رغم إثارته جدلاً واسعاً عند البدء في تطبيقه عام 2000 إلا أن قضايا قانون الخلع باتت تتزايد بصورة مرعبة، وتشير الإحصاءات الرسمية إلي أن عدد قضايا الخلع، وصلت بعد خمس سنوات من تطبيق القانون ل100 ألف قضية، بينما أظهرت تقارير جهاز التعبئة العامة والإحصاء أن العام الماضي وحده شهد أكثر من 3335 حالة خلع. نظرت أول قضية خلع أمام محكمة الأحوال الشخصية بطنطا، وأقامتها وفاء مسعد جبر، ضد زوجها السيد محمد إبراهيم، في 29 يناير عام 2000 وأكدت الزوجة أن زوجها المدعي عليه هجرها وتزوج بأخري بعد زواج استمر 14 عاماً وفي أول جلسة عرضت المحكمة عليها الصلح طبقاً لإجراءات القانون ووافقت وعاد الزوج لزوجته مرة أخري. بينما كان أول حكم في قضايا الخلع ذلك الذي أصدرته محكمة القاهرة للأحوال الشخصية بتطليق الزوجة عزيزة بهاء الدين من زوجها علي أبو النصر شرف بعد زواج دام 24 عاماً وصدر الحكم في أول سبتمبر عام 2000 أي بعد تطبيق القانون بستة أشهر، وذكرت المحكمة في أسباب حكمها أن الطلاق خلعاً يتماشي مع الشريعة الإسلامية والسنة المحمدية ويرفع الضرر عن الزوجات. الدكتورة منال زكريا، أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة، أكدت أن ارتفاع معدلات الخلع يرجع لعوامل نفسية أهمها الاكتئاب والتوتر والقلق والحياة الجنسية الفاشلة، مؤكدة أن زيادة المعدلات من الناحية الاجتماعية راجع لحالة المجتمع والتي اتسعت فيه حالات الخلع فالفتيات يأخذن القدوة من قريناتهن حيث إنهن يرين أن زميلاتهن ينجحن في الخلع وهو ما يدفع الزوجات ليأخذن نفس الخطوة أملا في التخلص من المشكلات التي تواجههن. وأكدت أن المجتمع والإعلام والتعليم يعتبرون من أهم عوامل حالات العنف وذلك بسبب عدم التوعية اللازمة بأضرار ذلك علي الزوجة والزوج والأبناء فمن ناحية الرجل فإنه يفقد الثقة في نفسه كما أن صورته تهتز أمام المجتمع حيث إننا نعيش داخل مجتمع ذكوري وهو ما يتسبب في نوبات نفسية وقد يؤدي إلي لجوء الرجل إلي العنف ويتسبب في حالة من الخلل النفسي الداخلي له من جانبها، أكدت الدكتورة مني الحديدي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان، أن المرأة التي تطلب الخلع تنهي بذلك استمرار الحياة الزوجية التي أصبحت لايمكن أن تستمر، وفقا لموازين العقل، والمنطق، والشريعة. وأوضحت، أن قانون الخلع في بعض الحالات يكون بمثابة إنقاذ للزوجة التي لايمكنها الحصول علي الطلاق وتعيش مع زوجها دون رغبتها ولكن تستحيل الحياة بينها وبين زوجها حيث لابد أن تقوم الحياة الزوجية علي المصداقية وإذا لم تطق الزوجة حياتها مع زوجها وكرهته فيمكنها أن تنهيها بدلا من اللجوء إلي القضايا والمحاكم وسبل الانتقام المختلفة، وجاء الخلع ليوفر علي الزوجة العناء بين أروقة المحاكم في قضايا الطلاق لإثبات الضرر الذي يؤدي إلي الإفصاح عن أسرار وخصوصيات لايجب الإفصاح عنها. بينما يري محسن بهنسي المحامي بجمعية المساعدة القانونية أن المرأة المصرية تلجأ لمثل هذه القضايا لسهولة استخلاص الحكم فيها، مؤكدا أن أسباب الخلع الرئيسية تنحصر بين البخل والخيانة وغريميهما وكلها أسباب قوية، تعزز من موقف المرأة وطلبها. وأشار إلي أن محكمة الأسرة تقوم بدور بالغ الأهمية في مثل هذه القضايا، فتحاول الصلح بين الطرفين لأكثر من مرة. وأوضح أن المرأة المصرية عانت كثيرا داخل المجتمع علي مر العصور، وتنفست الصعداء حينما ظهر قانون الخلع، مشيرا إلي أن هذا القانون عادل لأنه يميط الظلم عن ربات البيوت ويحفظ لهن حقوقهن. وأكد أن هناك كثيرا من الأشخاص أصبحوا الآن يشتكون من مكاتب تسوية المنازعات وأدائها، فمكاتب التسوية في بداية ظهورها كان لها ثمار ملحوظة في حل النزاعات بين طرفي النزاع وكانت معظم القضايا تنتهي بالصلح قبل وصولها للقضاء ولكن مع مرور الأيام أصبحت تشكل عبئا علي أصحاب الدعاوي وفقدت دورها، أما حاليا فالنسبة لا تتعدي 5 % في زيجات تحل مشاكلهم بمكتب التسوية. وقال إنه عند إقامة دعاوي الخلع يتم الذهاب لمكتب التسوية وإذا تم التوصل للتسوية تقفل القضية أما إذا فشلت فتحال إلي القضاء وترفع القضية المسماة «تطليق خلعا» في القلم الشرعي ويتم إعلام الزوج حسب موطنه ويتم تحديد جلسات له، ويقوم القاضي في أول جلسة حسب القانون بالتأكد من إعلان الزوج، وإذا لم يتم إعلانه يؤجل إلي حين الإعلام، ثم استدعاء الطرفين لمحاولة عرض الصلح للمرة الأخيرة. وأضاف أن العديد من حالات الخلع التي تتم دون علم الزوج، حيث تقوم الزوجة بتبليغ المحكمة بعنوان خاطئ لموطن الزوج الأصلي حتي لا يصله الإعلان عن طريق البريد أو المحضر، وتتخذ طرقا ملتوية لتحصل علي الخلع بأسرع وقت، وهنا إذا حصلت علي الطلاق دون علمه لا يقع الطلاق شرعا أو قانونا حيث يمثل هذا الأسلوب احتيالا.