صور.. مدير تعليم إدارة المستقبل يوزع الهدايا والحلوى على الطلاب    مدارس المنيا تستقبل تلاميذ Kg1 وأولى ابتدائي بالهدايا وعلم مصر    طرح 12 مدرسة جديدة للتعليم الأساسي والإعدادي والثانوي بالمنوفية    طلاب جامعة مصر التكنولوجية يحصدون المركز الأول في الابتكارات الصناعية    الحكومة: بدايات مبشرة لصناديق الاستثمار المصرية في الذهب    «تنمية المشروعات» يقدم برامج تدريبية مجانا لشباب دمياط ضمن مبادرة «بداية»    تعزيزًا للشمول المالي .. إنفوجراف... خطوات هامة لصناديق الاستثمار في الذهب    «المشاط» تبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية    علاء فاروق: 6.4 مليون طن صادرات مصر الزراعية حتى الآن    بتخفيض 20 جنيها.. اتحاد منتجي الدواجن يضخ 4 آلاف كرتونة بيض في الأسواق    مستثمرو مرسى علم تحدد رؤيتها للمشاركة في بورصة لندن السياحية نوفمبر المقبل    شهيد جراء غارة إسرائيلية على منطقة «حامول» جنوب لبنان    قوات الاحتلال تعتقل 20 فلسطينيًا من ‌«الضفة الغربية»    الكشف عن سبب تسهيل مهمة مُطلق النار على «ترامب» في تجمع انتخابي    أيمن محسب: مصر حذرت مرارا من عواقب التصعيد الإسرائيلي بالمنطقة    وفاة والدة وزير الداخلية والجنازة بمسجد الشرطة    صلاح يستهدف بورنموث ضمن ضحايا ال10 أهداف.. سبقه 5 أساطير    حمدي وميشالاك يسجلان في فوز الزمالك على فريق الشباب برباعية ودياًُ    ميدو يوجه رسالة خاصة لجماهير الزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الإفريقي    تشكيل يوفنتوس المتوقع لمباراة نابولي في الدوري الإيطالي    خبيرة ارصاد: توجد حالة من التحسن في درجات الحرارة وحالة الطقس بشكل كبير بداية من اليوم السبت.    توجيهات من وزير الصحة للسيطرة على حالات الإعياء بأسوان    بلاغ للنائب العام ضد «التيجاني» بتهمة اذراء الأديان    تأجيل محاكمة مضيفة الطيران التونسية المتهمة بقتل ابنتها لشهر أكتوبر    ضبط تشكيل عصابي تخصص في تصنيع المواد المخدرة بالقاهرة    «الداخلية»: ضبط تشكيل عصابي لتصنيع والاتجار بالمخدرات في القاهرة    نائبة وزير السياحة تشارك في تكريم ذوي القدرات الخاصة بملتقى الفنون    انطلاقة قوية لمواليد برج الأسد في بداية الشهر الشمسي الجديد    بسبب أحداث لبنان .. تأجيل حفل توزيع جوائز الموريكس دور    اليوم الوطني السعودي| القوات الجوية تحتفي بأنشطة تاريخية وثقافية    الفنان محمد جمعة يخرج عن صمته ويرد على شائعة وفاته    «الصحة» تعلن استعداداتها للتأمين الطبي على للمنشآت التعليمية    تعرف على الفرق بين الزهايمر وضعف الذاكرة    ضمن «بداية»| متابعة لمستشفى القصير التخصصي ووحدة الأمل بالبحر الأحمر    استشهاد سوري في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    صور| شلل مروري بسبب كسر ماسورة مياه أسفل كوبري إمبابة    في ذكرى وفاة فايزة أحمد.. تعرف على أبرز المحطات الفنية لها    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    رواتب تصل ل25 ألف جنيه.. فرص عمل في مشروع محطة الضبعة النووية - رابط التقديم    علي فرج يتأهل لنهائي بطولة باريس للإسكواش    محافظ بورسعيد: باب المدرسة لن يفتح إلا بنهاية اليوم الدراسي - صور    إجراء