قالت ميرفت التلاوي، رئيس المجلس القومي للمرأة، إن مقترح "العفو" يتنافي مع الأخلاق العامة والكرامة الإنسانية، ويتنافي مع ما نصت عليه الأديان السماوية، التي تحرم مثل هذه الممارسات المشينة، وأشارت إلي أن العفو الدولية تنتهك بذلك حقوق المرأة وتحولها إلي سلعة جنسية رخيصة تباع وتشتري، وستؤثر بشكل مباشر علي تركيبة الأسرة، وينتج عنها ارتفاع أعداد وظاهرة أطفال الشوارع، وانتشار الأمراض. موقف "القومي للمرأة" الصلب أيدته جمعيات ونشطاء في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، باعتبار أن الدعارة هي الشكل الأكثر بروزا في العنف ضد المرأة، إذ دانت الجمعية العمومية لاتحاد نساء مصر، مقترح منظمة العفو الدولية، مؤكدة في بيان لها أن الدعارة "أحد أخطر أنواع الاتجار في البشر، لا سيما أنها تنتهك حقوق المرأة وآدميتها"، وأضافت: "كيف لمنظمة هدفها الواضح كما تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان أن ترسخ لتسليع النساء والفتيات، ولعودة الجرائم المخلة بالشرف، التي تتنافي مع الأديان السماوية والأخلاق والكرامة الإنسانية والصحة". من جهتها، اعتبرت الشبكة الدولية للحقوق والتنمية، إجراء المنظمة الدولية "بمثابة مكافأة للقوادين وتجار النساء"، وأشارت إلي الاتفاق الدولي حول تحريم الاتجار بالرقيق الأبيض، والمعدل بالبروتوكول الذي أقرته الهيئة العامة للأمم المتحدة، وغيرها من المواثيق الدولية التي تحرم الاتجار بالنساء والأطفال، مشددة علي أن التاريخ البشري برهن أن بيع الجنس كان دوما وما زال يخضع لأسباب قاهرة وقسرية، مثل الحاجة الاقتصادية الملحة والاعتداء الجنسي علي الأطفال والإكراه الوحشي للعاملين من قبل القوادين. وذهبت الشبكة في بيان لها إلي أن منظمة العفو الدولية أخفقت كثيرًا في حماية حقوق المرأة، وظلت حتي أواخر التسعينيات ترفض الاعتراف بأن الاتجار بالجنس هو انتهاك لحقوق الإنسان، وعادت واعترفت أن الاغتصاب يستخدم سلاحا في الحرب مع بعض الأشكال الأخري من العنف، ورفضت المنظمة سابقا الاعتراف بأن الختان تشويه للأعضاء التناسلية للإناث، داعية المنظمة الدولية إلي التراجع عن قرارها انتصارا لحقوق النساء المضطهدات. وقالت الدكتورة نهاد أبو القمصان، مدير المركز المصري لحقوق الإنسان، ل"آخر ساعة" إن مطالبة منظمة العفو الدولية بإقرار الدعارة غير مفهومة ولا يمكن تبريرها لأنها تخالف منظومة القيم الأخلاقية والتعاليم الدينية للكثير من دول العالم بما فيها مصر، فلا يمكن أن نعمم ما هو جائز في بلد ما له ظروفه الخاصة علي بقية دول العالم، كما أن البغاء ليس من الأمور التي يمكن المطالبة بتعميمها في أنحاء العالم، فهي جريمة ضد المرأة وامتهان لكرامتها بشكل كامل. وتابعت أبو القمصان: "حجج المنظمة الدولية حول أن تقنين البغاء سيساعد في تعظيم شعور النساء العاملات في هذا المجال بالأمان ادعاء كاذب ولا يمكن تصديقه، فسواء تم التقنين أو بقت الدعارة تجارة سرية سيظل امتهان المرأة ويعرضها للعنف والاضطهاد، لأنه لا توجد امرأة تسعي للبغاء من نفسها، وإنما تجبرها ظروف مجتمعها علي العمل في البغاء، عبر استغلال جسدها وبيعه لمن يدفع أكثر، ما يعني أن منظمة العفو الدولية تسعي لحماية القائمين علي البغاء، خاصة في ظل انتشار تجارة الرقيق الأبيض القادم من منطقة شرق أوروبا، في ظل تقارير رسمية عن تعرض أكثر من نصف العاملات في البغاء للعنف في معظم الدول الأوروبية. ودعت مدير المركز المصري لحقوق الإنسان المنظمة الدولية والحكومة المصرية إلي الاستفادة من تجربة دولة السويد في تقليص حجم البغاء في المجتمع، التي أقرت قانونا في عام1999يجرم إعطاء الرجل نقودًا للمرأة مقابل ممارسة الجنس، ما أدي إلي تقلص تجارة الدعارة في المجتمع السويدي إلي ما دون النصف، واختفاء ظاهرة بائعات الهوي في الشوارع السويدية، لأن المشرع السويدي وقع العقوبة علي الطرف الفاعل في منظومة البغاء وهو الرجل باعتباره من يدفع المال، خاصة أن النساء العاملات في هذا المجال يتم إجبارهن علي العمل فيه منذ البداية. من جهتها، ذهبت المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقا، في تصريحات ل"آخر ساعة" إلي أن دعوة منظمة العفو الدولية يكشف أنها وغيرها من المنظمات الدولية "مشبوهة وتروِّج لأجندات أمريكية لخدمة أهداف بعينها"، مؤكدة أن هذه الدعوة وغيرها من الأفكار الغربية الغريبة التي لا تتفق مع العادات والتقاليد المصرية لا يمكن إجبار مصر علي القبول بها، ولا توجد جهة علي وجه الأرض تستطيع إجبار العالم كله علي تقنين الدعارة، داعية الجميع إلي تجاهل مثل هذه الأفكار الشاذة، مع الوضع في الاعتبار كيفية اتخاذ مثل هذه المنظمات لقراراتها المنحازة لمنظومة القيم الأمريكية. أما الدكتور علي ليلة، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، فأكد أن ظاهرة البغاء ظاهرة اجتماعية قديمة وأن أسباب انتشارها معروفة في معظم الأحيان خاصة مع سوء الوضع الاقتصادي لدي المجتمع، فالمتتبع لظاهرة البغاء في مصر سيجد أنها تنتشر في أوقات الأزمات الاقتصادية، فهو عرض لأمراض أصيلة في المجتمع يجب العمل علي حلها والكشف عن مواطنها للتعاطي معها بشكل علمي يسمح بالقضاء علي هذه الكوامن في المجتمع للقضاء علي عرضها الذي هو البغاء. وأشار ليلة إلي أن محاولة تقنين ظاهرة البغاء لن تؤدي إلي أي حل وستؤثر سلبًا علي تماسك الأسرة، مؤكدًا أن أسباب انتشار ظاهرة البغاء اجتماعية بالأساس لذلك ينبع الحل من المجتمع ذاته، ضاربا المثل بعادات الزواج في المجتمع المصري التي تتضمن المغالاة في المهور وتكاليف الزواج ما أدي إلي عزوف قطاع كبير عن الزواج، وارتفاع سن الزواج وهي ظروف تؤدي بطبيعة الحال إلي شيوع البغاء، مطالبا بإعادة النظر في شروط الزواج من جديد وتيسير شروطه.