المضاربات التي يقوم بها البعض بهدف رفع سعر الدولار، وتحقيق مكاسب علي حساب الاقتصاد المصري، تُعد أحد أهم العوامل التي تتسبب في إرباك سوق صرف النقد الأجنبي، وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه.. ولمواجهة المضاربات اتخذ البنك المركزي عدة إجراءات آخرها تقييد الإيداع النقدي بالدولار للأفراد والشركات بحيث لا يتعدي 10 آلاف دولار يومياً، وبحد أقصي 50 ألف دولار شهرياً، إلي جانب طرح عطاءات بهدف تلبية الأغراض المختلفة للاستيراد وخلافه. وقد استقر سعر صرف الدولار بالبنوك ليصل إلي 7.63 جنيه.. ويدور حول 7.70 جنيه بالسوق السوداء.. ومن بين العوامل الاقتصادية الأخري التي زادت من حدة الأزمة، حدوث انخفاض في الاحتياطات النقدية لدي البنك المركزي الذي بلغ في نهاية يناير 2015 نحو 15.4 مليار دولار، إلي جانب تراجع المعروض من النقد الأجنبي نتيجة لتراجع عائدات السياحة، وتراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، فضلاً عن اتجاه المضاربات إلي الدولار لتحقيق مكاسب علي حساب الاقتصاد المصري. وكان البنك المركزي يعتمد آلية (الانتربنك) بهدف توفير النقد الأجنبي لدي البنوك لتغطية الطلب علي الدولار، إلي جانب توفير الريال السعودي لتلبية الطلب بهدف الحج والعمرة، وفي الفترة الأخيرة، تزايدت المضاربات علي الدولار وأشارت الاتهامات إلي قيام بعض شركات الصرافة بالمضاربة. . ولمواجهة ذلك، قام هشام رامز محافظ البنك المركزي بإصدار ضوابط جديدة في مقدمتها، وقف بيع العملات الأجنبية لشركات الصرافة، إلي جانب شراء فائض العملات الأجنبية من هذه الشركات مقابل قيمتها بالجنيه المصري فقط. وإلي جانب العوامل الاقتصادية تأتي العوامل السياسية والمواجهات بين الأجهزة الأمنية والتنظيمات الإرهابية المتطرفة التي تستهدف زعزعة الاستقرار وإعاقة التقدم علي المسارين السياسي والاقتصادي، الأمر الذي ينجم عنه تراجع نشاط السياحة وبالتالي العائد من السياحة الذي يسهم في توفير جانب كبير من تدفقات النقد الأجنبي، فضلا عن تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وبالتالي التأثير علي التصنيف الائتماني لمصر من مؤسسات التصنيف العالمية. وحول آراء خبراء الاقتصاد فيما يشهده سوق صرف النقد الأجنبي يري الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبد العظيم، أن البنك المركزي يتجه لتعويم الجنيه ليصل الدولار إلي 8 جنيهات وهي إشارة للمؤتمر الاقتصادي المنتظر عقده في شرم الشيخ منتصف شهر مارس القادم، أن سعر الصرف مستقر، ولكن هناك أزمة في توفير النقد الأجنبي، فالاحتياطي النقدي لايكفي إلا 3 شهور للاستيراد، وكانت الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء للكويت لهذا الغرض.. لأن العطاءات التي يطرحها البنك المركزي غير كافية، أيضا شركات الصرافة تتلاعب بإيداع الأرصدة في البنك، ومن جانبه تنبه البنك المركزي لذلك ووضع حدا أقصي 10 آلاف دولار وديعة في اليوم، وهذا يحد بعض الشيء من المضاربة من شركات الصرافة والقطاع الخاص، بهدف توفير السيولة الدولارية في السوق. عبدالعظيم، أشار إلي أن هذه الإجراءات تتدعم بقوة الصادرات وإلزام المصدرين بجلب وتحويل حصيلة الصادرات إلي مصر خاصة أن القانون يلزمهم بذلك خلال 3 شهور وإلا تعرضوا للعقوبة، هذا إلي جانب أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج وتشجيع السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر، كلها عوامل تزيد من الحصيلة الدولارية وتسهم في استقرار سوق الصرف، وهذه الأمور إذا تحسنت خلال الفترة القادمة لن تكون هناك مشكلة، إلي جانب وضع ضوابط للواردات بوضع حد أقصي للاعتمادات الاستيرادية، والخروج بالنقد الأجنبي للحج والعمرة. بينما يري الدكتور مصطفي هديب، رئيس الاكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية السابق، أن الخطوات التي اتخذها هشام رامز محافظ البنك المركزي هدفها مواجهة المضاربات والحد من ظاهرة الدولرة التي عادت من جديد خلال الفترة الماضية وظهور سعرين للدولار وعودة السوق السوداء، ولعل القرار الأخير بتحديد حجم الإيداع بعشرة آلاف دولار في اليوم يحد من الهجوم علي الدولار، مشيرا إلي أنه لايوجد مبرر للتكالب علي الدولار في هذا التوقيت من السنة، إلا المحاولات التي يقوم بها بعض المخربين قبل انعقاد المؤتمر الاقتصادي. وقال: "اتصور أنه ليس كل شيء أسبابه اقتصادية، وهناك تلاعب يتزايد خلال هذه الفترة وحتي المؤتمر الاقتصادي، فالتوقيت الحالي والمضاربات في سوق صرف النقد الأجنبي ليس له مبرر علي الإطلاق". أضاف، رغم الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي لمواجهة تلك المضاربات، إلا أنها مازالت تأتي كرد فعل، وأعتقد أن البنك والخبراء المحترفين فيه لديهم الخبرات التي تكفل مواجهة ما يشهده سوق الصرف من تلاعب ومضاربات.