عمليات ل98%؜ من إجمالي المسجلين على قوائم الانتظار بمستشفيات سوهاج الجامعية    عقب الإصابة بأعراض النزلات المعوية.. «الوقائي» يتفقد الحالات المرضية ب4 مستشفيات بأسوان    وزير الإسكان: تخفيض 50% من رسوم التنازل عن الوحدات والأراضي بالمدن الجديدة    هاني فرحات وأنغام يبهران الجمهور البحريني في ليلة رومانسية رفعت شعار كامل العدد    بوتين يشكل لجنة لإمداد الجيش الروسي بالمتعاقدين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    ما حكم تلف السلعة بعد تمام البيع وتركها أمانة عند البائع؟.. الإفتاء تجيب    الولاء والانتماء والمشروعات القومية.. أول حصة في العام الدراسي الجديد    ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل الجولة الخامسة    رئيس "إسكان النواب": الحوار الوطنى أحدث زخما سياسيا خلال الفترة الأخيرة    بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية في سريلانكا    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    عاجل.. فيفا يعلن منافسة الأهلي على 3 بطولات قارية في كأس إنتركونتيننتال    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    ملف مصراوي.. عودة شوبير الرسمية.. تأهل الزمالك لدور المجموعات بالكونفدرالية.. وظهور فتوح    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان‏..‏ والصعود إلي الهاوية‏12‏

إن قراءة التاريخ السياسي المعاصر لمصر منذ‏1952‏ تشير إلي خصوصية العلاقة التي ربطت بين تنظيم الضباط الأحرار وجماعة الإخوان المسلمين أولي الحركات السياسية الإسلامية
في مصر‏ وتنطوي هذه العلاقة ابتداء علي بعدين أساسيين‏:‏ الأول هو السياق السياسي الذي نمت في إطاره الحركتان قبل نجاح حركة الجيش في الاستيلاء علي الحكم‏,‏ والآخر يتعلق بالأصول الاجتماعية التي جاءت منها كلتا الحركتين والتي عبرت عن إحدي شرائح الطبقة الوسطي المصرية وهي الشريحة الدنيا منها‏!‏
لعب هذان البعدان دورا أساسيا في صياغة العلاقة بين الضباط الأحرار والإخوان المسلمين والتي تراوحت بين التعاون حينا والصراع حينا آخر‏,‏ ولكنها في كل الأحوال كانت تحمل في طياتها طابعا تنافسيا مستمرا‏,‏ وإذا كانت دواعي البراجماتية السياسية قد جمعت بينهما لمواجهة النظام السابق علي‏1952‏ إلا أن استمرار عوامل المنافسة بينهما حال دون تعايشهما لفترة طويلة‏,‏ وهو ماتؤكده الدكتورة هالة مصطفي في المرجع السابق الإشارة إليه‏.‏
فقد كان لبعض أعضاء اللجنة التأسيسية لتنظيم الضباط الأحرار جذور من حركة الأخوان‏,‏ وربما ساعدت هذه الصلة علي التنسيق بينهما في بعض المراحل خاصة في أواخر الأربعينيات حيث كانت حرب فلسطين مبررا إضافيا لكل منهما لزيادة حدة الصراع مع الوفد مع وجود مساحة مشتركة للتحرك‏(‏ وإن لم يمنع ذلك الخلاف بينهما حول العديد من القضايا ومن ضمنها أسلوب الاشتراك في حرب‏1948‏ نفسها‏).‏ ولذلك فقد استمرت الصلة بين تنظيم الضباط الأحرار وجماعة الاخوان قائمة علي أسس غير عدائية وغير تنظيمية أيضا‏.(‏ أحمد حمروش‏,‏ قصة مقدمة ثورة‏23‏ يوليو‏,‏ ج‏3‏ ص‏127).‏
