الطابور كان وسط السيارات.. سور متحرك يحل أزمة فناء مدرسة ورورة بالقليوبية    فقرة إنشادية خلال فاعليات الإطلاق الرسمي لمبادرة "صحح مفاهيمك" بالعاصمة الإدارية    75 شهيدًا و304 مصابًا خلال يوم واحد    الكرملين: بريطانيا من أبرز الداعمين لاستمرار الحرب في أوكرانيا    الشرع يتوجه إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة    استمرار غياب مرموش.. تشكيل مانشستر سيتي المتوقع امام ارسنال بالدوري الإنجليزي    "الاتفاق تم مع منصور".. شوبير يكشف تطورات مفاجئة حول ترشح الخطيب للانتخابات    إجراءات جديدة من السكة الحديد مع بدء العام الدراسي    جولات ميدانية واستعدادات موسعة بالمنيا لانطلاق المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل    "أكرو مصر" تبرر أسباب رغبتها في الشطب الاختياري من البورصة    مصطفى جاد: أدوات المائدة المصنوعة من الستانلس ستيل تتحول من الاستيراد إلى التصدير    وزير الاتصالات يتوجه إلى الولايات المتحدة لبحث توسيع آفاق التعاون    وزير الإسكان يُصدر 7 قرارات إزالة لمخالفات بناء بمدينة السادات والساحل الشمالي الغربي    وكيل «تعليم بورسعيد» يشهد أول طابور صباحي بالعام الدراسي الجديد (فيديو)    «بونبوني وهدايا تذكارية».. وكيل «تعليم دمياط» يشارك التلاميذ فرحة أول أيام العام الدراسي الجديد    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين للجيش (المستندات المطلوبة)    وزير الإنتاج الحربي يستقبل السفير الباكستاني للتعاون في مجال التصنيع العسكري والمدني    فرنسا تؤكد: أندورا ستعترف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة غدا الاثنين    وزيرة خارجية فلسطين: لا سيادة لإسرائيل على أرض دولتنا ويجب إنهاء الإحتلال    وكيل تعليم الشرقية يمازح مدير مدرسة النصر بالقنايات بسبب تأخر تسليم الكتب    أعز من الولد ولد الولد.. جدة تصطحب حفيدها للحضانة بأول أيام العام الدراسي بكفر الشيخ    فيريرا يدرس منح المغربي معالي فرصة المشاركة أساسيا في تشكيل الزمالك    مانشستر سيتي ضد أرسنال.. كل ما تريد معرفته موعد والقنوات الناقلة وتاريخ المواجهات    "الغضب يزداد من هلال".. الغندور يفجر مفاجأة حول مدرب الأهلي الجديد    مشتريات المصريين والأجانب تدعم ارتفاع مؤشرات البورصة في المنتصف    الداخلية: إجراء قانوني ضد سائح صيني ادعى طلب شرطي بمطار القاهرة رشوة لإنهاء إجراءات سفره (فيديو)    السجن 5 سنوات لمتهم باستعراض القوة وإحراز سلاح ناري بسوهاج    «سرقوها وسيحوها».. قرار جديد بحق المتهمين بسرقة الأسورة الذهبية من المتحف المصري    مبادرات الداخلية تكرّس الثقة.. خدمات رسمية للمرضى فى مواقعهم    من اليوم.. الداخلية تعدل اشتراطات الحصول على رخصة قيادة السيارة - مستند    في دورة الثامنة.. مهرجان القاهرة الدولي للمونودراما يُكرِّم عبدالعزيز مخيون    مي كمال الدين تكشف لأول مرة تفاصيل زواجها من أحمد مكي: استمر 3 سنوات ولم يكن سرًا (فيديو)    محاولة صلح فاشلة.. قرار عاجل من المحكمة بشأن مدربة الأسود أنوسة كوتة    ختام الورش المجانية في كتابة السيناريو بمهرجان بورسعيد السينمائي    ياسمينا العبد تصل إلى الأقصر لتصوير فيلمها كان ياما كان مع نور النبوي    طريقة صلاة كسوف الشمس 2025 كما ورد عن النبي.. موعدها وعدد ركعاتها    المدرسة القرآنية بقرية البعيرات