حملات صحفية.. شائعات فارغة.. موضوعات تخفي تحريضا بين سطورها.. وتحوي توجها متعمدا للإساءة للعلاقات بين البلدين.. هكذا فاجأتنا وسائل إعلام بعضها كبير وذو ثقل.. وجماعات متعددة فور انتهاء زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة لواشنطن.. ولعل نجاح الزيارة او خروج مصر منها بلا خسائر بل وبنجاحات سياسية واقتصادية معلومة وأخري غير معلنة اصاب المتربصين بمصر بالجنون وما أكثرهم في أمريكا.. من إعلام ممول من اللوبي الصهيوني.. وإعلام لديه تماس قوي باللوبي القطري التركي.. ومطاريد السياسة ومرتزقة الشعارات وصولا بالطبع إلي أعضاء وانصار جماعة الإخوان الإرهابية والتي تعد امريكا مركزا رئيسيا لهم.. هؤلاء جميعا مارسوا كل ضغط ممكن قبل الزيارة ليس لإفشالها فحسب.. بل وان تخرج منها مصر ورئيسها بخسائر علي كل المستويات.. أسباب حرب الإعلام والمتربصين والمطاريد علي مصر والرئيس بعد الزيارة من أوباما للمنظمات المشبوهة.. نجاحات مصرية لا تنتظر جزاء أو شكوراً ومع ظهور بوادر فشل مسعاهم ومخططهم راحوا يظهرون حقدهم الدفين وينشرون سمومهم تارة للهجوم علي مصر بملفات وادعاءات لا علاقة لها بالزيارة.. وتارة اخري بالهجوم الحاد علي رئيسها بلا مبرر او سبب مقنع وتارة ثالثة بنشر الشائعات والأخبار الكاذبة التي تثير التوتر السياسي بين البلدين. لكن المؤكد ودون ان نحتاج دليلا دامغا فان هذا الهجوم الكاسح علي مصر من وسائل اعلام متربصة بها علي طول الخط ومن سياسيين كارهين حتي أنفسهم وأعضاء وانصار جماعة مارقة لا تري الا السواد.. هجومهم هذا وبتلك الصورة يؤكد ان مصر تسير في الطريق السليم. ولعلنا هنا نحاول رصد اهم معالم الزيارة الثانية والمهمة للرئيس السيسي إلي البيت الأبيض لندرك أولا ان مصر بحق تسير في الطريق الصحيح وثانياً لنفهم أسباب التوتر والهوس الذي أصاب المتربصين. الفواتير المدفوعة »معنديش فواتير لحد علشان أدفعها أو أسددها علي حساب البلد »جملة شهيرة أعلنها الفريق أول عبد الفتاح السيسي في بداية ترشحه للرئاسة قبل حوالي خمس سنوات.. وكررها في بداية ولايته الرئاسية الأولي.. وأثبتت السنوات التالية صحة تلك المقولة.. ليس في الشأن الداخلي فقط.. إنما تحولت إلي ركيزة أساسية أيضا لسياسة مصر الخارجية طوال هذه السنوات الخمس.. والمواقف العديدة اقليميا ودوليا تجاه دول كبري وصديقة بل وشقيقة تؤكد تلك الحقيقة وان القرار المصري لا يسدد فواتير إلا لشعبه فقط. تذكرت هذه العبارة ولمعت في ذهني وأنا أتابع عن كثب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الثانية للبيت الأبيض الأمريكي ولقائه السادس مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وما شهدته وتبعها من تفاعلات عديدة خاصة بالزيارة والقمة المشتركة.. فمن ينظر الي العلاقات الثنائية الآن بين القوة العظمي الأهم في العالم والدولة الأهم والأكثر تأثيرا بالشرق الاوسط وأفريقيا.. يتحقق من ان البرجماتية السياسية والمصالح المشتركة هي الحاكم الرئيسي وربما الوحيد لتلك العلاقة والبوصلة التي توجهها دائما لوجهتها الصحيحة. وهنا وقبل أن نغوص في بعض تفاصيل الزيارة ودلالاتها أقول إنه من وجهة نظري الشخصية انني لا