أؤمن بالقضاء والقدر.. لكن القضاء والقدر زادت سطوتهما كثيرا في بلادنا.. والسبب الإهمال والفساد. ولا أعرف لمن أوجه خنجر الاتهام بالإهمال والفساد، هل للشركة صاحبة العبارة السلام 98 التي راح ضحيتها أكثر من ألف نفس، أم لهيئة الأمن والسلامة التابعة للدولة، أم للنظام بأكمله الذي يسمح بالتسيب مع ضعف الرقابة واستشراء المحسوبية. ندعي أن قواعدنا هي الأكثر صرامة لكن حوادثنا هي الأكثر وقوعا.. كارثة العبارة السلام 98 ليست مجرد حادثة عبارة أخطأ ربانها مثلا.. لكن خلفها يرقد نظام اهترأت أوصاله، وتفتت معاييره، واختلط فيه الخطأ بالصواب. النتيجة لا تقع علي رؤوس الكبار الذين يخرجون بعد سنوات من العبث بأوسمة ونياشين.. الكارثة تقع علي رؤوس "الغلابة" من سكان هذا الوطن الضعفاء.. الفقر والجهل ليسا فقط اَفة هذه الأمة.. لكن اَفتها الحقيقية الفساد و"التطنيش".. وذاك نوع من أخطر أنواع الفساد.. لو يعلمون. نيام.. نيام: وأنا استمع لشرح المسئولين أمام الرئيس لحادث العبارة وتسلسل وقوعه.. تسقط دائما خمس ساعات من الزمن.. ماذا حدث فيها؟ لا أحد يعلم؟ هل من المعقول لم ترسل العبارة إشارات استغاثة طوال تلك الساعات؟! المسئولون يقولون: لا.. والعهدة علي الراوي.. لكن شهود العيان أو شهود البحر يروون حكايات أخري.. يتحدثون عن محاولات يائسة للاتصال ولاأحد يرد.. حتي أجابت سفينة أجنبية.. تري أين كان المسئولون عن الموانيء: نيام أم موتي؟! ولماذا استغرق الأمر كل تلك الساعات لدفع جهود الإنقاذ؟ المسئولون يحمون ظهورهم ومقاعدهم.. ولا يهم كثيرا حياة ألف من الناس.. الدولة ستعوضهم بثلاثين ألف جنيه.. يا بلاش! عار: فإذا كانت تفاصيل الكارثة لاتزال "في المطبخ" يعني لم نعرفها كاملة بعد.. فلماذا نعامل أهالي الضحايا بتلك القسوة؟ أم أننا أتقنا فنون القهر والعنف واللامبالاة.. يجتمع أهل الضحايا في حالة حزن وبكاء وانهيار.. لا معلومات، لا معونات، لا شيء.. قد ينفعلون، لكننا بدلا من احتضان انفعالاتهم المبررة.. نرد عليهم بكل قسوة غير مبررة.. وكأن الغضب من حق قوات الأمن فقط. وهكذا يعاني أهالي الضحايا من فقدان ذويهم ومن عنف قوات الأمن.. لماذا نزيد علي همهم هما؟! لماذا نصر أن نتصدر الخبر الأول علي وكالات الأنباء.. ليس غرق العبارة ولكن العنف ضد الأهالي وهو ما أسمته شبكة CNN "عار علي الحكومة المصرية" لماذا؟! لابد أن أحدا هناك لديه رد مقنع. الوطني: أحزاب المعارضة أعلنت عن إرسال معونات إلي الضحايا وذويهم في سفاجا.. هل يعلم الحزب الوطني أن هناك كارثة؟! أم أنه يهتم فقط بمتابعة مباريات كأس الأمم الأفريقية؟! إلي جالاوي: اعتذر! أما حكاية إيقاف النائب البريطاني المعروف بمواقفه المؤيدة للعرب والقضية الفلسطينية جورج جالاوي في مطار القاهرة.. فتبدو وكأنها كذبة ابريل جاءت مبكرة.. فلا يمكن أن يتم إيقاف بل وحبس وإهانة رجل معروف بمبادئه المؤيدة للحق الفلسطيني والإسلام، إلا إذا كنا نهوي إيذاء أنفسنا تحت مسمي "أسباب سياسية".. لقد خرج الرجل علي قناة دريم يحكي حكايته المحرجة والمؤسفة ويقول: لقد بذلت دمي من أجل قضايا العرب.. فلماذا أهان في قلب الأمة العربية وفي أكبر دولها.. ويتابع: ربما كان من الأفضل أن يقولوا لي إنهم لا يريدونني في مصر وقد سافرت علي مصر للطيران، بدلا من إهانتي بهذا الشكل! علامات التعجب في قلمي لا تكفي.. سيد جالاوي نيابة عن شعب يحترم مواقفك اعتذر. فقط نيابة عن الشعب.. ولا أملك سوي ذلك.