تحتفل بتوثيق ختام القرآن الكريم.. فيديو وصور    انطلاق معرض تراثنا 4 أكتوبر القادم بمركز مصر للمعارض الدولية    وزير الصحة يلتقي ممثلي مركز «نينغبو» للباثولوجيا الإكلينيكية التشخيصي بالصين    المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: مدينة الدواء «جيبتو فارما» أمان دوائي لمصر واستثمار في صحة المواطن    صور | مشروعات خدمية وحملات موسعة بالوادي الجديد    موعد مباراة أولمبيك مارسيليا ضد باريس سان جيرمان في الدوري الفرنسي والقنوات الناقلة    مواقيت الصلاة في المنيا اليوم 21 سبتمبر 2025.. كيف تعرف أوقات الصلاة بدقة    العالم يشهد اليوم كسوفًا جزئيًا في الشمس| هل يظهر في مصر؟.. خبير يوضح    طالبان: الاتفاق على إعادة قاعدة باجرام الجوية في أفغانستان إلى الولايات المتحدة مستحيل    وائل جسار يعيش انتعاشة غنائية شتوية بين لندن وباريس والمغرب وأمريكا    دواء إتانيرسيب لعلاج السكتة الدماغية: دراسة تكشف الحقيقة الكاملة    المؤسسة الخيرية لمصرف أبوظبي الإسلامي تفتتح مدرستين جديدتين في قنا والأقصر    موعد أذان الظهر ليوم الأحد ودعاء النبي عند ختم الصلاة    حزب المؤتمر يطلق خطة متكاملة لإدارة حملات مرشحيه في انتخابات النواب    أمين الفتوى يوضح أوقات استجابة الدعاء    ب22 هدفًا.. ميسي هداف الدوري الأمريكي    الكرة الذهبية 2025.. لماذا يُترقّب محمد صلاح ودور ديمبلي؟    ترامب مطالبا بمقاضاة خصومه: حاكموني مرتين ووجهوا ضدي 5 لوائح اتهام    «أغلى من الياقوت».. مي كمال تكشف تفاصيل علاقتها بأحمد مكي وترد على الشائعات    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 21 سبتمبر 2025    إياك وتداول الشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 21 سبتمبر    لم يزره أحدًا منذ أيام.. العثور على جثة متحللة لموظف في شقته بالبحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم السري لبلطجية وبائعي المخدرات علي الصحراوي
محررا «آخرساعة» سائق وتباع علي سيارة «نقل ثقيل»

ثلاثة أيام من التحضير والتدريب للمهمة سبقت ليلة السفر، قضيناها في ضيافة سائق وتباع حقيقيين، شربنا منهما المهنة في جرعات مكثفة، نسأل ونراقب، ونتأمل ماذا يحدث داخل العالم السري لملوك الطريق - كما يحبون أن يصفوا أنفسهم اقتسمنا معهما طعامهما البسيط ونحن نجلس علي الرصيف العاري في المسافة التي تفصل بين الإطارات ، رأينا بأعيننا كيف يلف التبّاع جسده النحيل بالمشمع ويرقد علي الحمولة أثناء سير الشاحنة لا يظهر منه إلا عينان متيقظتان وهو في حالة تأهب للانقضاض علي اللصوص، احتسينا الشاي الأسود مع سائقي النقل الثقيل علي المقاهي ننصت لما يقولون، وهم يلعبون «الدومينو» ويدخنون الشيشة، ونستمع إلي مغامراتهم في تضليل الأطباء داخل الأكمنة عندما يتم الكشف عليهم، وهم يعترفون أنهم يشربون اللبن قبل الدخول إلي نقاط التفتيش، لأن اللبن يمحو نتيجة المخدر من التحليل كما يتصورون!
في اليوم الأخير أجرينا التجربة؛ أحدنا تولي مهمة قيادة المركبة، والآخر صار التباع، وقطعنا مسافة سمحت للسائق أن يقول لنا في اطمئنان: علي بركة الله.
ساعة الصفر كانت السادسة مساء الجمعة الماضية، الهدف: التعرف علي ما يحدث بالضبط داخل عالم النقل الثقيل ونقل الصورة الكاملة والصادقة لما يجري علي الطريق، وخط السير: القاهرة الإسكندرية الصحراوي ذهابا وإيابا.
