يري الاسلام أن التربية الأخلاقية.. لا تكون إلا مع القدوة الحسنة في كل موقع عمل.. ولايغيب عن بالنا أن ما يصلح في المجتمعات الغربية من مبادئ لا يكون بالضرورة صالحا للمجتمعات العربية والإسلامية، كما أن مذاهب التربية اجتهادات قابلة للخطأ والصواب، ومن ثم فليس لها صفة الحقائق الثابتة.. فكل أمة لها عقائدها وفلسفاتها لا يجوز للمجتمعات العربية والاسلامية ان تستورد فلسفات تربوية هي نتاج بيئتها وعصرها، والمجتمع الغربي ليس بالضرورة مثالا يحتذي لكل المجتمعات الانسانية.. وقد تتجاوز البشرية حضارة الغرب إلي نوع أفضل تضم خير ما في تلك الحضارة وتقيم التوازن بين الجانب الروحي والجانب المادي، وهنا يبرز الدور الذي يجب ان يقوم به المسلمون في هذا العصر انطلاقا من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ليحققوا أمل البشرية في مستقبل أفضل، وقد أمر الله سبحانه وتعالي النبي محمداً نفسه صلي الله عليه وسلم بالاقتداء بالرسل والانبياء السابقين في قوله تعالي: «أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده».. سورة الانعام آية 90 وأمرنا الله سبحانه وتعالي بالاقتداء برسول الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في قوله: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».. سورة الأحزاب آية 21. ولابد من جهاد النفس لترسيخ قيم الإسلام فيها.. والتربية عن كونها حمل النفس علي سلوك معين، لابد من تعويد الشباب والفتيات علي فضيلة الكف الإرادي عن الشهوات لبناء شخصيته، لذلك لا أخلاق بدون مجاهدة نفسية. والتربية كلها يشار إليها في قوله تعالي : «وأما من خاف مقام ربه، ونهي النفس عن الهوي، فإن الجنة هي المأوي».. سورة النازعات آية 40. ولا تخرج عبادات الاسلام من طهارة وصوم وصلاة وزكاة وحج عن كونها حمل النفس علي خلاف هواها.. وهذا هو هدف العبادات إظهاراً لعبودية الانسان لله سبحانه وتعالي، يقول الله عز وجل: «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع المحسنين».. سورة العنبكوت آية 69. وللعادة دور عظيم في تربية النشء، لهذا أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم ان نأمر أولادنا بالصلاة وهم في سن السابعة مع أنهم لم يكلفوا بعد، وأن نعاقبهم علي تركها في سن العاشرة، وما ذلك إلا لبيان أهمية التعود بالنشء في التربية. ويشير د. أبوالوفا التفتازاني، «المرجع السابق» إلي أن الطفل لو نشأ في جو ديني، ووجد أهله يتدبرون القرآن الكريم، يصلون، ويصومون، ويؤدون الزكاة، ويقيمون حياتهم علي أحكام الاسلام وآدابه، لتعلق قلبه بالاسلام والعكس صحيح، فإذا تركنا الطفل بلا توجيه في بيئة لا تتقيد بأحكام الاسلام وآدابه، ثم شكونا بعد ذلك من انحرافه، نكون بإزاء تناقض صارخ، وإلا فمن أين يجد الطفل أنوار الهداية اذا كان كل ما حوله ظلاما والحديث موصول.