي غرار تجربته العراقية. حسب دراسة حديثة لوحدة الدراسات الاقتصادية بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، فإنه منذ أوائل يناير الجاري وفي أعقاب توقيع اتفاق الصخيرات في المغرب، تصاعدت وتيرةُ تهديدات تنظيم داعش للقطاع النفطي، مستهدفًا تارة خزانات وصهاريج النفط وتارة أخري موانئ التصدير الرئيسية بالبلاد بالسدرة ورأس لانوف ومصراتة وشرق البلاد. تقول الدراسة «أسوة بالمشهد السوري والعراقي، حيث يُنتج تنظيم داعش قرابة 30 ألف برميل يوميًا، وفق تقديرات سابقة؛ يبدو التنبؤ بسهولة أن الغاية النهائية لداعش من وراء هذه الهجمات هي السيطرة علي حقول نفطية جديدة، وخلق مصادر دخل مستديمة».. وعليه تميل استراتيجية داعش الحالية، إلي حين تمكنه من السيطرة الفعلية علي منشآت نفطية كاملة إلي استنزاف ذلك القطاع الحيوي والاقتصاد الليبي المتدهور جرّاء تراجع أسعار النفط، وهو ما تعمل القوات الخاصة الأجنبية علي مواجهته في ظل ضعف الأمن الليبي وعدم فاعلية تعاون القبائل في هذا الشأن، وتبدو تلك المهمة مقدمة علي أية مهمة أخري في الوقت الراهن ولو كانت البحث عن الخليفة نفسه. الطمع الداعشي في النفط الليبي ربما كان السبب في دفع البغدادي برسوله الشخصي سفيان الغزالي إلي طرابلس، لمقابلة قادة الميليشيات الداعشية الصغيرة كالمدهوني المتمركزة غرب المدينة، ومنحهم الضوء الأخضر للتنسيق علي الأرض مع الإخوان والجماعة المقاتلة الليبية التابعة للقاعدة، ككيان واحد متجاوز خلافاته العقائدية، بمناطق ليبية عدة، كطرابلس وأجدابيا وبنغازي. في الفترة ذاتها، وعلي هامش تفاوضات الصخيرات، كانت هناك اجتماعات علي أعلي مستوي لقادة داعش مع نظرائهم من الجماعة الليبية المقاتلة / القاعدة والتنظيم الدولي للإخوان لبحث مستقبل ليبيا في ضوء كل التطورات، وبالأخص، وفق وثائق ليبية مسربة، بعد تراجع الاتصال الأمريكي وتحديدًا مع الإخوان، فضلًا عن فتور حماس قوة عربية وأخري إسلامية، يرجح أنهما قطر وتركيا، في الدعم والتمويل، ومن ثم تم الاستقرار علي أنه لا مناص من إرجاع المياه لمجاريها مع واشنطن والقوتين الثانيتين، إلا بمزيد من الدعم لقادة داعش الذي تقر الميليشيات المقاتلة في ليبيا أنه يحظي برعاية أمريكية، علي أن يتم مغازلة الولاياتالمتحدة بمد ساحة العمل إلي الداخل المصري وبالأخص في القاهرة والإسكندرية لزعزعة استقرار نظام الرئيس السيسي، علي أساس أن تنظيم أنصار بيت المقدس الداعشي في سيناء، لم يعد مؤثرًا علي نحو ما، علي خلفية الضربات الموجعة الموجهة له من الجيش والأمن المصريين. فرضية الدعم الأمريكي السري لداعش تلك، وعلي الأقل في الأراضي الليبية إنما لها أصل ودلالات رصدت حتي داخل واشنطن نفسها، فمثلا نجد أن «ويبستر تاربلي»، صاحب كتاب «الحادي عشر من سبتمبر» قطع بحسم في فبراير 2015? استنادًا إلي تقارير مخابراتية رسمية أمريكية بأن الولاياتالمتحدة هي الداعم الأول لداعش وأفرعه المختلفة، فيما أن الرئيس أوباما هو مؤسسه شخصيًا. حسب تاربلي، فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية لو شاءت لقطعت عن تنظيم «داعش» الإرهابي كل وسائل الاتصال والتواصل عبر الإنترنت، غير أنها لا تفعل، بل إنها تؤكد بسياساتها في مواجهة التنظيم الإرهابي الأشرس، أن داعش هو أكبر مثال حي علي الإرهاب المصنع، بينما استغلت واشنطن نفوذها والناتو في الأراضي الليبية بعد سقوط معمر القذافي، لتؤسس في درنة القريبة من الحدود المصرية الغربية، عاصمة الإرهاب العالمي الجديد، التي تحولت خلال العامين الماضيين لمنفذ إمداد وتمويل وتسليح للعناصر الإرهابية التابعة لداعش في كل المنطقة العربية.. وكان قادة الميليشيات والقوي المسلحة في ليبيا اتفقوا علي أن التمويل متوفر لنقل عمليات التحالف الداعشي القاعدي الإخواني إلي قلب مصر، ما يعني أن تنظيم داعش الأم قرر نقل معركته المباشرة مع مصر إلي حدودها الغربية، ومن خلاله هو لا عبر أحد أفرعه.