ضحي الفنان القدير حمدي أحمد، بنجومية عريضة كان يُمكن أن يصل إليها، ثمناً لمواقفه السياسية التي لم يكن يخفيها في عهدي الرئيسين الراحل أنور السادات، والأسبق حسني مبارك، كما كانت له مواقف سياسية واضحة في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكانت له وقفة جادة وحاسمة ضد تغلغل كيان الإخوان الإرهابي في نسيج المجتمع المصري، فصال وجال مُنادياً بالتصدي لحكم جماعة الإخوان، وكان أحد المشاركين بقوة في ثورة 30 يونيو، كما كان له موقف واضح حينما حاول حزب العمل، الذي كان أحد أبرز أعضائه، عقد صفقة مع جماعة الإخوان، فوقف ضد الحزب وقدم استقالته ورفض إبرام الاتفاق. مواقف حمدي أحمد السياسية بدأت منذ كان شاباً، حيث سجنته قوات الاحتلال البريطاني في مصر عام 1949 وكان عمره 16 سنة وقتها لمشاركته في المظاهرات الاحتجاجية ضد الاحتلال البريطاني لمصر. ودخل حمدي أحمد مجلس الشعب عام 1979 عن دائرة بولاق، التابعة لمحافظة الجيزة، عن حزب العمل الاشتراكي المعارض، كما شغل منصب مدير المسرح الكوميدي عام 1985، واستمر في الكتابة السياسية والاجتماعية في جرائد "الشعب والأهالي والأحرار والميدان والخميس"، ولقبه الجمهور ب"الفلاح الفصيح" نظراً لارتباطه في أذهانهم بشخصية الفلاح التي برع في تقديمها، وكذا قدرته الفائقة علي خوض أشرس المعارك السياسية بحنكة وذكاء. وما لا يعرفه كثيرون، أنه في بداية انطلاق مسرحية (ريا سكينة)، كان الفنان حمدي أحمد ضمن الممثلين بها من خلال دور عبدالعال، وطاف مع أعضاء المسرحية العديد من الدول العربية التي كانت تحتفي بشادية في المقام الأول، وعند عرض المسرحية في الكويت تألقت شادية، كعادتها وفي إحدي ليالي المسرحية استمر التصفيق لها لمدة تزيد علي 10 دقائق، ما استفز حمدي، الذي عبر عن غضبه قائلًا بصوت عال: "علي إيه كل ده خلصينا بقي"، فغضبت شادية وطالبت المنتج والمخرج بعدم استمرار حمدي في العرض، وقرر هو الآخر الانسحاب من العمل، فما كان من المنتج والمخرج إلا أن أقنعا شادية وحمدي بالاستمرار في العروض العربية، وبمجرد عودة الفرقة لمصر، تم استبدال حمدي أحمد، بالفنان حسين الشربيني، ثم الفنان أحمد بدير. الفنان الراحل قرر اعتزال التمثيل نهائياً قبل وفاته بأشهر معدودة، مؤكداً أن الجو العام في الوسط الفني لم يعد كما كان، وأن تقدير الفنانين الكبار اختفي، وأن الابتعاد القسري طيلة السنوات السابقة ساعده علي حسم أمره واتخاذ قرار الابتعاد نهائياً. بلغت أعمال الراحل الفنية نحو 35 مسرحية، و25 فيلماً سينمائياً، و30 فيلماً تليفزيونياً، و89 مسلسلاً، لكن تبقي شخصية امحفوظ عبدالدايمب مؤسس حزب "طُز" في االقاهرة 30ب لصلاح أبوسيف، أهم وأبرز أدواره.