كثيرا مانشعر أن الدولة تتعامل مع مشاكلنا وكأننا شعب مصاب بالتهيؤات أو بالأدق تريد أن توحي إلينا بذلك وكأنها تريد التنصل من الاعتراف بمسئوليتها عن تلك المشاكل أو تخفي عجزها في التعامل معها ومواجهتها وإيجاد حل جذري لها. من هنا لم تعد تنتابنا أي دهشة عندما تتكرر الكوارث ربما بنفس التفاصيل ثم يخرج علينا المسئولون بنفس التبريرات الواهية والتصريحات المحفوظة والقرارات الوقتية في حماسها التي سرعان مايبتلعها الإهمال واللامبالاة والنسيان حتي تتبخر في الهواء وكأنها لم تكن. لكنها فجأة تدب فيها الحياة وتخرج من الأدراج وتسلط عليها الأضواء مع كارثة جديدة ربما تكون أكبر حجما وأخطر وقعا وأكثر فتكا بضحايا أبرياء، لامبالاة المسئولين دفعتنا رغما عنا إلي لامبالاة أو بالأصح حولتنا إلي قدريين لاحول منا ولاقوة يخرج أولادنا للمدارس نمطرهم بالدعوات ولانعرف إذا كانوا سيعودون إلينا بسلام أم نتسلمهم جثثا متفحمة. نصاب بالمرض فندخل المستشفيات ولاندري هل نتلقي علاجا نبرأ به من مرضنا أم يريحنا الراحة الأبدية .نصرف علي أبنائنا كل ما نملكه لنسلحهم بعلم ولاندري إذا كان مانفعله سينفعهم أم سينضمون لملايين غيرهم ضاعت أجمل سنين عمرهم في انتظار فرصة عمل. نودع أقاربنا علي رصيف محطة القطار وننتظر بخوف وصولهم سالمين وليسوا ضمن أسماء لضحايا ترددها نشرات الأخبار الحزينة .شبح الفزع الذي بتنا جميعا أسري له لايجعلنا نتفاءل كثيرا بقرارات بدت حاسمة للتعامل مع حوادث الطرق، لم نعد نكترث كثيرا بتشكيل لجان أو حتي تشديد عقوبة أو إعلان حالة طوارئ في كافة الوزارات، ننتظر حلا علي أرض الواقع نلمسه بأيدينا وأرواحنا التي تعبت من آلام الفقد وفزع الانتظار. لانريد للدولة التعامل معنا باستخفاف وكأننا -كما قلت سابقا - شعب مصاب بالتهيؤات. يكفيه قدر من الماء تلقيه علي وجهه بعد كل كارثة لينتفض مذعورا صارخا "حي " تماما كما يفعل حسن يوسف في الفيلم الشهير، كلنا سنغني مع إسكندريلا وسلمي صباحي: "الله حي شعبنا حي. وسع سكة لبكرة الجاي.