كان الدكتور أبوالوفا التفتازاني أستاذا للفلسفة الإسلامية في جامعة القاهرة وتولي منصب شيخ مشايخ الطرق الصوفية. كان أستاذا مستنيرا، متعمقا للفلسفة الإسلامية وكان يري أن التصوف الإسلامي يمثل روحانية الإسلام الصافية، في مواجهة المذاهب المادية التي تقرر أنه ليس في العالم إلا المادة وقوانين تطورها. وما أكثر ما التقيت به، وما أكثر الحوارات التي أجريتها معه حول التصوف الإسلامي ما له وما عليه، وكان يحدثني عن حركات الإصلاح في العالم الإسلامي، وزعماء هذه الحركات، وكان من رأيه أن هذه الحركات الإصلاحية تنطوي علي فكر إسلامي له طابع فلسفي أحيانا، والفكر الإسلامي الحديث والمعاصر هو ثمرة لجهود هؤلاء المصلحين وغيرهم. وكان يقول لي: وفي تصوري أن الاحتكاك المستمر من الإسلام وفلسفات العصر كالماركسية والوضعية والبرجماتية والوجودية سيعمل مع الوقت علي إبراز فلسفة إسلامية معاصرة تنفتح علي كل الآراء ولكنها لا تفقد أصالتها وارتباطها الوثيق بالإسلام وتراثه الحضاري، وستلبي الاحتياجات العقلية والروحية للمسلمين في مواجهة التحديات الفكرية التي تواجههم. وكان يقول: صحيح لم يظهر في العصر الحديث من يمكن أن يُطلق عليه (فيلسوف مسلم) بالمعني الدقيق للكلمة، ولكن هناك من مفكري الإسلام في العصر الحديث من قدم لنا فكرا إسلاميا متميزا يتجه إلي النهوض بالمجتمعات الإسلامية، وتحقيق تقدمها في شتي المجالات. وكان يري رحمه الله أن التصوف يرتبط بجهاد النفس وجهاد الأعداء معا، وكلا الأمرين مشار إليه في قوله تعالي: »والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وأن الله مع المحسنين».. وخلاصة ما قاله لي: إن الصوفية هم السالكون لطريق الله، من أجل الوصول إلي ما عند الله من مثوبة وغفران، والوصول إلي كل ما يقربهم إليه تعالي..