أؤيد ما يردده البعض كثيرا من أن »الكيميا» الخاصة التي تجمع الرئيسين السيسي وترامب هي السبب في التحسن الكبير للعلاقة بين الدولتين بعد فترة ضبابية سوداء اعترتها في عهد أوباما.. فالسياسة والعلاقات بين الدول لا تقوم أبداً علي الكيميا التي تجمع او تفرق البشر.. واري ان السبب الرئيسي لتحسن العلاقة وتطورها بشكل غير مسبوق يرجع بالطبع إلي زوال احساس الثأر الذي كان يتملك ادارة اوباما تجاه مصر 30 يونيو والرئيس السيسي لأسباب قتلناها بحثا ونشرا.. وقبل هذا السبب يرجع التطور إلي واقعية الرئيس ترامب الشديدة وتطبيقه الواضح والصريح لمبدأ التوافق والمصالح المشتركة.. فهو كرجل أعمال ناجح بعيد عن العواطف في سياساته اقرب للواقعية وحساب المكسب والخسارة في كل قراراته ومواقفه وبالتأكيد لم تخنه حساباته أبدا كرجل أعمال.. وأيضا كرئيس رغم اختلافنا الجذري مع الكثير من قراراته بل ورفضنا لها بشدة.. لكننا نتحدث واقعيا وبمصارحة وبحيادية الرصد التي تبعدنا عن سلبية او إيجابية الشعور تجاهه. نعود للزيارة ونرصد انطباعات وملاحظات مهمة حولها.. اولها وهو ما تحدثت عنه كثيرا قبل ذلك ولن أتوقف طالما ظلت بعض الأبواق تردد هراء لا معني له عن التبعية التي يؤكدون انها مازالت تحكم العلاقة بين البلدين محاولين تصدير الإحباط لنفوس المصريين وتزعزع ثقتهم في قياداتهم التي لا هم لها الا تحقيق الاستقلالية التامة لمصر وقرارها.. وهنا نشير لعدة نقاط مهمة تفند هذا الادعاء اولها : أي تبعية يتحدثون عنها وهناك هذا الكم من الخلافات بين البلدين في عدة قضايا إقليمية ودولية محورية بدءا من سوريا مرورا بليبيا واليمن والموقف من قطر وانتهاء بالقضية الأهم القضية الفلسطينية.. أليس الأولي بالتابع ان يكون علي دين متبوعه؟. وثانياً: أي تبعية ومصر 30 يونيو خرجت من أي عباءة ولا تعيش الا في عباءة الوطن والمواطن.. وراحت تتجه شرقا وغربا شمالا وجنوبا ترسخ اقدامها في كل مكان وتوطد علاقتها مع كل عاصمة لا يحكمها في هذا الا مشروعها الوطني وصالح ومستقبل شعبها.. وهو ما استوعبته جيدا ادارة ترامب بذكاء.. عكس غباء الادارة السابقة وصلفها الذي حال بينها وبين فهم الواقع المصري الجديد والتعاطي معه.. إذا وبالحقائق والوقائع حديث التبعية اصبح »مسخا وماسخا» صراحة ترامب ووضوح السيسي وإذا قلنا أن العلاقة بين البلدين بدأت مع السيسي وترامب مرحلة ملحوظة من التعاون والتنسيق المشترك وتقارب الرؤي »وليس تطابقها بالطبع».. في إطار من المصالح المشتركة.. ولنأخذ هنا دليلا قويا من طبائع شخصيتي رئيسي البلدين.. فترامب الذي يعرف عنه فظاظة الطبع وصراحته التي تنافي تماما دبلوماسية منصبه والتي تدفعه للهجوم العلني علي الدول المختلفة مع امريكا بل وحتي القدح والتجريح في قادة دول حليفة لها لمجرد ثمة تعارض مصالح مع تلك الدول وقادتها.. وهجومه الواضح العنيف علي معارضيه بأمريكا بما فيهم رؤساء سابقون.. نجده عكس ذلك تماما مع الرئيس السيسي.. وكلامه الذي يقوله عن قناعته التي تحكم ادارته وعمله وليس من قبيل الدبلوماسية او المجاملة التي لا يعرفها احد عنه.. وهو الكلام الذي يتكرر في كل لقاء بينهما.. لكن هذه المرة المديح زادت جرعته ليصفه بالرئيس