وربما كان الدافع الكامن لتقوية الصلة بالاخوان هو تنامي دورهم السياسي الذي توازي مع نمو الجهاز السري من حيث الإعداد التنظيمي والتدريب والتسليح وهو ماأعطي لهم قوة نسبية علي الساحة السياسية كان من الصعب تجاهلها‏,‏ لذلك فقد شهدت الأربعينيات تحالفات سياسية بين الجماعة والقصر حينا وبينهما وبين أحزاب الأقلية حينا آخر‏,‏ وذلك وفقا لما تمليه دواعي المصلحة السياسية في المراحل المختلفة‏,‏ ولكن ظل المنافس الرئيسي للجماعة هو حزب الوفد الذي اتخذت العلاقة معه طابعا عدائيا وصداميا في أغلب الأحيان‏.‏
وتخلص هالة مصطفي إلي أن الإطار التنافسي الذي اتسمت به العلاقة بين حزب الوفد من ناحية‏,‏ وجماعة الاخوان المسلمين وتنظيم الضباط الأحرار من ناحية أخري قد صنع إطارا من التعاون بين كل من الضباط والأخوان لتوجيه حركتهما في بعض اللحظات التاريخية ضد الوفد‏.‏ ولكن مسار هذه العلاقة التعاونية اختلف بعد تغير هذا الظرف التاريخي بصعود حركة الضباط الأحرار ووصولها إلي الحكم مع بقاء الاخوان خارجه‏.(‏ د‏.‏ هالة مصطفي‏,‏ مرجع سابق‏,‏ ص‏124).‏
كانت حركة الضباط علي وعي منذ البداية بضرورة الحفاظ علي استقلاليتها‏,‏ ورغم اتجاهها لدواعي الواقعية السياسية إلي التعاون مع حركات سياسية أخري ومن ضمنها الاخوان‏,‏ إلا أن هذا التعاون لم يصل إلي درجة التحالف قبل وصولها إلي الحكم‏,‏ كما لم يكن مبررا لاقتسام السلطة مع أي منها بعد نجاحها في‏23‏ يوليو‏1952.‏
وفي هذا السياق لجأ النظام الجديد إلي احتواء الإخوان بشكل مبكر لسببين رئيسيين‏:‏ الأول أنهم شكلوا قوة من أهم القوي السياسية التي كانت تمتلك تنظيمات سرية‏,‏ والآخر هو تطلعها إلي اقتسام السلطة مع النخبة السياسية الجديدة‏.‏
وفي المقابل كان واضحا أن قيادات الجماعة قد عملت هي الأخري علي تأييد الثورة وأهدافها‏,‏ وكان هذا التأييد من منطلق سياسي أيضا‏,‏ إذ رات الجماعة أنها ستحقق ثقلا سياسيا من خلال علاقتها الخاصة والمتميزة بالنخبة السياسية الجديدة‏,‏ خاصة أن بعض قيادات الثورة كان لهم ارتباط فكري وتنظيمي بالجماعة‏,‏ ولعبوا دورا في تأكيد تلك العلاقة الخاصة التي ربطت بين النخبة الحاكمة والجماعة في تلك المرحلة المبكرة من الثورة‏.‏
ويمكن تفسير المغزي من هذا الموقف المهادن الذي اتخذه نظام‏1952‏ في البداية من الاخوان في ضوء حقيقتين‏:‏ الأولي أن الحكم لم يكن قد استقوي بعد ولم تكن مسألة السلطة السياسية قد حسمت تماما لصالح مجموعة الضباط الأحرار وعلي رأسها جمال عبد الناصر‏,‏ إذ كانت الواجهة السياسية للحكم مازالت ممثلة في قيادة محمد نجيب‏,‏ والأخري تتعلق بطبيعة الصراع السياسي والاجتماعي الذي شهدته مصر في هذه الفترة الحرجة منذ صدور قانون تنظيم الأحزاب السياسية في سبتمبر‏1952,‏ إلي تاريخ صدور قانون حل الأحزاب السياسية في‏18‏ يناير‏1953,‏ فقد كانت هذه الفترة فترة صراع سافر بين الأحزاب والقوي السياسية‏,‏ وخاصة نخبة النظام الجديد وحزب الوفد الذي شكل أحد التحديات الرئيسية في تلك الفترة أمام سلطة الحكم الجديد‏,‏ حيث سعي الأخير إلي اقصاء القوي السياسية القديمة خارج إطار عملية المنافسة السياسية علي السلطة‏,‏ من خلال ضرب وتصفية الأحزاب وإيقاع الفرقة والانقسام بين صفوفها‏.‏
