أثار قرار وزير التعليم العالي، الدكتور السيد عبدالخالق، بتطبيق التوزيع الإقليمي علي الطلاب الراغبين في الالتحاق بكليتي الإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، وحصْر الالتحاق بهما علي طلاب القاهرة الكبري، وإقليم القناة (الإسماعيلية- السويس- بورسعيد)، وسيناء، موجة من الغضب العارم بين طلاب الأقاليم من المتفوقين، وأعلن عدد من الأهالي أنهم سيقاضون وزير التعليم العالي، لتدميره مستقبل أبنائهم. الدكتور ثروت بدوي، الفقيه الدستوري، أبدي استنكاره للقرار الصادر مؤخراً عن وزير التعليم العالي باستثناء عدد من الطلاب من قواعد التوزيع الإقليمي والجغرافي بدعوي "الاعتبارات القومية"، مؤكداً أن هذا القرار يخرج عن أبسط القواعد القانونية والمبادئ الأخلاقية، فجاء مخالفاً للدستور الذي ينص علي مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وعدم جواز تمييز أية فئة وخصها بمزايا معينة علي أساس الجنس أو الأصل أو الانتماء الديني أو المكانة الاجتماعية، كما أن هذا التمييز يعني تقسيم المواطنين إلي درجات، ويجعل أبناء الضباط أو القضاة مواطنين من الدرجة الأولي، بينما ينحصر باقي المواطنين في الدرجات الدنيا، ويحرمون من حقهم في الالتحاق بالجامعات التي تقع خارج محافظاتهم. وتابع "من العجيب أن يصدر هذا القرار من وزير يُفترض أن يكون ملماً بقواعد القانون والدستور، كما يُفترض علمه بصدور أحكام قضائية من المحاكم العليا بمنع وعدم مشروعية أي استثناء في حصول القبول بالجامعات، ومنها أحكام صدرت عن المحكمة الإدارية العليا عام 1984 ألغيت بمقتضاها كافة الاستثناءات التي كانت سائدة آنذاك". وأكد، أن عدم الدستورية يلحق أيضاً بالإجراء الذي تم اتباعه من قبل الوزير، لاتخاذ القرار بناء علي تفويض من أعضاء المجلس الأعلي للجامعات، لأن القانون حين يعهد إلي هيئة أو سلطة جماعية باختصاص معين فهو يقصد انفراد المجلس بهذه الاختصاصات، ولا يجوز للمجلس تفويض رئيسه أو أحد أعضائه لممارسة سلطة بعينها. ويري الدكتور يحيي قزاز المنسق العام لحركة "9 مارس" لاستقلال الجامعات، أن استخدام مصطلح "الاعتبارات القومية" جاء لتمرير قرار عبثي يعصف بمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.. وقال "هذا القرار يقنن الواسطة في نظام القبول بالجامعات ويفتح باب المحسوبية علي مصراعية، كما أن تطبيقه سيؤدي إلي تكدير السلم العام وخلق أجواء مشحونة بالكراهية والحقد بين الطلاب داخل الجامعات. ويؤكد الدكتور محمد كمال، المتحدث الرسمي باسم النقابة المستقلة لأعضاء هيئات التدريس بالجامعات، أن قرار استثناء أبناء القضاة والضباط من قواعد التوزيع الجغرافي، يأتي في الوقت الذي تُطبّق فيه هذه القواعد بشكلٍ جائر علي سائر الطلاب، ما يحرم المتفوقين من أبناء الأقاليم من الالتحاق بكليات ليس لها نظير في محافظاتهم بحجة تقليل الاغتراب ومنع التكدس، وهذا الظلم يتجلي بشكلٍ بيّن في كليات الإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية لتركزها في القاهرة، فهناك حالات عدة لطلاب حاصلين علي مجاميع تفوق تلك المحددة لهذه الكليات ولم يتمكنوا من دخولها، ما يسبب إحباطا نفسيا كبير لهؤلاء المتفوقين، وتكتمل هذه الكارثة بالتصريحات المنسوبة للدكتور أشرف حاتم أمين عام المجلس الأعلي للجامعات، بأن أبناء الأقاليم هم السبب في مشكلات العاصمة الناتجة عن الزحام، وهذا التصريح يحمل قدراً كبيراً من العنصرية والإهانة لأبناء الأقاليم.