جري الاتفاق مع السائق - صاحب الشاحنة - علي أن نتولي مسئولية الشاحنة أثناء الرحلة، بينما يجلس هو والتباع في سيارة المجلة التي تسير خلفنا، ونستبدل الأماكن قبل الأكمنة.. حتي إذا مرت الشاحنة بسلام من الكمين يعود الحال كما كان.
التزمنا بالتنكر بينما كنا نكشف عن هويتنا الحقيقية إذا شعرنا أن الأمور تحتاج إلي ذلك.
صعايدة في جراج أخبار اليوم
عندما دخلنا جراج (أخبار اليوم) لنسأل عن السيارة التي ستصطحبنا في الرحلة، اعترض طريقنا العمال الذين لم يتعرفوا علينا ونحن نرتدي الجلاليب ظنوا أننا صعايدة ضللنا الطريق، أشار أحدهم بيده وهو يخبرنا أن موقف الترجمان من الناحية الأخري!
موقف الترجمان هناك يا بلدينا
أومال ده إيه؟
ده جراج أخبار اليوم
يعني إيه؟!
أخبار اليوم ده جورنال.. وفتح العامل يده كأنها صحيفة
يعني ده مش موقف الأتوبيس
يا بلدينا بقول لك ده جراج الأخبار .. الأخبااااااااار
كانت (بروفة) ناجحة .. لم يستطع عمال الجراج كشف شخصيتنا إلا بعد أن انفجرنا في الضحك ونحن نخبرهم بحقيقة الأمر.
البداية
لم يخف السائق صاحب الشاحنة توتره في بداية الرحلة، أخذ يعيد علينا النصائح، قبل أن يجلس مع التباع في سيارة المجلة.. وقبل أن نصعد إلي الحافلة قمنا بالاطمئنان علي (الكاوتش) والمقطورة .. تلونا دعاء السفر، وانطلقنا في مغامرة وقع فيها خطأ واحد كاد أن يكلفنا حياتنا!
قبل أن نصل مدينة (6 أكتوبر) لاحظنا أن سيارات النقل تصطف علي جانب الطريق للراحة، وتحت ظهر إحدي الحافلات كان السائق محمد عبدالمعطي يجلس مع تباعه يقتسمان وجبة طعام مكونة من ثمرتي طماطم وقطعة جبن، ألقينا عليهما السلام وجلسنا بجانبهما، شاركناهما تدخين (الجوزة) وتحدثنا معهما عن قرار عدم سير النقل الثقيل من 11 مساء وحتي السادسة صباحا.
قلنا له إننا من الصعيد في طريقنا إلي الإسكندرية.. ووجدناه متذمرا.. ما إن فتحنا له الموضوع حتي علا صوته وهو يتحدث عن ظروفه ويضرب كفا علي كف من قرار يري أنه غير مدروس ولا يهتم بهم كسائقين أو تباعين، وتمني لو يتم التراجع عنه، حتي لا تقف أحوالهم.
492 جنيها هو المعاش الذي يتقاضاه عبد المعطي من الدولة، يدفع منه كل أول شهر 250 جنيها، مما جعله لا يتوقف عن العمل كسائق رغم تجاوزه ال 68 عاما.
كنا نستمع إليه ونحن نطأطئ رؤوسنا كأننا أصحاب همّ واحد.
يري عبد المعطي أن الخطأ يكمن في عدم تطبيق القانون علي المخالفين من السائقين (أصحاب الكيف) والرخص المضروبة.. بينما رجل طاعن في السن مثله ليس له ذنب في أن تجوع زوجته.
«أنا راجل سواق.. تعالي شوف العالم اللي عليها أقساط.. بالطريقة دي كله هيتسجن».
يعمل عبد المعطي ب(النقلة).. وفي حال سريان القرار يتساءل: أقعد 4 أيام علي 200 جنيه؟!
رحلة عبد المعطي تبدأ من شرق التفريعة وتنتهي في أكتوبر - 350 كيلو متر تقريبا- ويشكو من زحمة طرق تستهلك الوقت.. بينما يترك رجال المرور سائقي الميكروباص والملاكي (وخاصة السيدات) ينتهكون القوانين ويعرضون السيارات التي تسير بجانبهم إلي الحوادث لعدم اتباعهم لقوانين القيادة علي حد قوله.
