خلق مجتمعات زراعية وصناعية مستقرة مشروع استصلاح المليون فدان، أحد أهم المشروعات الواعدة التي تأتي في إطار الجهود الرامية إلي زيادة الرقعة الزراعية لمصر, ويري عدد من الخبراء أن المشروع يُمثل طاقة أمل جديدة، للتوسع الزراعي، ورفع نصيب مصر من المساحات الخضراء، وزيادة الأمن الغذائي للبلاد, خاصة إذا وضعنا في الاعتبار الزيادة السكانية علي مدار السنوات المقبلة، وتآكل الرقعة الزراعية جراء عوامل الزحف السكاني، وخروج كم هائل من أراضي وادي النيل والدلتا من قائمة الأراضي الصالحة للزراعة, بالتوازي مع نمو الأنشطة العمرانية. الدكتور صلاح هلال، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أكد أن هناك تكليفات من الرئيس عبدالفتاح السيسي بضرورة إتمام مشروع تنمية واستصلاح المليون و005 ألف فدان بأسرع وقت ممكن وعلي الوجه الأكمل وبأقل تكلفة وتوفير المعدات اللازمة للتنفيذ فورا. وقال الوزير، إنه تم تشكيل لجنة من هيئة التعمير والتنمية وذلك للبدء في أعمال الحصر التصنيفي للتربة ورفع إحداثيات المساحات الجديدة التي تم زيادتها للأراضي المستصلحة لتصبح مليونا ونصف المليون فدان. أضاف هلال، أنه تم تحديد 21 منطقة صحراوية للاستصلاح بما يضمن جديد الاستثمار الزراعي في هذه المناطق، مؤكدا ضرورة وضع الضوابط التي تضمن الحيلولة دون استغلال هذه الأراضي فيما يسمي "التسقيع" أو استغلالها لغير الغرض الذي أقيمت من أجله كما تضمن حق الدولة في سحب الأراضي في حالة مخالفة ذلك، وهذه المناطق هي منطقة توشكي بمساحة 801 آلاف فدان اعتمادا علي الري السطحي ومنطقة الفرافرة 002 ألف فدان اعتمادا علي الري الجوفي و001 ألف فدان بالفرافرة القديمة والتي تعتمد علي الري الجوفي وكذلك 564 ألف فدان بمنطقةغرب المنيا 051 ألف فدان بمنطقة المفرة بالإضافة إلي أراضي بمنطقة الداخلة وامتداد شرق العوينات وجنوب شرق المنخفض وكذلك جنوب المنخفض. ويضيف الوزير، أن المساحات الجديدة التي تمت زيادتها علي المليون فدان هي 03 ألف فدان بمنطقة شرق سيوة 52 ألف فدان بالطور 02 ألف فدان بجنوب ترعة القنطرة 52 ألف فدان غرب كوم أمبو 02 ألف فدان بالواحات البحرية بالإضافة إلي 34 ألف فدان بترعة الشيخ جابر بالإضافة إلي مساحات كبيرة بمنطقة المراشدة بمحافظة قنا. وأشار الوزير إلي أن المشروع يستهدف خلق مجتمعات زراعية مستقرة ومتكاملة تشمل مشروعات التصنيع الزراعي والإنتاج الحيواني والداجني بما يحقق التكامل مع كافة الأنشطة الزراعية في أراضي المشروع وتحديد التركيب المحصولي المناسب في كل منطقة بحيث تم البدء بالمحاصيل الأقل استهلاكا للمياه وحظر زراعة المحاصيل الشرهة للمياه لضمان استدامة الموارد المائية في هذه المناطق. وأوضح هلال، أنه من المقرر أن تقوم الدولة بإنشاء البنية الأساسية لهذه الأراضي وتجهيز القري وتزويدها بمختلف الخدمات والمرافق وشبكات الطرق علي أن يتم تحديد آليات التصرف في المساحات المخصصة للشباب بعد انتهاء هذه الأعمال وسوف يتم تقديم التسهيلات اللازمة للشباب والفئات الاجتماعية التي سيتم التصرف في هذه المساحة لهم. وعن ضوابط اختيار مناطق الاستصلاح للمليون و005 ألف فدان، قال الوزير، إن هناك ضوابط تم تطبيقها عند اختيار مناطق الاستصلاح بحيث تكون قريبة من المناطق الحضرية وخطوط الاتصال بين المحافظات وكذلك شبكة الطرق القومية والكهربائية ولاتوجد مشكلة في تحديد مواقع الآبار الجوفية وجاري حفرها الآن بالتنسيق مع وزارة الري والموارد المائية. وأشار إلي أن هناك عددا من المقترحات والنماذج لتوزيع أراضي المشروع القومي منها نموذج بالشركات المساهمة بحيازة كل منهما 02 ألف فدان توزع علي المستثمرين المصريين فقط بنظام التملك مع حظر التصرف فيها بالبيع أو خلافه علي أن تتعهد الشركات بإنشاء البنية الأساسية مقابل إعفاء ضريبي لمدة 01 سنوات علي أن يتم استخدام