كان الظاهر يوحي بعلاقات المودة بين الثورة وجماعة الإخوان المسلمين‏,‏ ومع ذلك فخلف واجهة الود كما يؤكد ريتشارد ميتشيل كانت هناك بوادر اضطراب‏,‏ فبدءا من إبريل‏1953‏ وفي حركة قصد منها التفريق بين اسم الحكومة والإخوان المسلمين شنت الحكومة حملة رسمية لتوحيد الأمة مع استخدام واسع النطاق لشعار الدين لله والوطن للجميع‏.‏ وفي الذكري الأولي لقيام الثورة‏,‏ لوحظ أن الاخوان كانوا متغيبين عن مركز الاحتفالات‏,‏ وانهم حيثما وجدوا كانوا غير مبالين‏,‏ وكانوا يقاطعون خطب قائد الثورة علي نحو مكشوف بشعاراتهم المعروفة‏,‏ كذلك بدأت الجماعة منذ اواخر مايو فصاعدا‏,‏ في اصدار نشرة اخبارية كانت تظهر بصورة غير منتظمة خلال العام‏,‏ وكانت تتضمن المسائل التي تهم التنظيم والآراء الرسمية للجماعة بصدد المسائل المهمة والتي لم يكن نشرها في الصحافة متاحا بسبب الرقابة الصارمة‏.(‏ ريتشارد ميتشيل‏,‏ مرجع سابق‏,‏ ص‏59).‏
بدأت بوادر الصدام بين الثورة والجماعة عندما تكشفت لكل طرف الاهداف الحقيقية للطرف الاخر‏,‏ وهو ما ادي الي وقوع الصدام بينهما‏,‏ وبذلت محاولات التقريب بين الجانبين‏,‏ ولعب الشيخ حسن الباقوري بالتعاون مع ابراهيم الطحاوي سكرتير هيئة التحرير دورا في دعم الجناح المؤيد من الاخوان للتعاون مع الحكم الجديد‏,‏ كما سعي عبد الناصر لتقريب عبد الرحمن السندي رئيس الجهاز السري اليه والذي كان علي خلاف مع حسن الهضيبي والشيخ سيد سابق منشئ الجهاز وهو ما ادي الي تعميق الانقسامات الداخلية في صفوف الجماعة‏.‏
ورغم ذلك فقد تزايدت مخاوف مجلس قيادة الثورة من تزايد نفوذ الجناح المناوئ له في الاخوان‏,‏ والذي اتخذ موقفا سلبيا من بعض سياسات الحكم الجديد مصرحا بذلك علنا‏,‏ ومن ذلك عدم حماس الاخوان لقانون الاصلاح الزراعي‏,‏ وعدم ارتياحهم لقرار إقالة رشاد مهنا الذي كان قريبا منهم‏,‏ فضلا عن بعض تصريحاتهم امام الصحافة الخارجية التي لم تلق قبولا من جانب مجلس قيادة الثورة‏,‏ والي جانب ذلك سعي الاخوان لتكثيف نشاطهم والتغلغل داخل بعض النقابات العمالية وفي الجامعات‏.‏
وقد اثارت هذه السياسة الجديدة من جانب الاخوان مزيدا من المخاوف لدي السلطة وكانت تلك مقدمات طبيعية لتفجر الموقف بينهما‏,‏ وفي اعقاب توقيع اتفاقية الجلاء في‏27‏ يوليو‏1954‏ بالاحرف الاولي‏,‏ اتخد الاخوان موقفا رافضا منها‏,‏ بسبب ما ورد في الاتفاقية حول حق عودة القوات البريطانية الي مصر في حالة وقوع هجوم مسلح علي اي بلد يكون طرفا في معاهدة الدفاع المشترك من دول الجامعة العربية او تركيا‏.(‏ المرجع السابق‏,‏ ص‏64).‏
وبعد التوقيع النهائي علي الاتفاقية يوم‏19‏ اكتوبر‏1954‏ واثناء القاء عبد الناصر خطابه بالاسكندرية يوم‏26‏ اكتوبر احتفالا بتوقيع الاتفاقية في ميدان المنشية‏,‏ قام الاخوان بمحاولة لاغتياله‏,‏ وردا علي هذه المحاولة قام النظام بشن حملة اعتقالات واسعة ضد اعضاء الجماعة‏,‏ وفي نفس الليلة صدرت الاوامر باعتقال الاخوان المسلمين‏,‏ وتم تشكيل محكمة خاصة في اول نوفمبر‏1954,‏ سميت باسم محكمة الشعب برئاسة جمال سالم وعضوية انور السادات وحسين الشافعي لمحاكمتهم‏,‏ كما صدرت احكام بالاعدام شملت مجموعة من ابرز قيادات الجماعة والجهاز السري منهم‏(‏ محمود عبد اللطيف‏,‏ ويوسف طلعت‏,‏ وهنداوي دوير‏,‏ وابراهيم الطيب‏,‏ وعبد القادر عودة‏,‏ ومحمد فرغلي‏),‏ ونفذ الحكم فعلا‏.‏ كما صدر حكم بإعدام حسن الهضيبي المرشد العام ثم خفف الحكم الي الاشغال الشاقة المؤبدة‏.(‏ كمال مغيث‏,‏ الحركة الاسلامية في مصر‏,‏ ص‏96).‏
