لقطة من أحد أفلام مهرجان مونبيلييه السينمائى تجربة حياة شاقة بحثا عن الحرية التي نحلم بها جميعا.. حرية لا مساحة لها.. سماء مفتوحة بكل الأفكار التيتحلق بها وما تمثله من آمال فيحياة الأفراد والشعوب.. هيخبز وماء الروح.. هيالهواء الذينستنشقه ليظل الجسد معافيوللإنسان وجود.. وفي سبيل الحرية كانت هناك ملايين من الأرواح فداء لها في أنحاء العالم أجمع.. فالمبدأ ثابت مهما تغيرت الجغرافيا.. أو تعددت الأزمنة عبر التاريخ.. تجربة حياة شاقة لكنها ممتعة لأنها اثمرت ثمارها.. وأثبت صاحبها أنه عليحق ومادفعه من سنوات عمره وشبابه فيالسجن لم يكن هباء. قصة حقيقية.. وسيرة ذاتية لمجاهد ومناضل إيراني ترك بلده لاجئا وهاربا إلي فرنسا بعد سنوات من الحبس والاعتقال ونجح في أن يجد مكانا له في بلد الحرية كما كان يطلق عليها.. هي قصة لو حذفنا أسماء اشخاصها وبلد المنشأ والمهجر ووضعنا بدلا منها أي أسماء أخري لكانت صالحة وانطبقت وتطابقت مع أشخاص آخرين. «نحن الثلاثة معا أو لا شيء» هو عنوان الفيلم الفرنسي الذي يحمل تجربة حياة «كيرون» الذي ولد في جنوبإيران في أسرة مكونة من أب وأم واثني عشر شقيقا وشقيقة.. في هذه القرية الساكنة بين أحضان الجبال.. وبيوتها الصخرية كان الحصول علي الطعام مغامرة في حد ذاته، ومع ذلك كان الأب مناضلا يرفض ظلم الشاه ويبحث عن الحرية.. ونشأ الأبناء مع ثورية الأب خاصة الابن «كيرون» الذي يروي قصته.. نشاطه السياسي دفع به إلي السجن لمدة عشر سنوات عاني فيها التعذيب في الحبس الانفرادي.. وشاركه في سجنه أربعة من أشقائه وأصدقائه.. بعد سنوات طويلة يتم الإفراج عنه.. وتتصاعد الثورة ضد الشاه الذي يغادر البلاد ويأتي «خوميني» علي رأس إيران الجميع كان متفائلا حالما بالحرية التي حلم بها الجميع.. لكنهم اكتشفوا أنهم استبدلوا ديكتاتورا بآخر ومرة ثانية وبعد زواجه يجد «كيرون» نفسه معرضا للسجن مرة أخري فيقرر زملاؤه أن يهرب من البلاد.. وتصر زوجته أن تغادر معه مهما كانت الصعوبة هي وطفلهما الرضيع. وفي رحلة شديدة الخطورة عبر الجبال الثلجية ينجحون في دخول الأراضي التركية والبقاء لمدة عام في الخفاء حتي يستطيعوا الحصول علي لجوء سياسي في فرنسا.. ليستقروا للمرة الأولي.. هذه المرة نضالهم سيستمر لكن عليهم أيضا تعلم اللغة وإعادة الامتحان له من جديد ليعمل بالمحاماة وهو ماينجح فيه بتفوق.. يقطن كيرون وأسرته في منطقة «بييرفيت» Pierrefitte وهي إحدي ضواحي باريس المعروفة بالعنف الشديد.. لكنه ينجح مع عمدة هذه الضاحية الذي رفض أن يطلق اسمه علي أحد شوارعها أن يقدم مساعدة للشباب والسيدات هو وزوجته من كل الجنسيات ليرتقي بهم ويجعلهم يندمجون في المجتمع الذي جاءوا إليه بحثا عن الحرية.. لتصبح اليوم هذه الضاحية نموذجا لضواحي كثيرة تجلب لفرنسا المذابح حتي اليوم. في العاصمة واصل «كيرون» نشاطه منذ خوميني ومازال ضد الحكم في بلاده.. واليوم بعد كل السنوات تكرمه فرنسا وتعطيه وسام الشرف علي ماقدمه من خدمات لأبناء المهاجرين إليها من كل أنحاء العالم وهو يعيش الآن سعيدا بما قدمه خاصة أن حماه وحماته جاءا للإقامة في فرنسا مع بعض من أشقائه وشقيقاته لكنه مازال يحلم بالعودة إلي «إيران» بلده وموطنه.. يحلم بالعودة لوطن «حر» لا قمع فيه ولا سجن لكن سماء مفتوحة لكل الأفكار. «نحن الثلاثة معا أو لاشيء» هو العمل الروائي الأول لمخرجه الشاب «كيرون» وهو ابن بطل الفيلم ويحمل نفس اسمه.. وقد رأي في تجربة والده وإن كانت تجربة حياتية ذاتية إلا أنها عالمية.. «كيرون» الصغير نشأ في فرنسا وتعلم بها ودرس المسرح والسينما.. وقد برز في الكتابة المسرحية.. بالإضافة إلي أنه كوالده تماما مناضل فهو وهو في هذه السن (53 عاما) إلا أنه أسس أكثر من فرقة مسرحية في الضواحي من الشباب الموهوب.. وأيضا لتكون مدرسة فنية ألهمت الجمهور الفرنسي. إن من تربي علي الصمود والحرية لابد أن ينحني له القدر ويشعر بلذة الفرح والانتصار لمبادئه.
