حقا إنها دنيا غريبة فمثلما يشعر المرء بالسعادة والرضا إذا ما وجد التقدير من قياداته طوال فترة عمله وحتي وصوله لسن التقاعد.. وفي هذه الحالة قد يري بعض الناس أن التقاعد عن العمل يعني النهاية.. ويتساءلون ما الذي سيفعلونه وكيف سيتعاملون مع الفراغ الذي سيشعرون به وبالطبع لايخفي علي أحد أن التقاعد يغير نمط الحياة ويخلق فراغا يولد شعورا بالانزعاج لأن البعض يرونه إبعادا لهم تم بدون اختيارهم وفي ظل وجود فكرة كامنة عندهم تشير إلي أن المتقاعدين أصبحوا غير قادرين علي الاستمرار في العمل وعليهم أن يخرجوا ليأتي غيرهم.. مع أن هناك كثيرا منهم لايزالون يمتلكون القدرة علي العطاء بخبرتهم وتجاربهم وقد نلمس أيضا في الواقع عند بعض المتقاعدين الذين يعلقون وجودهم في الحياة بالعمل الذي كانوا يمارسونه إحساسا بأن لاهدف ولا معني للحياة عندهم بل وقد يغرق كثير منهم في الكآبة والوحدة.. وفي ذات الوقت نجد هناك من ينظر إلي التقاعد بروح التفاؤل ويجعل منه مرحلة جديدة وسعيدة يعيشها كما يريد.. حيث أبواب الحياة مفتوحة ليجرب ويتعلم أشياء جديدة ويستمتع بها. وأود الإشارة إلي أن هناك تجارب حياتية لمتقاعدين مريحة وممتعة ومفيدة تؤكد أن المتقاعد يمكن أن يشكل حياته في هذه الفترة من عمره حسب طاقته الروحية والجسمانية والطريقة التي يفكر بها والقدرة علي التكيف والتجدد والدوران مع الظروف كما تدور في الحياة.. وهناك قصص نجاح لمتقاعدين كبار قرروا أن يخرجوا من الروتين اليومي المحبط لحياة المتقاعد والتحقوا بالعمل بكل حيوية وانضباط في برامج تدريب للكبار في شركات خاصة لعمل التصميمات والدعاية وغيرها ولم يجدوا غضاضة في التعامل مع زملاء العمل الشباب بل تحولوا مع الأيام إلي مصدر خبرة ودعم لهم ولأصحاب هذه الشركات وفي الوقت نفسه أثبتوا للشباب أن فارق السن لايمنع التفاعل والتفاهم والاستمتاع وتعلم تقنيات وأفكار حديثة وبناء علاقات من جديد.. ويبقي أن نؤكد وجود دعوات لإعادة النظر في تحديد معني ومفهوم التقاعد والنظر إلي هذه الفترة علي أنها مرحلة الاستقلال والحرية والمرونة في الحياة.. حيث لاتوجد تأثيرات ولا توقعات.. ولا مطالب تشكل ضغطا علي حياة الأشخاص وهذا سينعكس بالإيجاب علي صحة المتقاعد النفسية والبدنية.