يطالب عبد المعطي المرور بالتفتيش علي سائقي الملاكي ممن يستخرجون الرخص بطرق غير مشروعة دون أن يكونوا قد أتقنوا مهارات القيادة وحكي عن أشخاص يعرفهم تذهب إليهم رخص القيادة دليفري.. وكل من معاه قرشين بيجيب له عربية!
سرقة كهرباء عيني عينك
تركنا عبد المعطي في حاله وانطلقنا إلي حال سبيلنا.. ظهر الطريق الصحراوي ممهدا يشبه في جودته مهبط الطائرات.. بينما الأكشاك والغرز المتراصة علي جانبيه تشير إلي أن أصحابها يسرقون الكهرباء دون أن يجدوا من يسألهم عما يفعلون.. في حين يحتفظ كل منهم (بمولد) احتياطي لا يستخدمه إلا حين ينقطع التيار.
داخل الغرزة
كنا في حاجة إلي أن نتعرف علي ما يحدث بالضبط داخل الغرز.. وبالقرب من النوبارية تحت أحد الكباري وجدنا غرزة تبيع الشاي والمعسل بجانب البسكويت والمياه الغازية، تركنا الحافلة.. وطلبنا من صاحبها أن يعد لنا الشاي.. كان زميلنا المصور يضع الكاميرا داخل كيس بلاستيك، ويعاني من التقاط الصور في ظل إضاءة خافتة لا تمكنه من العمل.
كنا نتحدث لهجة صعيدية جعلت صاحب الغرزة السوهاجي يطمئن إلينا.. وسردنا قصصا عن أقربائنا الذين يسكنون في قري سوهاج مما جعل الرجل يشاركنا الحديث.
أحدنا شكي له من آلام مبرحة في الظهر وطلب منه مسكنا قويا، وداخل «الفاترينة» لاحظنا وجود أنواع مختلفة من (البرشام). قدم الرجل في البداية أقراص (ريفو). فطلبنا منه مسكنا أقوي، تفحص وجوهنا قبل أن يعطينا حبّتي (كيتوفان) ولكن هذا لم يرضنا أيضا، ابتسم الرجل في خبث قبل أن يضع يده في جيب جلابيته ويستخرج الحبوب المخدرة. وقبل أن يخرج بها حدث الخطأ الذي جعله يتراجع علي الفور!
طلب منه زميلنا المصور أن يعد لنا الشاي بالمياه المعدنية، وفهم الرجل الفولة.. ظهر الغضب علي ملامحه. وبإشارة من يده وجدنا سائقي (التكاتك) يحيطون بالمكان استعدادا للفتك بنا.. كان علينا أن نتصرف بسرعة.. فسألناه بصوت جهوري عن مولد الكهرباء الذي لا يستعمله.. واتهمناه علي طريقة ضباط المباحث بسرقة التيار.. مما جعله يرتبك وهو يظن أننا من الداخلية.. إشارة أخري من الرجل كانت كفيلة بتأجيل عملية الانقضاض علينا.. جلسنا بثبات وشربنا الشاي وكان كريما وهو يحاسبنا بأسعار مخفضة جدا!
علي الطريق
الاتصالات الهاتفية بيننا وبين السائق والتباع الحقيقيين لم تكن تنقطع.. وكنا نقوم بركن السيارة في بعض الأحيان ليتفحص التباع محتويات الحافلة ويطمئن علي أن كل شيء (تمام التمام)، ويبدو أننا أيضا حصلنا من الخبرة ما يكفي لمساعدتهما، فكنا نساهم بدورنا في التأكد من الهواء داخل الإطارات، والروابط الحديدية التي تصل المقطورة بمقدمة الحافلة، ومحتويات الحمولة.
