ليس من سمع أو من رأي أو قرأ عن جامع عمرو بن العاص.. كمن وجد نفسه يجلس (لأول مرة) في رحاب قطرات وضوء الصحابة وهمسات تسبيحهم في السجود.. في أرضية ديارهم التي هي واقع أرضية الجامع الآن فتبدلت فكرة الكتابة عن الجدران والقباب إلي الاستغراق في طيب ريح المكان وسيرة رجاله الذين بنوا مجد الإسلام. 3 درجات تهبط بي عن نهر الطريق الذي ارتفع بالزمن عن منسوب الجامع.. المحاط بممر خاص له سور حديدي يحميه من التعديات.. علي رأس هذه الدرجات تلخص التاريخ . . البداية بستان .. والامتداد بيوت الصحابة. يمتد أمامي المسجد بعرض 110 أمتار وطول 120 مترا تجعله في مساحة تعادل 3 آلاف مساحة البستان الأصلي. أخترق الباب الغربي الذي يقسم ممره الجامع إلي قسمين.. البحري (الشمالي) علي يساري والقبلي (الجنوبي) علي يميني. أتوقف علي اليسار، أتخيل الجزء الخلفي والمخصص لصلاة النساء حاليا.. أقسمه خياليا إلي 4 أقسام.. المربعان اللذان في المنتصف هما منزل مسلمة بن مخلد وخارجة بن حذافة وقد أضيفا للجامع عام 79 في توسعة عبدالعزيز بن مروان وأتجه من المربع الخارجي الذي يطل علي الممر، متقدما في اتجاه المنبر مع بيوت أبورافع مولي رسول الله، ثم عقبه بن عامر، فالمقداد بن الأسود وعبدالله بن جزء الزبيدي (صفط تراب) وأنتهي عند بيت ثوبان مولي رسول الله.. لأتجه يسارا حيث موقع بيت عمرو بن العاص ويليه منزل عبدالله بن عمرو المميز بقبره وهو في أقصي شمال شرق الجامع.. وقد أضيفت في عام 93ه علي يد قرة بن شريك في العهد الأموي.. ثم أعود إلي الغرب من مقام عبدالله لأجدني في بيت الزبير بن العوام الذي أضيف عام 133ه علي يد صالح بن محمد.. وبعده المربع الأخير في الغرب لمنزل أبي أيوب الأنصاري الذي ضم عام 175 ه علي يد عيسي بن موسي.. في عهد الدولة العباسية. وأعود من جديد لممر الوسط لأجد عن يميني التوسعة الكبيرة التي تمثل نصف المسجد الحالي.. والتي نفذها عبد الله بن طاهر عام 212 ه، وتضم بيوت عبادة بن الصامت وقيس بن العاص السهمي، وداري عبد الله بن أبي سرح ودار عبد الله بن عمر بن الخطاب.. ودار أبو جبر القبطي. أسرح بخيالي علي مقربة من المنبر الحالي.. مع خيالات موقع إقامة الحد علي عبدالرحمن بن عمر بن الخطاب في واقعة سكر.. والحوار الحاد ما بين عبد الله بن عمرو وعبد الله بن سعد علي الحكم.. وموقع مقتل خارجه بن حذافة ، أتجه جنوبا حيث البئر المغطاه بالزجاج لأتخليهم يتوضئون، وقد توسطت بيوتهم.. أجلس بعد صلواتي أعايش التاريخ يتدفق علي مخيلتي كشريط سينمائي.