حملوا حياتهم علي أكفهم ليلة 23يوليو 1952، مضحين بالغالي والنفيس من أجل مصر قبل أي اعتبار، وتطهير التراب المصري من دنس الاحتلال، وتحالف القصر مع الإنجليز، إنهم الضباط الأحرار. ولقد وقع في يدي صورة من الجريدة الرسمية العدد 46 مكرر بتاريخ 15شوال الموافق 20نوفمبر 1972، والذي يحتوي علي قرارات رئيس الجمهورية بمنح معاشات »استثنائية« للضباط الأحرار، وأخطر ما أثار دهشتي في هذه الجريدة هو أسماء هؤلاء الضباط الذين شاركوا في ثورة يوليو 1952، ويعد هذا العدد بمثابة »صفعة« لكل المدعين كذبا بالانتساب إلي الثورة (وما أكثرهم)، فقد كنت والكثير من أبناء جيلي (جيل الثورة) نستمع ونري ونقرأ في وسائل الإعلام عن هذه »العينة« التي تدعي بطولات وأمجادا زائفة، ولم أجد أسماءهم في هذا الكشف الذي بين يدي، في حين هناك أسماء حقيقية رصدت أسماؤها بأحرف من نور، لكننا لم نسمع عنها بسبب إنكار ذاتها وترفعها عن التحدث بأدوارها. وكانت قرارات رئيس الجمهورية في هذه الجريدة الرسمية سنة 1972 بمناسبة مرور عشرين عاما علي قيام الثورة هي منح هؤلاء الضباط الأحرار معاشات استثنائية فوق مرتباتهم بمائة جنيه، وقد يبدو هذا الرقم معقولا وقتئذ، لكنه بلغة أرقام هذا العصر ضئيل جدا، ولايتناسب مع ماقدموه من بطولات وتضحيات، وبالتالي فوجهة نظري أنه يجب أن نعيد النظر في تكريم هؤلاء أدبيا وماليا في أقرب عيد ثورة قادم، ونقدم لمن هم علي قيد الحياة أرفع الأوسمة والنياشين. وحصر أسماء هؤلاء من المستحقين الفعليين أصبح سهلا، ويرجع الفضل في ذلك كما ذكر لي المحافظ السابق اللواء يسري الشامي واسمه في الكشف (ملازم أول محمد يسري محمد محمد الشامي ورقمه 78) للرئيس حسني مبارك أنه عندما تولي منصب نائب رئيس الجمهورية جمعنا وطلب من كل منا أن يحدد موقعه ومهمته ليلة الثورة، والشهود والتحريات التي تؤكد صدق كلامه.