ميناء البصل
في الإسكندرية استقبلتنا روائح البحر.. كان الليل قد انتصف.. وبدت الشوارع أقل زحاما، تركنا الحافلة في شارع يكتظ بسيارات النقل الثقيل، وقصدنا مقهي قريبا من ميناء البصل يتجمع فيه السائقون وهم يلعبون «الدمينو» والطاولة، بينما يخيم عليهم السكوت.. ويبدو أن مظهرنا أثار فضولهم.. تفحصتنا نظراتهم، ونحن نجلس بالقرب منهم، وسألنا (القهوجي): ماذا نريد؟
أخبرناه أننا نريد أن نتحدث إلي السائقين، وبمجرد أن أشار إليهم وقف أحدهم، خطي نحونا. صافحنا بابتسامة ودودة كأنه يعرفنا من قبل، كان يظن أننا زملاء مهنة أتينا للراحة.
لكننا أخبرناه بالحقيقة، فلم يصدق أننا صحفيون إلا بعد أن اطلع علي الكارنيهات.. فاستدعي زملاءه ليجلسوا إلينا.. وسألنا أحدهم إن كنا من قناة الجزيرة؟.. ولم يطمئن إلا بعد أن أكد له زميله أننا من (أخبار اليوم)، ونجري تحقيقا عن هموم السائقين لمجلة (آخر ساعة) عن تأثير قرار عدم السير في المساء للنقل الثقيل.
لم تختلف ثورة عبد المعطي الذي قابلناه في أكتوبر عن ثورة سائقي الإسكندرية.. بدأ «عليّ» مقاول وسائق حافلة الكلام محذرا من انفجار الأسعار في حالة تطبيق القرار قائلا:
«النقلة هتغلي.. يعني مثلا أنا بحمل في المينا الصبح الساعة حداشر.. هطلع اتكل علي الله.. هطلع بالليل.. هروح للزبون أعتق (أفرغ).. طول النهار أعتق العربية.. اضطر أبات مطرحي.. هصبح تاني يوم عشان ارجع.. يبقي النقلة اللي بتتنفذ في يوم هتستغرق 3 أيام.. وصاحب العربية مش هيقبل بنفس النولون لأن عنده أقساط وضرايب وغيارات زيت وكوتش.. عبء علي العربية وصاحب العربية.. ولما تغلي النقلة التاجر هيغلي البضاعة».
يخبرنا «عليّ» أن أغلبية الحافلات قطاع خاص، ويحذر من تكدس المراكب في الميناء ودفع أرضية مضاعفة، لأن كل سيارات النقل ستأتي في نفس التوقيت، وبالتالي فالغلاء سيصيب السلع وكله علي المستهلك.
لا يبرئ علي بعض السائقين من الخطأ خاصة الذين يتناولون حبوبا مخدرة يبيعها التجار الآن في كل مكان دون رقابة، ويطالب بمعاقبة من أخطأ، ويعتقد أن القرار عقاب جماعي.
يتحدث عن أطباء في الكمائن تم وضعهم للإشراف علي هذه المهمة وحجز من يثبت أنه تناول المخدر ويدفع كفالة وتصبح لديه قضية يحكم فيها بسنة سجن و10 آلاف جنيه غرامة.
يقول علي: إنهم لم يتفقوا بعد علي طريقة للاعتراض علي القرار الذي سيتسبب في موجة غلاء و(عطلة)، وعدم قبول السائق لمهمة لا يتقاضي فيها إلا القليل.
ويتحدث زميله عن ميناء لا يجد طريقا سليما للسير فيه.
ويحدثنا زميله عماد إبراهيم عن التباع ويعتبره مساعد سواق يتعلم مع الوقت القيادة ويستخرج رخصة حتي يتمكن من السير بالمركبة في حالة حدوث ضرر للسائق، ويقول: التباع بيتبهدل تحميل وتفريغ ويودي ورق علي باب المينا ويجنزر العربية ويغسلها وينضفها.. الطرق غير آمنة.. وإذا نام السواق التباع لازم يفضل سهران يحرس العربية من السرقة.
يحكي آخر عن يومه الذي يبدأ من الصباح لتحميل الحاويات علي الميناء ويخرج في الظهيرة من الجمرك.. فكيف سيقف حاله في النهار.. أين سنذهب.. كوبري القباري مغلق للصيانة.. وعندما يعمل كيف سيحتمل كل هذا العدد من السيارات ليلا.
يؤكد السائقون أن الإسكندرية يوجد فيها أكبر عدد من عربات النقل تتفوق علي بورسعيد والسويس في أنها تمتلك ميناءي (الإسكندرية والدخيلة) الكبيرين ويوجد في كل ميناء 81 رصيفا تقف عليها المركبات.
