الدعوة لمقاطعة المستهلكين للسلع التي ترتفع اسعارها هي دعوة مفيدة بالتأكيد لانها ستجبر التجار علي مراجعة هده الأسعار وتخفيضها، خاصة وان هؤلاء يحصلون علي هامش ربح كبير وضخم ولن يضيرهم تخفيض الأسعار !.. وفي كل البلاد التي عرفت اقتصاد السوق لجأ المستهلكون فيها إلي تنظيم حملات ناجحة لبعض السلع التي ارتفعت اسعارها بشكل مغالي فيه، ونجحت هده الحملات في اجبار التجار علي تخفيض اسعارها.. وفي مصر ذاع صيت بعض حملات المقاطعة مؤخرا، مثل حملة مقاطعة شراء السيارات، والتي ترفع شعار (خليها تصدي)، وحملة (خليها تحمض) لمقاطعة شراء عدد من السلع الغذائية التي ارتفعت اسعارها بشكل مغالي فيه ايضا.. وقد احرزت هذه الحملات بعض النجاح يمكن رصده في ردود الأفعال الغاضبة للتجار والموزعين والوكلاء.. وايضاً هناك توقف عن الشراء بدون حملات للمقاطعة لبعض السلع شهدتها البلاد خلال السنتين الاخيرتين، كرد فعل طبيعي ومتوقع لارتفاع معدل التضخم، خاصة في أعقاب تعويم الجنيه والذي اضطرت معه العديد من الأسر إلي تخفيض استهلاكها من السلع والخدمات لتوازن ميزانياتها، ولعل ذلك كان السبب المباشر لانخفاض اسعار اللحوم في العديد من الاسواق والأغلب ان حملات المقاطعة سوف تكتسب زخما اكبر خلال الفترة المقبلة بعد ان حث الرئيس السيسي الناس علي عدم شراء السلع التي ترتفع اسعارها، لاجبار التجار علي تخفيض هذه الأسعار.. وقد يستفيد الناس من خبرات الماضي، والتي أكدت لهم ان التجار يتربصون بكل زيادة في اجور الموظفين والعاملين، ودوما جاهزين لالتهام هذه الزيادات ! غير ان نجاح حملات المقاطعة مرهون اولا بوجود تنظيمات وجمعيات لحماية المستهلك قادرة علي تنظيم هده الحملات وتحديد الفترة الملائمة لاستمرارها، بما لا يضر بالمستهلكين والاقتصاد القومي.. وهذا امر نحن مازلنا نحتاجه رغم مالدينا من هذه الجمعيات.. اي مازلنا نحتاج لتفعيل جمعيات حماية المستهلك بما يؤهلها للقيام بهذا الدور، مع الدور الخاص الاخر الذي يقتصر علي حماية المستهلك من الغش، وتوفير حقه في إرجاع او استبدال السلعة، كذلك نجاح حملات المقاطعة مرهون ايضا بتفعيل آليات اقتصاد السوق، وعلي رأسها آليات العرض والطلب.. أي تطهير الاقتصاد من كل وأي احتكارات تعطل عمل هذه الآلية، او تجعل عملها قاصرا علي رفع الأسعار كلما زاد الطلب عن المعروض.. اما اذا قل الطلب عن المعروض لا تنخفض الأسعار.. وهذه هي مسئولية الحكومة ودورها الحقيقي في ضبط الأسواق.