تقييم اخواني للعلاقة مع الثورة‏:‏
يقدم الدكتور عبد الله النفيسي تقييما متوازنا موضوعيا لطبيعة العلاقة بين ثورة يوليو والإخوان‏,‏ ويبدأ بتاكيد مرحلة المودة والتعاون‏:‏ تجمع مصادر كثيرة غير اخوانية علي مشاركة الجماعة في تخطيط وتنفيذ الحركة المباركة‏,‏ ليلة‏23‏ يوليو‏1952‏ وتؤكد هذه المصادر وجود تلك العلاقة الخاصة بين تنظيم الضباط الاحرار والجماعة‏,‏ ولقد تكشفت هذه العلاقة من خلال حرص التنظيم الاول علي فتح ملف اغتيال البنا مؤسس الاخوان ومحاكمة المسئولين عن ذلك واصدار احكام ضد اربعة من ضباط الامن في عهد فاروق‏,‏ كذلك ظهرت هذه العلاقة الخاصة من خلال استثناء الاخوان من حل جميع الاحزاب السياسية في البلاد‏1953/1/16‏ برغم ان الاخوان كانوا وقتها يمارسون انشطة سياسية اوسع بكثير من انشطة الاحزاب الاخري‏.(‏ د‏.‏ عبد الله النفيسي‏:‏ الحركة الاسلامية‏..‏ رؤية مستقبلية‏).‏
هذه العلاقة الخاصة بين الضباط الاحرار والاخوان كانت دائما وأبدا مؤشرا واضحا علي مشاركة الاخوان في تخطيط هذه العلاقة الخاصة لتتحول الي تحالف استراتيجي بين الهيئة الحاكمة الجديدة‏(‏ مجلس قيادة الثورة‏)‏ والاخوان‏,‏ غير ان عوامل عديدة ضغطت باتجاه اخر تماما‏.‏
ثم ينتقل الدكتور النفيسي الي مرحلة الصدام واسبابه‏:‏ هذه العوامل مجتمعة‏,‏ رفض الاخوان الاشتراك في الوزارة والاعلان الصريح حول ذلك في الصحف‏,‏ ومشايعة نجيب ضد عبد الناصر وحشد جمهور الاخوان في هذا الاطار ادخل الاخوان في صراع مباشر مع السلطة الجديدة‏(‏ وهي سلطة لم تستقر بعد‏),‏ وهو صراع لم يستكمل الاخوان شروط مباشرته‏,‏ ولم تتحمل السلطة الجديدة الشروع فيه او حتي مجرد الاعتراف به بما انها سلطة مضطربة لم تستقر بعد في النسيج الاجتماعي لمصر‏.‏ وكانت المعادلة معادلة الصراع تميل دون شك لصالح مجلس قيادة الثورة برئاسة عبد الناصر الذي كان يمتلك وقتها عنف جهاز الدولة وآلته الدعائية‏.‏ ومرة اخري وقع الاخوان في الخطأ‏:‏ الخطأ في تقدير الموقف وهو خطأ تكرر في السياق التاريخي للجماعة‏.‏ ومن الممكن أن ينشأ الخطأ في تقدير الموقف من خلال المعلومات الخاطئة أو قل غير الدقيقة‏,‏ وممكن كذلك ان ينشأ من طريقة وميكانيكية التعامل مع كشف المعلومات أيا كانت درجة دقتها‏,‏ وفي جماعة الاخوان نشأ الخطأ في تقدير الموقف أكثر من مرة من خلال تزاوج السببين معا‏,‏ ونتج عن ذلك مذبحة للجماعة ذهب ضحيتها آلاف من رجالات وشباب الاخوان علي اعواد المشانق وفي غياهب السراديب والزنزانات‏.‏ وبدلا من ان يقف الاخوان للمراجعة والمدارسة والنقد الذاتي لاساليب العمل وكيفياته‏(‏ ولا اقول لشيء اخر‏),‏ يلاحظ المرء أن تفسيرهم للاحداث السياسية التي عصفت بهم لا يخلو من مسحات كربلائية تؤكد حتمية المحنة‏(‏ وأن المحنة ربانية‏)‏ وأن ما أصابهم هو جزء من التمحيص الرباني للصفوف‏.(‏ عبد الله النفيسي المرجع السابق‏).‏
وللأسف والتعليق هنا من جانبنا فمازال هذا هو الإطار السائد حتي الآن وسط أطياف جيل الحرس القديم المسيطر علي مقدرات الجماعة‏.‏
وإلي لقاء‏.‏
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.