العظيم والذي يقوم بعمل عظيم علي مرأي ومسمع من الجميع. والرئيس عبد الفتاح السيسي رغم ان سياسته هادئة وليست تصادمية او بها تجاوز بحق احد.. لكن هذا لا يمنعه أبداً من ممارسة صدقه وكبريائه الوطني »وليس الشخصي» بعدم التواصل مطلقا مع من لا يقتنع ببلده ونهضته او يضر بمصالحه.. حتي ولو كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها فهذا كان موقفه من امريكا أيام حكم اوباما وادارته ردا علي موقفهم من مصر.. ولو استمروا علي موقفهم ما تنازل هو عن موقفه. إذن فالعلاقة الثنائية تتطور بالفعل ولا تحتمل تأويلات الإعلام وتحريض وتزييف جماعات الشر. وهنا وبمناسبة الحديث عن العلاقات الثنائية.. وربطها بعلاقات مصر التي أصبحت راسخة ومتميزة تقريبا مع اغلب القوي العظمي حول العالم.. فقد نجحت مصر في ترسيخ القاعدة المهمة في السياسة الدولية بأنه ليس من الضروري ان يكون شرط نجاح علاقاتها بدولة او قوة عظمي علي حساب علاقتها بأخري.. والدليل علاقتنا المتميزة مع الصين واليابان وأمريكا وروسيا والهند وكل الدول الأوربية. الحقائق والشائعات نصل لمحطة مهمة في حديثنا عن الزيارة.. ألا وهي كم الشائعات والأكاذيب التي أطلقت حولها.. والحقائق والوقائع التي فندت تلك الأكاذيب.. بدءا من الشائعة الكبري حول ان الرئيس السيسي توجه لتمرير التعديلات الدستورية.. ولا ادري إذا كان هذا هدفه فهل من المنطق ان يسافر والتعديلات في مراحلها النهائية ؟!!.. ثم إن الزيارة جاءت بدعوة من الرئيس ترامب وليس طلبا من الرئيس السيسي. دعنا من كل هذا.. ولنفترض ان كلامنا مرسل.. ماذا يقول هؤلاء عن رد ترامب علي سؤال التعديلات الدستورية، السؤال والرد يؤكد كلامنا.. فقد تم توجيه السؤال بطريقة حاولت احراج ترامب وتأكيد الشائعة.. وجاء رد الرئيس الأمريكي ذكيا وواضحا وبلا مواربة »لا اعلم عنها شيئا والسيسي يقوم بعمل عظيم» هل بعد هذا الرد من كلام. الشائعة الثانية ان امريكا دعت الرئيس لتنهي معه ما يسمي بصفقة القرن والتي تشبه حتي الان »فنكوش عادل إمام».. لكن في كل لقاءات الرئيس والبيانات الصحفية الصادرة كان من الأولي ان تتجاهل الحديث عن القضية الفلسطينية او ذكرها بمرور الكرام اذا كان هناك ما تم تدبيره او تغيير كبير سيحدث علي الارض.. لكن الرئيس اكد بوضوح ثبات الموقف المصري القائم علي أهمية التوصل لحل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وتحقيق السلام علي أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية, وإقامة الدولة الفلسطينية علي حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية.. وهنا يجب أن نشير إلي ان مصر لم تغير موقفها هذا من القضية الفلسطينية حتي في حالات ضعفها.. فهل من المنطقي ان تغير ثوابت أمنها القومي وهي تسعي لبناء الدولة القوية القائدة والرائدة في محيطها العربي والأفريقي.. وهل يعقل ان ترضي مصر بحل يمس ذرة تراب من ارضها او ينال من حقوق الفلسطينيين وهو ما يعد من اهم ثوابتها منذ اندلاع الصراع العربي الاسرائيلي.. نستثني من ذلك بالطبع عام حكم الأخوان. نقاط التقاء ولعل الزيارة قد شهدت الكثير من نقاط الالتقاء والاتفاق والإشادة بين الجانبين.. فالرئيس السيسي وجه