منظومات الطاقة المتجددة في هذه النماذج بديلا عن الطاقة التقليدية كذلك هناك أيضا نموذج «شباب الخريجين والمنتفعين والأفراد» بحيث تكون الإدارة قائمة علي نمط التعاونيات أو بنظام الأسهم في شركة مساهمة مع إعطاء ميزة نسبية للمواطنين في المناطق القريبة بتخصيص 02% من المساحة المطروحة وسوف يتم دراسة مقترحات أخري تعود بالنفع علي مصر. وعن دور علماء مصر وخبرائها المعنيين بقضايا التنمية الزراعية في دعم مشروع المليون فدان، أكد هلال أن توجيهات الرئيس كانت واضحة فيما يخص رصد واستطلاع آراء علماء مصر وخبرائها المعنيين بقضايا التنمية الزراعية عامة ومشروع المليون فدان بصفة خاصة لأن ذلك سيكون له عظيم الأثر في وضع آليات ناجحة وفعالة في كيفية توزيع هذه الأراضي علي المستثمرين والمنتفعين بما يضمن أن تكون مشروعات المليون فدان مشروعات تكاملية لإقامة مجتمعات كاملة نابعة من واقع حقيقي بالاعتماد علي الدراسات العلمية السليمة مع العلم بأن هناك تكثيف للمعرفة واستثمار العلم باعتبارها الداعم الرئيسي للجهود المبذولة في تنمية واستصلاح مساحات عديدة تضاف إلي الرقعة الزراعية. من جانبه، قال الدكتور محمد عصام شوقي، أستاذ الأراضي والمياه الجوفية بكلية الزراعة، قال إنه من المفترض أن يكون هناك إدارة خاصة لكل نوع من أنواع الاراضي الموجودة ضمن المشروع, بحيث أن من يتقدم إلي مشروعات استصلاح الأراضي لابد أن يكون قد قام بعمل نوع من المعايشة علي عمليات الزراعة الصحراوية عن طريق بعض الدورات التدريبية, من أجل معرفة الأصناف التي يجب زراعتها في تلك المناطق، ليكون واعيا بأسس الزراعة في هذه الأماكن والضوابط الخاصة باستعمال المياه الجوفية، وباكتمال هذه الأركان تكون عوامل النجاح للمشروع قائمة، ففشل مشروعات الاستصلاح سابقا كان نتيجة إعطاء الخريج مشروعات الاستصلاح في أماكن قاحلة بدون مرافق وليس لديه أي فكرة عن طبيعة الزراعة في هذه المنطقة, لذلك فلابد من أن يكون هناك تأهيل المكان المستهدف للزراعة عبر إنشاء بعض القري النموذجية بحيث يتم عمل كافة الخدمات الأساسية لها من مرافق وبنية أساسية، فعنصر الأرض يجب أن يتم دعمه بعنصر الخدمات لكي يتم خلق نوع من التكامل في هذا المكان. وأشار محلب، إلي أن بعض برامج المحاكاة يمكن أن تعطي صورة واضحة عن كميات المياه في الأماكن المستهدفة للزراعة لمعرفة ما إذا كان لها إمداد جوفي، وكذلك تحديد المدة التي يستطيع خلالها الاستمرار في تزويد هذه المنطقة بالمياه, أما إذا كان ليس لها إمداد، وهي عبارة عن مياه قديمة مخزنة جيولوجياً, من الأفضل أن يتم استغلال نسب محدودة منها لأنها تكفي لمدة 50 عاما أو 70 عاما فقط. في ذات السياق، أوضح محمد سليمان إبراهيم، أستاذ الأراضي والمياه المتفرغ بكلية زراعة سوهاج، أنه تم توكيل كليات الزراعة المصرية، وأيضا كليات العلوم ضمن جامعات بني سويف، وأسيوط، وسوهاج، والمنيا، وجنوب الوادي، وأسوان، من أجل لتحديد مساحات الأراضي القابلة للاستصلاح في نطاق 50 كيلومترا، تتجاوز المناطق المزروعة حاليا، أي أنها تقع في الحيد الزراعي القريب منها. من ناحية أخري، يري سامي حماد، المدير التنفيذي لمشروع جودة الأراضي بكلية زراعة المنصورة، ضرورة إيلاء زراعة النباتات الطبية الأولوية في مشروع المليون فدان الجديد، فمن ناحية ستفتح زراعة هذه النباتات باب التصدير للخارج، ومن ناحية أخري فإن لها مجالات استخدام عديدة في الداخل, بحيث يتم الابتعاد عن إنتاج المحاصيل التقليدية مثل الأرز والذرة والقمح، فأراضي الوادي والدلتا لا يمكن تغيير نمط النظام الزراعي بها ولكن الأمل في الأراضي الجديدة التي لابد أن تتبع نظاماَ مغايراَ في الزراعة، لذا لابد من التركيز في هذه الأماكن علي زراعة النباتات الطبية وكذلك إنتاج الورود في مزارع خاصة مع تعظيم الفائدة منها عبر زراعة حواف هذه المزارع بالزيتون.