«إذا وقعت البقرة.. كترت سكاكينها»، مثل شعبي قديم نستدعيه عندما يقع حدث ما تلوك فيه الألسنة، حدث ذلك مؤخرا، حديث عن الفساد، فساد الوزراء، فساد الحكومة، بمجرد إلقاء القبض علي وزير الزراعة، كثر الكلام عن الفساد، وذكرت أسماء كثيرة بلا دليل، لست مع أي فاسد بل أدين الفساد والفاسدين، وأري أنه علينا أن ننظر للوجه الآخر من القضية.. أن ننظر لما فعله المفسدون، بعين العظة والاعتبار، لانكتفي بمتابعة أخبار الفساد، وما وقع من نهب للأموال، سواء بالتربح، أو غسيل للأموال، أو استغلال للنفوذ، بأن نندهش، أو نشمت، أو نسخر بمصمصة الشفاه، بل نتساءل: ماذا لوكنا مكانهم وفي نفس مواقعهم ولا ننسي، قبل أن نجيب، سحر السلطة والمال، فعظمة قوة الرجال، بقدر عظمة قوة المال والسلطة، ناهيك عن أن قوة المال، كانت الطريق الممهد إلي دوائر السلطة، والبرلمان، وما أدراك ما في هذه الدوائر، من نفوذ،لا تقف أمامه حدود. لا تحسبن أولئك فقط هم المفسدون.. كل موظف استغل وظيفته، وفرض إتاوة علي الناس لقضاء حوائجهم، تحت أي مسمي: «إكرامية»، «حلاوة»، «بقشيش»، فهي رشوة مقنعة، شاء من يستحلها، أو لم يشأ، وهي نوع من الفساد، يرفضه الدين، أيضا التاجر الذي يرفع الأسعار دون مبرر، أو يحتكر السلع ليحصل علي الربح الوفير، أصحاب الوظائف العليا الذين يحصلون علي ما يسمي بالعمولات، أو البدلات، دون عناء، ولمجرد أنهم أصحاب النفوذ. مجرد رأي لرد المظالم.. أن يتم فتح حساب في عدد من البنوك، يضع فيه كل من يصحو ضميره، كل مال حصل عليه، دون وجه حق، كل من أخذ رشوة، أوتربح من وظيفته، وحصل علي مال حرام، كل تاجر أدرك الآن أنه أتعب الناس بما حصل عليه من أرباح مبالغ فيها، علي ألا يتم سؤال هؤلاء من أين لكم هذا، وألا يتابعهم أحد، وألا يقعوا تحت المساءلة القانونية. مجرد استنتاج: لا نلقي بالتهم جزافا، ننتظر حتي تتبين الحقيقة، وتتأكد جهات التحقيق من صحة ما بلغها من اتهامات، فالمتهم بريء حتي تثبت إدانته، فكم من قضايا، نال أصحابها البراءة، ولكن بعد فوات الأوان.