الشكر إلي الرئيس الأمريكي كونه السبب في ان تصل العلاقات الثنائية بين البلدين إلي مرحلة غير مسبوقة علي حد تعبير الرئيس من التنسيق والتعاون المشترك.. بجانب اشادة الرئيس بالتعاون الاقتصادي الكبير وضخ استثمارات أمريكية في كافة الأنشطة الاقتصادية بمصر. أما الرئيس الأمريكي فقد اعرب عن امتنانه الشديد لمصر لعدة أسباب قوية تستحق اكثر من هذا الامتنان.. اولها بالطبع نجاح مصر الكبير في حربها علي الإرهاب والذي لا يحمي الشعب المصري وحده.. إنما يحمي دول العالم كلها من ناره وفي مقدمتها امريكا الهدف الأول للمتطرفين حول العالم.. وثانياً الخطوات الواسعة التي قطعتها مصر في مجال التسامح الديني بدءا من التطبيق الحقيقي للدولة المدنية مرورا بالحفاظ علي ارواح جميع المصريين أقباطا ومسلمين.. وقوفا بحرصها علي ان تثأر وبشكل سريع لكل جريمة ارهابية تمس أقباط مصر وصولا لدرة تاج التسامح الديني والمساواة المصرية والتي تجسدت في افتتاح أكبر كنيسة ومسجد بالعاصمة الادارية. بالطبع مصر تفعل كل هذا ولا تنتظر من احد كائنا من كان جزاء ولا شكورا.. لكنها بالفعل تستحق احترام العالم كله وليس ترامب فقط علي تلك الخطوات الواسعة في هذا الملف.. فهل نسي الجميع الحرب الشعواء التي كانت تتفجر في وجه مصر بين الحين والآخر من بعض الدول والمنظمات المشبوهة بحجة حقوق الأقباط الذين كانوا يصفونهم بالأقلية ولعل كلمة باراك أوباما في جامعة القاهرة لاتزال عالقة في أذهاننا جميعا !! فيجب ألا يمر جهدها الملموس في ملف التسامح الديني دون الإشادة به وإلا كنا امام حالة واضحة من التربص والترصد بمصر خاصة من المنظمات المشبوهة. وهناك ملف الإصلاح الاقتصادي الذي خطت فيه مصر خطوات واسعة للأمام وحققت نجاحات لاينكرها الا جاحد او مغرض.. وهي محل تقدير من القوي الاقتصادية الأولي في العالم.. ولعلنا ندرك أن الأمريكان من أول المستفيدين من نجاح الإصلاح الاقتصادي المصري ولنتتبع الزيادة في حجم الاستثمارات الأمريكية بالمشروعات المصرية خاصة العملاقة وآخرها جنرال الكتريك وصفقة القطارات الحديثة وزيادة الاستثمارات والمشاركة في النهضة الاقتصادية المصرية كانت علي مائدة الحوار.. وللعلم فإن الإصلاح الاقتصادي نجح وينجح بجهد مصري خالص دون دعم او مساندة من احد ولا توجد لدينا فواتير نسددها أيضا في هذا الملف. مصر حاضرة وفي قلب العاصمة الأمريكيةواشنطن.. وأمام البيت الحكم الأهم في العالم.. لا تشعر بغربة أبداً.. فها هي الوجوه الطيبة والابتسامة المصرية التي لا تخطئها أبداً.. هاهو الود والبشاشة وخفة الظل والضحكة الصافية.. وجوه لا تعرفها لكنها أيضا ليست غريبة عنك وكأنهم اهلك.. الألف حضروا من كافة الولاياتالأمريكية إلي قلب واشنطن لمساندة بلدهم والترحيب برئيسها ودعمه.. تلك الأصوات الصادقة المخلصة غطت تماما علي أصوات متربصة كارهة لنفسها قبل ان تكون حاقدة علي بلدنا.. أصوات متناثرة هزيلة حاولت التجمع لتشويه زيارة الرئيس.. لكنها خبت تماما امام اناشيد الوطنية المخلصة لابناء الجالية المصرية.. لترتفع اعلام مصر امام البيت الأبيض وتحل الأغاني الوطنية بأصوات ابنائنا المغتربين في بلاد العم سام والتي لم تتوقف طوال أيام الزيارة.