ينفي السائقون أن يتورطوا في إضرابات تضر مصالح البلد في الوقت الذين يناشدون المسئولين إعادة النظر في قرار سيتسبب في كوارث للميناء مثل تكدس المركبات والسفن وتلف الفاكهة والخضراوات، ودفع غرامات بالدولار لعدم التفريغ في الوقت المحدد، ويقترح السائقون عمل حارات مخصصة للنقل لمنع الحوادث، وتفعيل القانون علي السائقين المخالفين.
يشكو السائقون من الملاكي والتكاتك، خاصة علي طريق كفر الدوار - دمنهور الذي تسير فيه سيارات النقل عكس الاتجاه.
يقول السائقون: إن الهجوم علينا من الإعلام يتضاعف، بينما لم يكلف أحد خاطره للتعرف عن أحوالنا عن قرب مثلما فعلتم.
وادي القمر
يصطحبنا محمد حسن أمام ميناء الدخيلة حيث يوجد وادي القمر أمام شركة الأسمنت الطريق الذي تعبر عليه المركبات علي طريق (مكسر) خال من الإضاءة وهي تتجه إلي «الصحراوي» أو الزراعي، تتزاحم السيارت التي تعبر في اتجاهات مختلفة دون رقيب وكل منها يمثل مشروعا لحادثة، بينما يؤكد حسن أن النهار أكثر خطرا من الليل حيث تكتظ السيارات وتتعرض للانقلاب نتيجة التكسير والحفر المنتشر علي الأسفلت.
نيران علي طريق الأسد
في طريق العودة وبالتحديد عند قرية (الأسد) فوجئنا بإطارات مشتعلة تسد الطريق، كنا نظن أنها أعمال بلطجة، لكننا سنكتشف بعد ذلك أن القائمين علي لجنة الميزان هم من فعلوا ذلك ليجبروا السيارت علي تحويل مسارها والتأكد من حمولتها لرصد المخالفات. أما الشيء المدهش كان عدم مصادفتنا لأي لجنة في طريق العودة.
تكلفة مضاعفة
تصف سالي مصطفي مديرة إحدي شركات الشحن البحري قرار منع سائقي النقل الثقيل عن العمل طوال النهار لمدة 17 ساعة بأنه غير منطقي.
لأنه سيعود بخسائر جسيمة علي جميع الأطراف فمن ناحية سيتضرر أصحاب الشركات والمصدرون والمستوردون وأصحاب المزارع لأن تفسد بضائعهم نتيجة للانتظار الطويل وسيتحملون استئجار عدد حاويات بتكلفة مضاعفة فضلا عن تضرر السائقين الذين سيعملون علي نقل بضائع مرة واحدة فقط طوال اليوم فمن غير المقبول أن يعمل السائق 7 ساعات فقط خلال 24 ساعة.
وتضيف: تستغرق مدة نقل البضائع للوادي الجديد أو توشكي خمسة أيام وهو ما يعني أنها ستستغرق 10 أيام لأن السائقين لا يعملون سوي 7 ساعات مما سيضطرهم لرفع تكلفة النقلة الواحدة علي الأقل30% عن التكلفة العادية لتعويض ولو جزء صغير من الخسائر الواقعة عليهم ونتيجة لكل ذلك سترتفع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير.
وتستطرد: تعطي القوانين الأوروبية لسائقي النقل الثقيل مدة راحة 7 ساعات بعد كل 7 ساعات عمل ولكن ما يحدث هنا في مصر ليس إلا قطع لأرزاق السائقين وخسائر هائلة لأصحاب الشركات.
وتري «مصطفي» أنه علي الحكومة إذا أرادت الحد من حوادث الطرق أن تكثف الرقابة علي الطريق الصحراوي المتواجد به حارات لسير النقل ولا أحد يتبع التعليمات ويلتزم بالسير في الأماكن المخصصة، وتنظر في مشكلة الطريق الزراعي الذي يشهد حوادث كثيرة نظرا لعدم تواجد هذه الحارات في طريق حيوي علي جانبيه مزارع الخضروات والفاكهة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.