عندما تغتصب النساء أمام العالم فقل علي الأرض السلام.. لأنه ليس هناك أقسي من اغتصاب وانتهاك جسد امرأة والعبث به.. إنها جريمة أبشع من «القتل».. هي أكثر الجرائم قسوة ومذلة ومهانة للنفس.. تصبح المرأة فيها سجينة نفسها تشعر بالعذاب دوما.. وفي حكايات التاريخ حكايات لنساء تعرضن للاغتصاب الجماعي خاصة من قبل المحتل لبلادهن.. وقد كانت مجاهدات ونساء الجزائر في الجبال يلطخن أنفسهن «بروث» الحيوانات حتي لايتعرضن للاغتصاب علي يد الجنود الفرنسيين الذين كانوا يقتلون كل من يعترض طريقهم من الأطفال والشيوخ والرجال والنساء. وما تعرضت له نساء «البوسنة».. و«الهرسك».. و«كوسوفو».. من اغتصابات ستظل جريمة يندي لها جبين العالم الذي صمت عنها.. كما يصمت عن الكثير من جرائم الإبادة الجماعية للمسلمين في بورما.. وحجتهم في ذلك «داعش».. و«القاعدة» وكأننا المسلمين كلنا أصبحنا في سلة «داعش» و«القاعدة» بينما هم من صنعوهما. وفي فيلم «ثلاث نوافذ ومشنقة» الذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان مونبيلييه متنافسا مع عشرة أفلام.. فإنه استطاع أن يحصل بجدارة علي جائزة لجنة تحكيم النقاد الدولية.. وتعد هذه هي المرة الأولي التي تشارك فيها «كوسوفو» بفيلم لها في هذا المهرجان.. بعد الانفصال عن «يوغوسلافيا». إن الألم الشديد الذي تعرضت له كثير من النساء من جرائم الاغتصاب من الصعب جدا تجاهله وإن كان الحديث عنه من قبل هؤلاء النساء هو الأشد قسوة وهذا هو ماعرضه فيلم «ثلاث نوافذ ومشنقة» «ايساكوجا» وهو عن اعتراف امرأة مغتصبة للجنة تحقيق دولية تابعة للأمم المتحدة «لوش» التي تعيش في قرية نائية منتظرة عودة زوجها الغائب الذي لا تدري عنه شيئا لمدة ثلاث سنوات.. تتحدث إلي لجنة التحقيق معترفة بما حدث لها هي ونساء أخريات.. وعندما يصل الأمر إلي الصحف ويجن جنون أهل القرية ورغم علمهم بالجرائم التي ارتكبت في حق زوجاتهم إلا أن ثورتهم تنصب علي «لوش» لأنها فضحت الأمر.. وأهانتهم ناسين تماما مدي الجرح الغائر في نفوس الزوجات.. ويقود الحملة ضدها.. مع أنه للأسف الشديد كان متواجدا أثناء اغتصاب زوجته.. لكنه تواري خلف الجدار حتي لايراه أحد ويقتله..
إن قضيتي «اغتصاب النساء» و«الاتجار في البشر وأعضائهم» هي الملف الشائك في كوسوفو اليوم لأنها سببت العديد من الأزمات الاجتماعية وتنعكس آثارها بالسلب علي المجتمع ككل وللأسف فإن للرجال فيها نظرة شديدة السطحية للغاية.. وهو أمر يدعو للأسف الشديد. «ثلاث نوافذ ومشنقة» هو العمل الروائي الثالث للمخرج «إيساكوجا» الذي قدم فيلمه الروائي الأول سنة 1987 «يروي» وعرض في مهرجان كان السينمائي في نفس العام، وقبل فيلمه الروائي الأول قدم «إيسا» عددا من الأفلام الروائية القصيرة حازت جميعها جوائز من مهرجانات عالمية. و«إيسا» من مواليد 1949.. وعمل فترة طويلة في مجال المسرح قبل أن يتجه إلي السينما.. وذلك بعد أن درس في أكاديمية «مونتجرو».